ماذا بعد ضم أراضي الضفة الغربية ،وخلط نتنياهو للأوراق..؟!

تابعنا على:   16:46 2020-06-20

د. محمد أبو سمره

أمد/ ـــ المقدمة :

بعد 83 عامًا على طرح مشروع تقسيم أرض فلسطين التاريخية إلى دولتين ، واحدة يهودية تقوم على 51% من الأرض الفلسطينية ، ودولة عربية فلسطينية تقوم على قرابة 49% ، تعمل الدولة العبرية عن قصدٍ وبصرامة وتحدٍ للقانون الدولي ، ولكافة مقررات الأمم المتحدة ، لدفنها والتخلص منها تماماً ، وذلك عبر ضم أجزاء إستراتيجية ورئيسة من الضفة الغربية ، سواء تم ضم في هذه المرحلة المستوطنات والكتل والطرق الإستطيانية فقط ، والتي تبلغ نسبتها ، 17٪ ، أو ضمها مع منطقة الأغوار ووادي الأردن ، وشمال البحر الميت ، والتي تبلغ مساحتها  30٪ من أراضي الضفة الغربية ، أي مامجموعه بالكامل 47%  ، وذلك وفق خطة ترامب ، التي أسماها ( صفقة القرن ) ، وهذا يعني أن الدولة العبرية تدمر فعليًا خيار الدولتين ، وتقضي للأبد على أي أمل أو حلم أو إحتمال إقامة دولة فلسطينية .

وقد تنجح خطة الضم ، وقد لاتنجح ، خصوصاً في ظل الإرتباك والتردد والقلق الذي تعيش في ظلاله حكومة العدو ، وترقُّب جميع الأطراف في الدولة العبرية للسيناريوهات المتوقعة ، عقب تنفي خطة الضم بشكلٍ كلي أو جزئي ..

ـــ السيناريوهات وردود الفعل المتوقعة :

في هذا السياق ـتساءلت صحيفة ( هآرتس ) العبرية الصادرة يوم الإثنين 15/6/2020: ( كيف يمكن أن يؤدي الضم الإسرائيلي إلى اندلاع حرب متعددة الجبهات خلال أسابيع ) ، وقالت ( تقف إسرائيل أمام واحدة من أصعب الفترات التي عرفتها على الإطلاق، من أزمة اقتصادية بسبب كورونا ، إلى هجوم نتنياهو على سيادة القانون. لكن خطته للضم يمكن أن تقودنا إلى شفا الحرب ، وما بعدها)..!! ، وأكد كبار المسؤولين في وزارة الحرب الصهيونية ، للصحيفة العبرية ، أنَّ : ( الحكومة تخفي تفاصيل الضم وتجعل من الصعب علينا الاستعداد في هذه المرحلة) ، ونقلت ( هآرتس) عن مسؤولين أمنيين صهاينة كبار ، حضروا مناقشات أمنية مغلقة ، قولهم : (لا يقدِّم المستوى السياسي أية تفاصيل حول الضم المخطط له في الضفة الغربية ، مما يجعل من الصعب على النظام الاستعداد لهذه الخطوة) ، وأوضحوا أنَّ ( الأجهزة والمؤسسة الأمنية ​​بالفعل حددت رداً على الأرض بعد ضم المستوطنات ، وإنَّ تفاصيل الخطة وجداول تنفيذها ضرورية للجيش ، والشاباك ، والشرطة وغيرها من الهيئات حتى يتمكنوا من التصرف على الفور، بينما الجيش يرفض اتخاذ موقف علني من الضم ). وكشفت ( هآرتس ) ، أنَّ المسؤولين الأمنيين الكبار في المحادثات المغلقة ، أوضحوا أنَّ : ( التهديد الرئيس الذي يواجهه الجيش في السنوات القادمة هو في الساحة الشمالية، كما أنَّهم قلقون بشأن الآثار المترتبة على ضم الضفة الغربية والعلاقات مع الأردن ومصر وقطر ودول الشرق الأوسط الأخرى.( وأضافت ( هآرتس ) : ( في هذه المرحلة ، يستعد الجيش الإسرائيلي لآثار الضم وفقاً للخطط التي تم إعدادها خلال فترات اعتبرت حساسة سياسياً في الماضي ، وتشمل هذه الخطط التصعيد في الضفة الغربية وقطاعات أخرى. ويستعد الجيش لإجراء تدريبات مفاجئة لتجنيد جنود الاحتياط من خلال أنظمة جديدة ، من أجل اختبار قدرة قوات الجيش على الانتقال من الروتين إلى الطوارئ في وقتٍ قصير) ، وأوضحت الصحيفة العبرية : ( وفقًا لتقديرات المخابرات ، إذا تم تنفيذ الضم بالفعل ، فستشعر حماس بأنَّها مضطرة للرد، وتشير التقديرات إلى أنَّ الحركة سترسل شعبها مرة أخرى لمواجهة قوات الأمن في منطقة السياج المحيط ، كما أنَّه لا توجد إمكانية لتصعيد واسع النطاق في غزة في حالة حدوث نزاعات شديدة في الضفة الغربية، ، بينما تعتقد وزارة الجيش أنَّ حماس ليست مهتمة بالتصعيد). في المقابل ، قالت صحيفة ( يديعوت أحرونوت ) العبرية ، الصادرة يوم الإثنين 15/6/2020، أنَّ : ( الضم يجب أن يؤجل ، مع تركيز ترامب على الاضطرابات الداخلية في الولايات المتحدة، بينما ما زالت آثار الخراب الناجم عن فيروس كورونا حولنا، من الأفضل أن يؤجل رئيس الوزراء خططه لإنقاذ إسرائيل من كارثة اقتصادية وأمنية محققة ) .

واعتبر المراسل العسكري لـــــ ( القناة 12 ) العبرية  ، مساء يوم الإثنين 15/6/2020أنَّ : ( السر المحفوظ للدولة هو خرائط الضم، والتي كما يبدو أنها معروفة فقط لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقليل من المقربين ، وأنَّ المؤسسة الأمنية لا تعرف بالخرائط، مما يجبرها على الذهاب نحو عدة سيناريوهات بشكل متقابل) ، وقال المراسل العسكري في القناة العبرية : ( يجب التشديد على أنَّ المؤسسة الأمنية في ذروة الاستعدادات للإعلان عن الضم، وإسم الخطة في الجيش هو "فجر الجبال". ) ، وكشف أن َّ الجيش الصهيوني : ( أعدَّ وثيقة سرية عنوانها  "الاستعدادات لخطوات إسرائيلية أحادية الجانب في الضفة الغربية"، والتي تمهِّد للتدهور والتصعيد في أعقاب مسودة ترامب، والخطة هي في الواقع "عرض لكل السيناريوهات الممكنة والمحتملة التي يجب الاستعداد لها، من الحفاظ على الوضع القائم، إلى موجة "إرهاب" وعمليات وصولاً إلى انتفاضة شاملة"، وبحسب حجم وقوة الأحداث، سيتقرر عدد الكتائب التي ستُرسل إلى الضفة الغربية وإلى غزة ) ، وأوضح أنَّ : ( الوثيقة تحلل تأثير الضم على غزة والأردن ، وكيف سيرد الملك عبد الله، وقف إتفاق الغاز، وتقليص التنسيق الأمني، وهل حماس ستنضم إلى تنفيذ عمليات وإطلاق نار على الجنوب، وصولاً إلى محاولة السيطرة على الضفة الغربية ) ، وقال المراسل العسكري لـلقناة العبرية: (  في الوقت الذي تقود فيه الحكومة الإسرائيلية خطوة الضم بدءاً من أول تموز/ يوليو المقبل ، فلا أحد يعرف ما هي مسودة ترامب، ورئيس الحكومة لا يشارك الأمر مع وزير الأمن، والجيش لا يعرف ماذا سيحصل، ولم تعرض على أحد خريطة ولا جداول زمنية للقرار، ولا يوجد تركيز للجيش لماذا يجب أن يستعد؟، لذلك لا خيار أمامهم سوى الاستعداد لمجموعة كبيرة جداً من الإحتمالات) .

وبالتزامن مع التطورات الدراماتيكية ، واستعداداً للأحداث المتوقعة عقب تنفيذ خطة الضم ، كشفت (القناة العبرية السابعة)  عن تشكيل الجيش الصهيوني ، لـــــ ( وحدة حوَّامات مُسيَّرة جديدة ـتتبع لوحدة 9900 ) ، التابعة للاستخبارات العسكرية الصهيونية ، وهي المسؤولة عن جمع المعلومات الإستخبارية الجغرافية البصرية ، وستكون وحدة  الحوامات الجديدة مسؤولة عن جمع المعلومات الإستخبارية الدقيقة من خلال تزويد هذه الحوامات بتقنيات تكنولوجية متقدمة.

ـــ مستقبل العلاقة والإتفاقيات مع الأردن :

خشيةً من تضرر العلاقات مع الأردن ، فهناك إحتمال ـــــ ولو ضعيف ـــــــ أن يتم تأجيل ضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت في الوقت الحالي  ، بسبب الموقف المتشدد من الملك عبد الله الثاني ، الذي باشر بحملة إتصالات أوروبية وغربية وعالمية طالت أعضاء الكونغرس من الجمهورين المحسوبين على ( الأيباك ) الداعمين للكيان الصهيوني ، والذين باتوا يطالبون بدورهم وقف عملية الضم ، والعودة إلى الحوار والمفاوضات ، أو على الأقل تأجيل أي أفعال يمكنها أن تؤدي إلى تفجير الموقف ، وخصوصاً أنَّ الملك عبد الله يتحدث يومياٍ مع الأوروبيين منذراً ومحذراً ، وهم يعون تماماً أنه جاد ولا يناور ، بل حتى أنَّه رفض الرد على الإتصال الهاتفي لنتنياهو ، والموقف الأردني المتصلب يعتبر الآن عاملاً مهماً لتعزيز الرفض الأوروبي والدولي .

ـــ عوائق لوجيستية وإدارية وفنية :

نقلت ( القناة 12) العبرية ، عن ضباط كبار في الجيش الصهيوني ، قولهم خلال لقائهم مع وزير الجيش بيني غانتس ، أنَّ : (تطبيق قرار ضم الأغوار ومستوطنات الضفة الغربية قد يستغرق عدة أشهر، وإن تطبيق قرار الضم يحتاج أسابيع لتطبيقه على يد الجيش، وذلك من اللحظة التي يُصدِر فيها المستوى السياسي قراره بالضم، بينما سيستغرق تطبيق القرار أشهراً على المستوى المدني، والقرار يحمل في طياته الكثير من المسائل المعقدة، من بينها الأراضي الفلسطينية المُصادرة بقرار من قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة ، ووضعها القانوني بعد الضم، ومسألة امتلاك فلسطينيين من نابلس ورام  الله والخليل وغيرها أراضي في الأغوار يصلونها يومياً ، فكيف سيكون حالهم إذا ما تم الضم،  وما هي آلية التعامل معهم، وقضية الكتل الاستيطانية ، وتغيير مسار جدار الضم ، وما يرافق هذا الأمر من دعاوى قضائية ) .

وكشف المراسل والخبير العسكري الصهيوني باراك رافيد، لموقع ( newsisrael13 ) ، يوم الجمعة 19/6/2020 ، أنَّ : ( كبار المسؤولين في الجيش ، قالوا خلال جلسات الاستماع مع وزير الدفاع بيني غانتس ، بأنَّه بمجرد أن يقرر المستوى السياسي تنفيذ خطوة الضم في الضفة الغربية ، سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى عدة أسابيع للاستعدادات الأمنية وعدة أشهر لإعداد المدنيين ) ، بينما قال غانتس ( كانت هناك أكثر من 20 ساعة من المناقشات مع رؤساء مؤسسة الدفاع حول آثار عملية الضم، وشدد كبار المسؤولين في الجيش خلال المناقشات على أنهم بعد قرار سياسي ، سيحتاجون إلى عدة أسابيع لتجنيد وتعزيز ونشر القوات والمزيد من الاستعدادات في الميدان ، والأكثر تعقيدًا هو الاستعدادات المدنية للضم ، والتي تتطلب عمل موظفين قد يستغرق شهورًا) ، ونقل باراك رافيد عن كبار المسؤولين في وزارة الجيش ، قولهم بأنَّ : ( بعض المستوطنات المقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة تم الاستيلاء عليها بموجب أوامر عسكرية ، وعملية ضمها ستكون بموجب القانون الإسرائيلي ، إلاَّ أنَّه ليس من الواضح ما هو وضع ملكية الأرض ) ، وتابع رافيد نقلاً عن كبار الجنرالات توضيحهم وشرحهم لعمق المشكلة : ( فيما لوكان هناك ضم لوادي الأردن ، فستكون الأمور أكثر تعقيدًا ،  وعلى سبيل المثال ، يمتلك الفلسطينيون الذين يعيشون في نابلس أو رام الله والخليل أراضٍ زراعية في وادي الأردن ، ينتقلون اليوم إلى هذه المناطق دون مشكلة ، ولكن إذا تم ضم هذه المناطق في وادي الأردن ، فمن غير الواضح ما إذا كان هؤلاء الفلسطينيون سيتمكنون من الوصول إلى مناطقهم الزراعية ) ، وأضاف رابيد قائلاً : ( أخبرني كبار المسؤولين ، أنَّ هذه مجرد أمثلة صغيرة قليلة ، وهناك عشرات أو مئات من القضايا المدنية الإشكالية التي ستظهر عندما يبدأون للتو في التفكير في الضم، كل من هذه القضايا تحتاج إلى صياغة السياسة واتخاذ القرارات لأسابيع ) ، وأوضح  : ( هذا الأسبوع ، ستستمر المناقشات بين نتنياهو وغانتس وأشكنازي في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول طبيعة عملية الضم ، والمسافة بين الجانبين لا تزال كبيرة، ويُقدَّر الليكود وكبار المسؤولين  أنَّ هناك ثلاثة أسابيع متبقية للتوصل إلى حل وسط بشأن مسألة الضم ، قبل أن تتسبب القضية في أزمة إئتلافية كبيرة ، سيكون هذا الأسبوع القادم حاسمًا لمعرفة إلى أين تتجه هذه المحادثات ، وما إذا كانت الأطراف تقترب أو وصلت إلى طريق مسدود) .

ـــ تنفيذ صفقة تبادل الأسرى لخلط الأوراق !!..

يعتبر نتنياهو واليمين الصهيوني مشروع الضم لمساحة 42% من الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني ، الإنجاز الأكبر لهما ، لكن تنفيذه يواجه معارضة ورفض عربي وأوروبي ودولي ، بالإضافة إلى تراجع حماسة الإدارة الأميركية لتنفيذه بسبب انشغالها بالمشاكل الداخلية للولايات المتحدة ، ومقابل ذلك فإنَّ حكومة نتنيناهو لا تريد انهيار السلطة الفلسطينية ، ولا ترغب بخوض حرب جديدة مع حماس في غزة ، أو مع حزب الله في لبنان . ولذلك من المحتمل أن تقنع قيادة المنظومة الأمنية الصهيونية ، نتنياهو بتنفيذ صفقة تبادل الأسرى ، مع حركة حماس ، بالتزامن مع البدء بتنفيذ عملية الضم للمنطقة ( ج) في الضفة الغربية والأغوار وشمال البحر الميت ، على أن تشمل إطلاق القياديان مروان البرغوثي وأحمد سعدات ، وفيما لم عقد نتنياهو في هذه الأوقات صفقة التبادل مع حركة حماس ، فسينجح في خلط الأوراق في الساحة الفلسطينية ، وخلق مشهدية متناقضة بين احتفالات شعبية فلسطينية بعودة الأسرى المحررين ، بالتزامن مع تنفيذ عملية الضم للأراضي في الضفة الغربية ، وربمايكون هذا من أفضل الخيارات الخبيثة لحكومة العدو ،  والأخطر على المستوى الفلسطيني ، وخصوصاً أنَّ ردة الفعل المتوقعة في قطاع غزة على تنفيذ خطة الضم ستكون ضعيفة ومحدودة ومختلفة عنها في الضفة ، وسيسعى نتنياهو لتوظيف تنفيذه صفقة تبادل الأسرى في هذا الوقت بالذات ، من أجل تعزيز الانقسام الفلسطيني بين الضفة وغزة وفتح وحماس ، بينما ستعتبر حماس صفقة التبادل إنجازاً مهماً ، خاصة لو شملت اطلاق سراح القياديين مروان البرغوثي وأحمد سعدات ( أمين عام الجبهة الشعبية ) ، بالتزامن مع بدء إشتعال الغليان الشعبي في القدس المحتلة والضفة الغربية لمواجهة مشروع سلخ الأراضي وضمها إلى دولة الكيان ، وتشجيع حركة فتح والسلطة الوطنية لكافة أشكال المقاومة الشعبية ومقاطعة بضائع وسلطات الاحتلال ، وتحريك وقيادة الشارع ، بينما سيشهد قطاع غزة ، وبعض المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية احتفالات فلسطينية باطلاق سراح الأسرى ، وحينها سيظهر كم هو حجم التناقض والتباعد بين الموقفين ، والفريقين ..!!

ونقلت صحيفة ( إسرائيل اليوم ) العبرية الصادرة يوم الجمعة 19/6/2020، عن مصادر مطلعة على  المفاوضات الدائرة مع حماس بشأن ابرام صفقة تبادل الأسرى ، تحذيرها من : ( ضياع فرصة استغلال النافذة النادرة لتحقيق تقدم في مباحثات الصفقة ) ، وأوضحت هذه المصادر أنَّ : ( حماس مهتمة بالاتفاق وترغب في إبرام الصفقة،  ولكن السبب في عرقلة تقدم المباحثات يرجع بشكل رئيسي إلى الجانب الإسرائيلي ، وتتحمل إسرائيل مسؤولية عدم التقدم في مساعي الصفقة لسببين رئيسين، وهما عدم اهتمام وإصغاء القيادة السياسية العليا التي من المفترض أن تقود عمليات صنع القرار في هذه القضية، إضافة إلى غياب قوة تأثير منسق الأسرى والمفقودين يارون بلوم على المسؤولين وأصحاب صنع القرار) ، وأضافت المصادر أنَّ : ( الذي يملأ الفراغ الذي يخلفه بلوم في مساعي صفقة الأسرى شخص مسؤول كبير في جهاز "الشاباك" يدعى باسم "المعقل" ، وتم انتدابه حالياً ليشغل منصب رفيع في هيئة الأمن القومي، وهو مقرب جداً من رئيس الحكومة ورئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات. ويشغل ذلك المسؤول الملقب بــ " المعقل " رئيس قسم الشرق الأوسط والعلاقات الخاصة ، وكذلك العلاقات السرية بين إسرائيل والدول العربية، حيث أنه يمتلك تاريخًا كبيرًا في جهاز الشاباك ولديه معرفة عميقة بالساحة الفلسطينية والمصرية، ويتحدث اللغة العربية بطلاقة ) ، وكشفت المصادر للصحيفة ، بأنَّ : ( "المعقل" أصبح العامل المركزي في جهود التفاهمات الدائرة مع حماس ، بما في ذلك مباحثات إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة، حيث أصبح مفتاح إبرام الصفقة بيد هذا الشخص "المعقل (" ، وأضافت المصادر بأنَّ : ( مستوى استجابة وإنصات متخذي القرار في إسرائيل ضعيف جداً، حيث أنَّ رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الجيش غانتس مشغولان بشكل أساس في أزمة الكورونا والأزمة الاقتصادية إضافة إلى مشروع خطة الضم ، في حين أنَّ حماس تبدو أكثر جدية من إسرائيل في إحراز تقدم في هذا الملف) ، وأكدت الصحيفة العبرية ، أنَّ : ( جهات دولية مختلفة مثل ألمانيا والأمم المتحدة ضالعة في المفاوضات لإحراز تقدم في هذا الملف، ولكن تبقى مصر الوسيط المركزي بسبب علاقاتها العميقة مع غزة ومدى تأثيرها على قيادة حماس ).

ـــ احتمالات فشل أو تأجيل أو تجزئة عملية الضم :

من الأسباب التي ربما تتسبب في فشل عملية الضم ــ كلياً او جزئياً ــ مايلي :

1ــــ إصرار الولايات المتحدة على تنفيذ خطة ترامب ( صفقة القرن ) ، إلى جانب الضم ،  أي إقامة دولة فلسطينية في الأجزاء المتبقية من الضفة الغربية .

2ـــــ المعارضة الشديدة من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك أصدقاء وحلفاء الكيان الصهيوني .

3ــــــ رفض المستوطنين للثمن السياسي  الكبير ــــ حسب وجهة نظرهم ـــ الذي سيدفعونه مقابل فرض السيادة الصهيونية، وضم الأراضي الفلسطينية المستهدفة ، أي إقامة دولة فلسطينية.

4ــــ ورغم كل ماسبق توضيحه ، فإنَّ نتنياهو لايرغب في التراجع عن  تعهده بالضم ، خاصة مع إستمرار  محاكمته، ولكنه من المحتمل أن يتراجع عن تنفيذ كامل مخطط الضم ، ويقوم بتنتفيذ عملية ضم محدودة ، يثبت من خلالها أمام اليمين الصهيوني المتطرف ، إصراره  وتصميمه على تنفيذ وعوده بالضم ، بينما يحاول إقناع الأطراف الدولية والإقليمية والعربية وخصوصاً الأردن حرصه على عدم إغضابهم ، وتنفي1ه للحد الأدنى من عملية الضم.

5ــــ إن التراجع عن خطة الضم ، لا يعني أن الدولة العبرية تريد حقًا التفاوض على حل سلمي ( عادل ) للصراع مع الفلسطينيين، لكن الظروف والضغوط الدولية والإقليمية والعربية أجبرتها على ذلك.

6ــــ وبكل الأحوال ، فإن تجنب خطوة حمقاء صغيرة (خطوة الضم) ، لا يمكن أن يُغيِّر الحماقة الأكبر لاستمرار الاحتلال  للضفة الغربية.

7ـــــ وبحسب استطلاع أجراه ( تحالف الدولتين ) ، يعتقد 3.5٪ فقط من المُستطلعين أنَّ : (الضم يجب أن يكون أحد المسألتين الرئيسيتين على جدول أعمال الحكومة) ، وبلغت الذين فضلوا الضم ، حتى على حساب تقويض اتفاقيات السلام مع الأردن ومصر (60٪) ، وتصعيد الهجمات الإرهابية ضد الجنود والمدنيين (43.5٪) ، وتعتبر هذه النتائج تحذيراً مقلقاً .

8 ــــ أعادت أزمة الضم ، إلى الساحة السياسية داخل الكيان الصهيوني ، وعلى المستوى الفلسطيني والعربي والدولي والإقليمي ومؤسسات الأمم المتحدة ( الخطاب المتجدد حول مستقبل الأراضي المحتلة، وتركيز النقاش على ضرورة حل المشكلة الفلسطينية) .

ــ الخلاصة :

بتنا على المستوى الفلسطيني نقف أمام منحنى في غاية الخطورة ، ومفترق طرق مفصلي ، فخطة الضم الصهيو/أميركية لأهم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة ومنطقة الأغوار وشمال البحر الميت ، ليست مجرد عملية ضم لمساحة كبيرة تقترب من نصف مساحة الضفة المحتلة ، إنَّما تغيير ونسف التركيبة الديمغرافية ، وسلخ وفصل وسلخ العلاقة الجيوسياسية التي تربط هذه المناطق الإستراتيجية الهامة ، عن بقية الضفة المحتلة وقطاع غزة ، وسلخ وفصل وتقطيع أواصر ماتبقى من الضفة المحتلة وقطاع غزة  عن القدس المحتلة والمنطقة المهددة بالضم والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 ، مع إحتمال كبير للقيام بأكبر عملية تهجير وترانسفير وطرد للفلسطينيين في تلك المناطق المهمة والإستراتيجية ، وواقع الحال أننا فعلياً أمام نكبة فلسطينية جديدة تهدد وجودنا وبقاءنا ورباطنا واستمرارنا فوق تراب أرضنا ووطننا ، أمام نكبة متكاملة الأركان والتفاصيل بكل ماتعني هذه الكلمة من معنى ، نكبة إنسانية ومعيشية وديمغرافية وجيوسياسية وواقعية وسياسية وإجتماعية ووطنية وتاريخية ، رغم أننا نعيش في نكباتٍ متواصلة ومتتالية لم تتوقف منذ أكثر من مائة عام ..

وأمام هذا التحدي الوجودي الأكبر والأخطر في تاريخنا الفلسطيني والعربي المعاصرالذي يتهددنا جميعاً  ، فلابد لنا وحتى نكون بمستوى التحدي والمرحلة والخطر  من التوحد فوراً دون أية قيود أوشروط ، وتحقيق المصالحة وانهاء الإنقسام البغيض اللعين ، وتوحيد النظام والجغرافيا السياسية الفلسطينية في الضفة والقطاع والقدس المحتلة ..  وفيما لو أننا أنجزنا المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة ، وعدنا كما كنا منذ عام 1994 نظاماً وطنياً سياسياً وجغرافياً واحداً ، سنصبح أقوياء بوحدتنا الداخلية ، وسنتمكن من إعادة قضيتنا المركزية إلى صدارة الإهتمام العربي والإسلامي والإقليمي والدولي والأممي ، وسننجح في وقف الهرولة نحو التطبيع ، وسيقف الجميع معنا وخلفنا ويدعمون مواقفنا . ولهذا فالمطلوب توحيد البيت الفلسطيني وتوفير كافة مقومات الصمود الشعبي الفلسطيني ، وتنحية كافة الخلافات والإختلافات جانباًـــــــ على الأقل مؤقتاً ـــــ  ولنضرب المثل الأعظم لشعبنا وأمتنا وكل العالم ، كيف هي مقدرتنا كفلسطينيين أصحاب أعدل قضية على وجه الأرض في تجاوز الخلافات الجزئية والاهتمامات والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة ، من أجل تحقيق المصالح العليا لشعبنا الفلسطيني البطل ولقضيتنا وأمتنا ، فوحدتنا مفتاح وطريق وسر قوتنا ، ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم ... والتاريخ لا ، ولن يرحم ...

كلمات دلالية

اخر الأخبار