قل لليأس لا تقرب ردائي

تابعنا على:   17:47 2020-06-13

فداء سلطان

أمد/ "على حين غرة، نفاجأ بزائر ثقيل الظل، ينتهك حرمة السلام فينا، كقاتل مأجور لا ندري من بعث به إلينا, وقد يخامرنا شك أننا نحن من أرسلناه إلينا.
يظفر بنا كوحش ضار ، يغرس أنيابه الحادة في آمالنا، داسا سمه المميت فيها، وعبثا كل المحاولات في ردعه والفكاك منه. إنه شيئا فشيئا يرخي عضلات الإحساس فينا، فنذعن له ونستسلم للمباغتات كي تمارس طقوسها النهمة في اغتيال كل أمل حي مشرق، وفي كل عاطفة بهية تغمر أرواحنا.
إنه الزائر الفظ الغليظ الذي ندعوه باليأس، ويا ويح قلوبنا وعقولنا من هجومه، فلا شيء يوقف ثورة اليأس إذا ما اتيحت له الفرصة، وإذا ما أسدلنا له شارتنا الحمراء بانقطاع الأمل في دواخلنا. لا أحد سيدعوه لاحتساء كأس من آمالنا سوانا.
ويحه كما الموت في رائحته وشحوبه واسوداده ، أيكون حضوره شبيها بحضور الموت؟ لم لا ، كلاهما يميتان الآمال النابضة فينا بلا خجل ولا رحمة، يقيدان أرواحنا ويجعلان كل الخيارات المتاحة أمامنا محدودة جدا ولا يرجى منها الرجاء.
ورغما عنا يطول المبيت في أرواحنا، يهشم كل اللوحات الزاهية بينما أسئلة تحوم هنا وهناك ، من الذي دعاه وكرم مجيئه بكثير من المصافحات ؟ من فرش له الفراش الوثير كي يتمدد باسطا جسده فينا؟ وتكثر الأسئلة، وتصر على حضورها داخلنا رغم ثورة اليأس الذي غدا دون انتباه إلى قنوط.
رحماك يا رب ، أتهرم الآمال والأحلام ؟ تلك التي بنيناها حجرا حجرا، وشيدناها بطهر الأمل . أييئسها اليأس؟ كم من الآلام سيرتكب فيما تبقى منا.
كم من عاقبة سنقحم فيها دون رغبة منا، دون قدرة لنا على المقاومة ؟ .
إن طول الأمل الذي كان فينا والتجاءنا به إلى الناس لن يزيده سوى تحطما وأذية ، إذا ما كنا مقتنعين به تمام القناعة، لاأحد في هذا الكون قادر على بناء قلعة أحلامنا البيضاء سوانا وليس للبشر قدرة على الارتقاء به وإن ضاقت بنا السبل. فلا شيء سيبعث في أحلامنا الحياة سوى التجاءنا إلى الخالق لا المخلوقين.
ويا شد قهرنا من سريان الياس فينا ولكن الاشد قهرا هو انغماسنا فيه عن بكرة أبينا، ونسياننا أن اللجوء إلى الله هو الأمل الوحيد.
بالله ثم العزيمة وقوة الإرادة نستطيع التخلص من ذاك الزائر الغريب.
وفي النهاية نقول حين نستشعر باقتراب الغريب
منا : أيها اليأس لا تقرب ردائي.

كلمات دلالية

اخر الأخبار