الوضع الاقتصادي و الاجتماعي للفلسطينيين في لبنان على حافة الانفجار

تابعنا على:   17:42 2020-05-25

اركان بدر

أمد/ منذ اللجوء الفلسطيني الى دولة لبنان الشقيق في الخامس عشر من ايار عام 1948، يعيش اللاجئين حالة من الحرمان التراكمي عمرها [ 72 عاماً ] من عمر النكبة و اللجوء ، محروم على الفلسطينيين مزاولة 72 مهنة لبنانية ، و لاسيما المهن الحرة ، كالاطباء و الصيادلة و المهندسين و المحامين و سائر المهن الاخرى . كما ممنوع على اللاجئين الحق في تملك شقة سكنية تأويهم الى حين العودة ،  او عقار ، و ذلك بموجب قانون منع التملك ، و ممنوع على الفلسطيني ابسط حقوق الانسان التي نصت عليها القوانين الدولية التي شاركت فيها و وقعت عليها الجمهورية اللبنانية . و تُحرم المخيمات و التجمعات الفلسطينية من كافة خدمات الدولة و بلدياتها ، حيث تقف تلك الخدمات عند حدود المخيم . و يجري التعاطي مع المخيمات بشكل تمييزي و غير انساني تصل مقارباته الى حدود العنصرية كما تقول الكثير من الجهات اللبنانية .

وفوق كل ذلك ، إتخذت الحكومات اللبنانية المتعاقبة قرارات و اجراءات ضاعفت من معاناة اللاجئين ، كتلك التي اتخذتها الحكومة السابقة ، عبر وزير العمل السابق ميشيل ابو سليمان ، التي فرض من خلالها شرط الحصول على اجازة العمل ، و هي اجازة لا تعطى الا للاجانب ، و هو ما لا ينطبق علينا كلاجئين ، و يتناقض مع قواعد الاخوّة التي تربط الشعبين الشقيقين اللبناني و الفلسطيني . او كتلك التي اتخذتها الحكومة الحالية و التي تمثلت بإستثناء المخيمات و اللاجئين من استراتيجيتها الصحية و الاغاثية التي اعتمدتها لمواجهة جائحة كورونا ، و كأن هذا الفيروس القاتل يميز بين اللبناني و الفلسطيني ، او بين شعب و آخر .

لقد تفاقمت ازمة اللاجئين و معاناتهم  و معهم اخوتهم المهجرين من سوريا الى لبنان في الاونة الاخيرة ، بسبب الانعكاسات السلبية للازمة الاقتصادية و المالية و الاجتماعية اللبنانية و الارتفعاع الكبير و المفاجئ بسعر صرف الدولار الامريكي بالمقارنة مع الليرة اللبنانية ، و تدني القدرة الشرائية للعملة اللبنانية و الارتفاع الجنوني في اسعار السلع و المواد الغذائية و الاستهلاكية ، و ماترافق معها من اغلاق طرقات و تقطيع اوصال المناطق بسبب التحركات الشعبية اللبنانية رفضا للحالة الاقتصادية و الاجتماعية القائمة . هذا بالاضافة الى الانعكاسات السلبية على اوضاع اللاجئين و مخيماتهم ، بسبب  اجراءات الحكومة لمواجهة جائحة كورونا بالحجر المنزلي و منع التجول ، و الحد من الحركة و قانون السير الجديد  و اجراءات الوقاية الخ .

و على المقلب الآخر ، تٌشكل الاونروا احد اهم ركائز اللاجئين ، و هي مؤسسة دولية لإغاثتهم و تشغيليهم الى حين تامين الحل العادل لقضيتهم بتطبيق القرار الدولي رقم 194. و هو ما يحرص عليها شعبنا بكافة مكوناته السياسية و الاجتماعية و فئآته العمرية في الوطن و الشتات ، و يؤكدون تمسكهم بها  و الحفاظ عليها ، من كل الاستهدافات و المشاريع الهادفة ، الى تصفيتها و الغائها ، و آخر تلك الاستهدافات ما نصّت عليه رؤية ترامب - نتنياهو المُسماة زوراً و بهتاناً صفقة القرن .  و ذلك نظرا  لما تمثله من تجسيد للمسؤولية الدولية عن قضية اللاجئين و حق العودة ، الى جانب ما تقدمه من خدمات صحية و تعليمية و اغاثية ذات أبعاد سياسية ، مُرتبطة بالجريمة التاريخية التي ارتكبها العدو الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ، و التي مازالت نتائجها ماثلة امام الجميع ، احتلالاً و استيطاناً ، و لجوءاً و حرماناً من حق شعبنا بتقرير مصيره و اقامة الدولة المستقلة بعاصمتها القدس ، و عودة اللاجئين الى ديارهم و ممتلكاتهم تطبيقا للقرار الدولي رقم 194 ، نقيضا لكل مشاريع التهجير و التوطين .

الا ان وكالة الاونروا لم تقم بالدور و الوظيفة المنوطة بها ، لان خدماتها في احسن احوالها ، لم تكن لتلبي احتياجات اللاجئين و المهجرين الصحية و التربوية و الاغاثية و مشاريع البنى التحتية في المخيمات ، الى جانب التأخير غير المبرر في استكمال اعادة اعمار مخيم نهر البارد ، الذي دخل عامه الثالث عشر على تدميره و نزوح ابنائه . و قد تراجعت تلك الخدمات بشكل خطير بسبب العجز في الموازنة السنوية للاونروا و توقف الكثير من مشاريع البنى التحتية بسبب قرار الادارة الامريكية وقف الالتزامات المالية و الضغوط السياسية الهائلة على الوكالة لمنع تمديد ولايتها ، و محاولات اعادة تعريف اللاجئ و الضغط على المخيمات ، و ذلك في سياق تطبيقات رؤية ترامب - نتنياهو الهادفة الى ضرب قضية اللاجئين و حق العودة .

لقد طالب اللاجئون في لبنان ادارة الاونروا القيام بواجباتها للتخفيف من حدة المعاناة و الازمة الاقتصادية و المعيشية الطاحنة التي يمر بها الشعب الفلسطيني ، الا انها لم تفعل ، و أدارة ظهرها لكل المناشدات من اجل توفير الاموال لاعتماد خطة طوارئ اغاثية تستجيب للمطالب  و الاحتياجات الضرورية ، و بعد وباء فيروس كورونا ، اصبحت الحاجة ماسة و ملحة لتوفير تلك الخطة الصحية و الاغاثية . و بعد طول انتظار ، أعلنت ادارة الاونروا عن مساعدات مالية قيمتها [ 112 الف ليرة لبنانية للفرد الواحد ] ، لكنها افتقدت للشمولية بسبب استثناء شرائح واسعة من الفلسطينينيين ، و بشكل خاص فاقدي الاوراق الثبوتية ، و العائلات المُستفيدة من برنامج الامان الاجتماعي ( الشؤون ) ، و المهجرين من سوريا ، لان المساعدة التي شملتهم هي حقوق دورية و اعتيادية لهم ، و لا تُعتبر ضمن المساعدات المالية العامة لعموم اللاجئين .

كما ان ما قدمته منظمة التحرير و بعض الفصائل و المؤسسات الاجتماعية و الاهلية العاملة في الحقل الفلسطيني ، و العديد من لجان العمل الخيري و الاجتماعي في المخيمات و خارجها ، على اهميته ، الا انه لا يلبي الحد الادنى من المطلوب ، نظراً لحجم الحاجات و ثقل المعاناة . لذلك مطلوب من المنظمة و دائرة شؤون اللاجئين فيها مضاعفة دورها التمثيلي و المرجعي لشعبنا عبر القيام بجهود دولية الى جانب الاونروا و الدولة المضيفة من اجل توفير خطة طوارئ صحية و اغاثية مُستدامة تلبي احتياجات اللاجئين و المهجرين صحياً و استشفائياً و تربوياً و اغاثياً ، خاصة في زمن كورونا و الحجر المنزلي ، اضافة لتوفير المساعدات المالية و الغذائية الدورية .

ان اوضاع اللاجئين و المهجرين من سوريا غاية في الصعوبة و التعقيد ، بسبب حالة الفقر المدقع و البطالة و الجوع و الحرمان و المشكلات الاقتصادية و الاجتماعية المُتراكمة التي ولّدت حالة من الاحتقان التي تنذر بانفجار اجتماعي و شعبي عارم ، تستدعي تدخلاً سريعاً من الجهات الثلاثة المعنية [ الاونروا ، الدولة اللبنانية و منظمة التحرير ] .

اخر الأخبار