المساواة بين البشر

تابعنا على:   16:38 2020-05-18

حازم القواسمي

أمد/ في عالم يملؤه العنصرية والعنصريون والمتطرفون والمهوسون بقومياتهم ودياناتهم وأعراقهم، يصبح العمل على نشر فكرة المساواة بين البشر أولوية قصوى تفوق كل الأولويات.  فبينما كانت العنصرية منتشرة في العصور القديمة، بسبب الجهل والتخلف والانغلاق والجشع، لا يمكن لنا أن نقبل ذلك في القرن الواحد والعشرين مع كل هذا الانفتاح بين الشعوب والتبادل الثقافي والتجاري والرياضي والعلمي، وبعد كل الحروب الدموية السابقة التي حصدت مئات الملايين من البشر بسبب الحقد والكره والجشع والعنصرية البغيضة.

المساواة بين البشر قيمة أساسية عليا تبنى عليها كل المعادلات الأخرى. فالأساس أن جميع البشر متساوون مهما اختلف لونهم بين أبيض وأسود وأصفر، ومهما اختلفت أماكن تواجدهم في أي قارة من القارات، ومهما اختلفت أعراقهم وقومياتهم وجنسياتهم ولغاتهم ومعتقداتهم. لا يوجد من البشر من هو أفضل من باقي البشر بسبب هذه العوامل التي لا دخل لهم فيها. فالطفل حين يولد لا يختار لونه أو دينه أو مكان ولادته أو قوميته أو جنسيته بل يتم تلقينه من أبويه أو القائمين على تربيته. فالطفل اليوناني ليس أفضل من الطفل الموريتاني أو الياباني أو البرازيلي أو أي طفل في العالم. وكما لا يوجد إنسان أفضل من إنسان آخر، لا يوجد شعب أفضل من شعوب أخرى. فالشعوب الأوروبية ليست أفضل أو أعلى قيمة من الشعوب الإفريقية أو الآسيوية أو غيرها. جميع الشعوب متساوية.

والمساواة تهدف لتحقيق العدل والعدالة.  فنحن ما زلنا نعيش في عالم مجنون بالرغم من كل مؤسسات الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان التي تدعو للسلام بين الشعوب والمساواة بين البشر ونبذ العنصرية والتمييز. وما زلنا نشهد الحروب كل بضعة أعوام وما يصحبها من قتل وتدمير بسبب الجشع والبترول والمال والنفوذ. وما زال سباق التسلح بين الدول قائما بما ينذر بمزيد من الحروب والضحايا، بدل أن يكون التسابق من أجل إنقاذ حياة البشر وخدمة الإنسان. فالإنسان في الدول الفقيرة في إفريقيا وغيرها بحاجة ماسة للغذاء والتعليم والتطبيب المجاني تماما مثل الإنسان في الدول الغنية في أوروبا وأمريكا وغيرها. والمطلوب من دول العالم أن تساعد بعضها البعض لتحسين الظروف الحياتية للناس بشكل جدي وليس لأهداف سياسية.

 

المساواة بين البشر تشمل بالتأكيد المساواة بين الجنسين في كافة الحقوق. ولا تعني المساواة عدم الإنصاف للأشخاص الضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة. فهناك فئات مجتمعية بحاجة لعناية خاصة في كل البلدان. كما تتعلق المساواة بضمان حصول كل فرد على فرصة متساوية ومتكافئة لتحقيق أقصى استفادة من حياتهم ومواهبهم وقدراتهم. فلا ينبغي أن تكون فرص حياة الفرد فقيرة بسبب طريقة ولادته، ومن أين أتى، وما يعتقد، أو ما إذا كان يعاني من إعاقة ما.

 

وكلّنا نتطلّع إلى ذلك اليوم الذي ينعم فيه جميع البشر على هذه الأرض بذات المستوى من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية. بمعنى أن تكون هناك حياة كريمة لجميع البشر. وصحيح أننا ندعي اليوم أننا نعيش في قرية صغيرة بسبب العولمة والتبادل التجاري والانفتاح المعلوماتي والتكنولوجي، إلا أننا ما زلنا بعيدون جداً عن تحقيق العدل على هذه الكرة الأرضية، وما زال الفقر والمرض والجوع يغزو كثير من شعوب العالم الضعيفة. لذلك، فالطريق طويلة وتبدأ أولاً بالإيمان بفكرة المساواة بين البشر وأنه لا يوجد شعب أفضل من أي شعب آخر، وكلنا متساوون على هذه الأرض الجميلة، وجميعنا لنا الحق في خيراتها بالتساوي.

 

اخر الأخبار