الثمن السياسي للعدوان

تابعنا على:   13:38 2014-07-27

حماده فراعنه

ماذا تريد حكومة نتنياهو؟؟ حكومة المستوطنين الذين سرقوا أرض الفلسطينيين وحقوقهم وكبرياءهم وأمنهم ؟ ماذا تريد حكومة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلية؟ وأي خيار تريد؟؟ خيار حكومة رام الله في استمرار التنسيق الأمني والجلوس الدائم طويل الأمد على طاولة المفاوضات، من أجل التصوير وإيهام العالم والأميركيين والأوروبيين، أن ثمة مفاوضات جارية، مهما كانت صعبة، ولكنها قائمة ومتواصلة وبلا قطيعة، وبلا نتيجة؟؟.

أم حكومة \"حماس\" الحزبية المنفردة، وقبولها بتفاهمات القاهرة التي أشرف عليها وباركها الرئيس الإخواني محمد مرسي، ووقعها مندوباً عنه وعن الإخوان المسلمين عصام الحداد عضو مكتب الإرشاد في حركة الإخوان المسلمين، ومستشار الرئيس محمد مرسي، وأن يبقى الانقسام الفلسطيني دائماً إلى الأبد، وحجة لعدم الجدية في التوصل إلى تسوية؟؟.

أم تريد طريق العمليات الاستشهادية والكفاح المسلح، والرد بالرد، والعنف بالعنف، والقتل بالقتل؟.

ماذا تريد إسرائيل؟ أن تضرب وتقتل وتنهب وتستوطن وتتوسع على حساب أرض الشعب العربي الفلسطيني، في مناطق 67 كما فعلت في مناطق 48، ويسكت الفلسطينيون، وأن يقدموا خدهم الأيسر بعد صفعات الإسرائيليين لخدهم الأيمن، وأن يعتذروا عن احمرار كف الإسرائيليين بسبب صلابة خدود الفلسطينيين، أم المطلوب أن يعبر الفلسطيني عن فرحه في حالة الاغتصاب، وممنوع عليه إظهار الوجع، أمام قوة وعنف المستوطنين والجيش وأجهزتهم الأمنية.

فجرت حكومة نتنياهو معركة \"الجرف الصامد\" يوم 8 تموز لسببين جوهريين هما:

أولاً: الاستجابة لضغط الجموح العنصري المطالب بالثأر لمقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل بعد اختطافهم، فأرادت تلبية نفوس المتطرفين والمستوطنين وقادتهم المنادين بالتوسع وإعادة احتلال قطاع غزة بدءاً من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، إلى وزير الصناعة نفتالي بينيت، ومروراً بنائب وزير الدفاع الليكودي داني دانون، ورئيس لجنة الأمن والخارجية في البرلمان زئيف ألكين.

وثانياً: الهروب من صورة المشهد المتطرف والإجرامي غير المسبوق باختطاف الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير وحرقه حياً، وإيذاء ابن عمه الأميركي الجنسية طارق أبو خضير ما أحرج نتنياهو أمام الأميركيين، فهرب من المشهد ليقيم مشهداً آخر بديلاً عنه، وهو مشهد \"الجرف الصامد\" وتبعاته، لتكون الصورة الجديدة هي التي تأخذ المراقب وتصادر وعيه، وتفرض عليه اهتماماً آخر غير حقيقة الصورة الإسرائيلية التي ظهرت عليها إسرائيل العنصرية الاستعمارية بخطف الفتى الفلسطيني وحرقه مع إيذاء ابن عمه الأميركي بعد خطفه.

\"الجرف الصامد\" من أجل التهدئة وتدمير الأنفاق أعطت نتائج عملية لا يمكن التهرب من دلالاتها وتفاعيلها واستخلاصاتها وهي:

أولاً: حجم الخسائر البشرية الكبيرة للمدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وكهول، وتدمير الممتلكات والعقارات والبيوت لأهالي غزة، ما يعرض القائمين عليها والذين نفذوها للمساءلة القانونية، باعتبارها جرائم حرب ضد الإنسانية.

ثانياً: الخسائر غير المتوقعة لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي نتيجة المواجهات الميدانية مع قوى المقاومة الفلسطينية، والتي وصلت إلى مقتل 37 جندياً عدا الإصابات.

ثالثاً: غياب الخسائر البشرية للقيادات الفلسطينية سواء للعسكريين أو للسياسيين منهم، مقارنة مع المعركتين السابقتين في العام 2008 في عملية عمود السحاب حين تم اغتيال الشهيد سعيد صيام والشهيد نزار ريان بالقصف الجوي المركز المقصود، وفي العام 2012 في عملية \"الرصاص المصبوب\" تم اغتيال الشهيد أحمد الجعبري القائد العسكري لحركة حماس، بينما اقتصرت نتائج \"الجرف الصامد\" على المدنيين والعناصر المقاتلة في المواجهات، وعلى عائلات وذوي القيادات السياسية والعسكرية بعد أن فشلت في الوصول إليهم، وهذا يدلل على تراجع الاستخبارات الإسرائيلية، ويقظة وتطور الوعي الأمني لدى القيادات الفلسطينية.

نتائج \"الجرف الصامد\"، ليست نزهة، ولن تكون، بل معركة جدية شرسة يسعى العدو لاستثمارها وتوظيفها، لتعزيز أمنه وسيطرته، وعليه أن يدفع ثمنها، فمظاهر الانتفاضة في الضفة والقدس والتفاعل مع ما يجري في قطاع غزة، هو التطور النوعي الذي يجب أن يستمر في الرد على همجية البرنامج الإسرائيلي في قطاع غزة.

والمطالب الفلسطينية الموحدة المقدمة لجون كيري، وعقد اجتماع للقيادة العليا المؤقتة لمنظمة التحرير التي تضم \"حماس\" و\"الجهاد\" في القاهرة، بعد إزالة معيقات انعقاده هو الرد السياسي والعملي من قبل قيادة منظمة التحرير انسجاماً مع المطالب الفلسطينية، والمصالحة، ووحدة البرنامج والمؤسسة والتمثيل، والتضحيات الفلسطينية يجب أن يكون لها ثمن والثمن يجب أن يكون مزدوجاً، أولاً، جلب المجرمين الإسرائيليين إلى المحاكم الدولية، وثانياً، التقدم خطوات نحو تحقيق حقوق الشعب العربي الفلسطيني في العنوانين اللذين لا ثالث لهما وهما: حق العودة للاجئين وفق القرار 194، وحق الدولة وفق القرار 181.

[email protected]

اخر الأخبار