"أمد" يرصد الردود على سياسة الضم الإسرائيلية وأثارها العامة

تابعنا على:   00:09 2020-05-12

أمد/ غزة- أماني شحادة: "سياسة الضم" قد يتهيأ لك في البداية أنها سياسة أُمٍ لطفلها الحزين، تضمه ليفقد حزنه في أمانها، ثم تفتح عينيك لترى شبحاً يخطف الطفل بين يديه ليضعه تحت اسمه أمام العالم.

هذه الحقيقة أنها أرضٌ يسلبها احتلالها ويضعها تحت اسمه، وكأن شيئاً لم يكن بها، وكأن لا هويةٍ لها ولا سُكانٍ عاشوا فوق ترابها.

هذا الطفل هو " فلسطين" والذي لم يكفي أن يقع أهلها في كل المآسي التي وقعت فوق رأس أهلها، من بداية الانتداب البريطاني في 1922 مروراً بهجوم العصابات الصهيونية في 1947 إلى حصول " النكبة" 1948 وهي اللجوء والنزوح للبلاد الأخرى قسراً، و المستمرة ليومنا هذا، يتخلل كل ذلك تعذيب و تنكيل وأسر و قتل و حروب و تدمير للشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي.

لتبدأ رواية أخرى تُنكل فيه مثل نكبته الأولى وهي: سياسة الضم والتوسع الإسرائيلية التي ستغير خارطة فلسطين من جديد.

وتريد إسرائيل السيطرة على 41% من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وهذه معادلة صعبة؛ لأن الفلسطينيين سيفتقرون لأبسط مقومات الدولة.

هنا ينطبق عليها مثالاً شعبياً فلسطيني: " على بخت الحزينة سكرت المدينة".

هذه السياسة التي وبموجب الاقتراح الأمريكي، سيتم فيها منح الفلسطينيين دولة ذات سيادة ولكنها منزوعة السلاح في الأجزاء المتبقية من الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب وعود باستثمارات كبيرة.

وستكون عاصمة الدولة الفلسطينية في ضواحي القدس، التي ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية بالكامل.

ينطبق هذا على مثالٍ فلسطيني أيضاً و يقول: " فاضي القرد لمعط الجلد".

الموقف الفلسطيني:

رفضت منظمة التحرير الفلسطينية كونها الممثل الوحيد والشرعي عن الفلسطينيين قرار الضم، وعبرت عن رفضها بالتوجه لمجلس الأمن الدولي و مطالبته بتحمل مسؤولياته في حماية قراراته ودفع إسرائيل إلى الامتثال لها.

و وجهت الرئاسة الفلسطينية متمثلة برئيسها محمود عباس، رسالة فحواها: " أن الرد الفلسطيني سيكون رداً حاسماً وقوياً، وله آثار خطيرة على المنطقة بأسرها".

وقال رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية في رام الله محمد اشتية: إن تشكيل حكومة ضم إسرائيلية، يعني إنهاء حل الدولتين، وشرذمة حقوق الشعب الفلسطيني بأرضه ومقدراته، التي يقرها القانون والقرارات الدولية.

وأضاف: القرار سيأخذنا إلى منحى جديد من الصراع مع الاحتلال، فيما أعطت الفصائل الفلسطينية كافة، ردودًا في بياناتها عن تصعيدٍ أو توتر أو رفضٍ تام.

ولكن تبقى الفصائل بين المعارض والمؤكد لقرارات بعضهم البعض حول آلية الرد التي يجب على الشعب تفعيلها حال بدأت إسرائيل بتنفيذ قراراتها، هذا الأمر الذي يجعل على عاتقهم انتكاسة أكبر من أي انتكاسة قد تطمس او تسرق هويتهم.

وناشد الشعب الفلسطيني بأسره، العالم ليفتح عيونه حول السرقة التي ستحصل لأرضهم، كمحاولة منهم التعلق بقشة في إنقاذهم من نكبة أخرى تحصل لهم أو ضياع لهويتهم.

و يعارضُ فلسطينيو الداخل أو فلسطينيو 1948 الإجراءات الإسرائيلية بهذا الصدد، وقد عبر يوسف جبارين، عضو الكنيست عن القائمة العربية الموحدة، عن ذلك بقوله: إن هذا الإجراء هو خطوة إضافية من حكومة اليمين والمستوطنين نحو تشريع الاستيطان وفرض السيادة على الضفة الغربية.

الموقف الإسرائيلي:

اتفاق حكومة الوحدة بين نتنياهو وغانتس، سيمكن إسرائيل من البدء بدفع ضم الضفة الغربية قدماً، فهذه الخطوة ستتم بالتعاون الكامل مع امريكا، التي تدعم الخطة من كل الاتجاهات حتى ان لها فريق متعاون مع إسرائيل لتمام إكمال رسم الخريطة التي سيصبح عليها شكل الضفة بعد الضم لإسرائيل.

هذه الحكومة التي لليمين غالبية فيها مؤيدة للقرار.

و يُعتبر هذا خطوة للأمام لصالح نتنياهو الذي حاول خلال الانتخابات الثلاث الماضية له وعد الناخبين بأنه سيفرض السيادة الإسرائيلية على جميع المستوطنات، وكذلك على غور الأردن، إذا أعيد انتخابه رئيسا للوزراء.

و بدوره غانتس "رئيس حزب ازرق أبيض" كان في العام الماضي متأرجحاً بين الرفض والقبول، واضعاً شروط لهذه السياسة، أما الآن فقد بات موافقاً بكل ما لديه هو وحزبه ومؤيديه؛ لإتمام سياسة الضم التي درسها شريكه نتنياهو مع الرئيس الأمريكي ترامب.

لذا فإن تشكيل هذه الحكومة الوحدوية بين غانتس ونتنياهو، ورغم انشغال العالم وإسرائيل بالوباء المسمى كورونا " كوفيد-19" والتي تصب كل الحكومات في طرح سياسة لتفاديه، لم يكن ضمن الاهتمامات الأولى لحكومتهم المشتركة؛ بل إن أول وأهم ما يرأس حكومتهم هو: قرار السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية يتلوه معالجة فايروس كورونا، الأمر الذين يعتبرونه بند " الانتصار".

موقف الدول والشخصيات من القرار:

أمريكا تعطي الضوء الأخضر، وهي رأس الحربة لكل ذلك عبر رئيسها ترامب، وهو الأساس في تقوية إسرائيل في اتخاذ خطواتها الكاملة للاستيلاء والضم.

و قدم مبعوثي المملكة المتحدة، ألمانيا، فرنسا، أيرلندا، هولندا، إيطاليا، إسبانيا، السويد، بلجيكا، الدنمارك، فنلندا والاتحاد الأوروبي، اعتراضًا رسميًا لوزارة الخارجية الأمريكية ضد هذه الخطوة.

و عبر ديفيد فريدمان، السفير الأميركي لدى إسرائيل، عن الموقف الأميركي بقوله:"إن مستوطنات الضفة هي جزء من إسرائيل، ومصطلح حل الدولتين لم يعد مجديًا وفقد معناه بشكل كبير"

أما الموقف الأوروبي واضح بتمسكه بحل الدولتين ورفضه لأية أعمال استيطانية في الأراضي المحتلة العام 1967، بما فيها فرض حل الدولة الواحدة من خلال عمليات الضم والتوسع.

وحذر الإتحاد الأوروبي من أي عملية أحادية الجانب.

و من جانبها ألمانيا، قالت: إن الخطوة ستكون لها تداعيات خطيرة وسلبية على مكانة إسرائيل داخل المجتمع الدولي

وحذرت فرنسا من أنها لن تمر دون اعتراض ولن يتم تجاهلها في علاقتنا مع إسرائيل.

وأدلت دول أخرى، من ضمنها روسيا والصين وبلجيكا وإسبانيا وأيرلندا وإيطاليا والنرويج، بيانات مماثلة برفضها.

و ترفض الدول العربية من حيث المبدأ، الاحتلال والاستيطان وأية إجراءات تترتب عليه، بما فيها من معارضة للقانون الدولي.

كما طالبت الجامعة العربية الولايات المتحدة بالتراجع عن دعم مخططات وخرائط حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وقال وزراء الخارجية العرب أن اسرائيل سترتكب جريمة حرب جديدة بحق الشعب الفلسطيني إذا أقدمت على الضم.

الآثار المترتبة على سياسة الضم الإسرائيلية:

1-    الآثار الجغرافية: ستتغير الخارطة الفلسطينية و ستكون الضفة أجزاءً متناثرة وسيتم تقطيع التواصل الجغرافي بين الفلسطينيين و جعل أجزاء كثيرة بمعزل عن الأخرى، أما بالنسبة للإسرائيليين سيكون جيداً من ناحية توسيع ممتلكاتهم و حركتهم و تنقلهم تحت حماية حكومتهم.

و هذا سيقلل العامل الاجتماعي لدى الفلسطينيين.

2-    الاثار القانونية:

أولاً: ستضرب إسرائيل بذلك القوانين الدولية بعرض الحائط؛ لأنه انتهاك للقانون الدولي واتفاقيات جنيف والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين. الفلسطيني الإسرائيلي، ويتعارض الاستيطان وأية إجراءات من شأنها تغيير الوقائع على الأرض مع القوانين والمعاهدات والقرارات الدولية، مثل البنود 49 و 53 و147 من اتفاقية جنيف الرابعة، وقرارات مجلس الأمن التي تدين الاستيطان وتؤكد على عدم شرعيته، مثل القرارات 446 و452 و465، وآخرها قرار 2334/2016.

أما ما يعزز إصرار إسرائيل هو قانون "التسوية" 2017، الذي أقره الكنيست ااسرائيلي وهو الذي يفتح المجال لإعطاء الاحتلال الحق بالسيطرة على أملاك الغائبين في منطقة (ج)، خاصة الأملاك التي يدعون أنها أملاك عامة، وحتى الأملاك الخاصة.

- مناطق(ج) هي المناطق التي تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية "الإسرائيلية" حسب اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين وإسرائيل

ثانياً: هل سيكون هناك قانون عسكري مفروض للجميع؟ أم سيكون هناك مجموعة من القوانين المفروضة (الفلسطينية والأردنية والإسرائيلية)؟

3-    الآثار السياسية والاقتصادية:

أولاً: طمس الحلم الفلسطيني بإعادة أرضه وقيام دولته، و شرعنة الاستيطان والدولة الإسرائيلية.

ثانياً: يمكن أن يؤدي ذلك لانقطاع تام ما بين السلطة الفلسطينية والإسرائيلية، وبذلك إحلال السلطة أو تدمير الحق الفلسطيني بسبب عد قدرة الشعب الفلسطيني على المواجهة المفروضة بالاستيلاء على أرهم و عزل أجزاء منها تباعدهم عن الوصول لنقط التقاء قوية، وسيكون الاحتلال الإسرائيلي داخل العمق الفلسطيني لتخريب علاقاته وخططه نحو التقدم بشؤونه.

ثالثاً: ستفقد فلسطين مواردها الطبيعية والماء والغاز و حتى على الحدود التي تعد من أهم المقومات لأي دولة، و سيبقى الاقتصاد الفلسطيني إما تابعاً أو منهاراً بسبب عدم وجود شبكة أو طرق تواصل بين المناطق الفلسطينية بسبب المناطق التي تحت الحكم الإسرائيلي.

رابعاً: من الناحية العربية، ستؤثر هذه السياسة على السلام مع مصر والأردن، وتعيق نظريًا التقارب مع دول عربية أخرى، أو على الأقل ستصعب تمرير الحكومات للأمر أمام شعوبها.

أما الموقف الأوروبي واضح بتمسكه بحل الدولتين ورفضه لأية أعمال استيطانية في الأراضي المحتلة العام 1967، بما فيها فرض حل الدولة الواحدة من خلال عمليات الضم والتوسع، محذراً من أي عملية أحادية الجانب.

و حذر الاتحاد الأوروبي إسرائيل من قيامه بأي خطوة، و لوح لاتخاذ إجراءات ضد ضم الأراضي الفلسطينية بالضفة، مؤكداً أن الضم مخالفاً للقانون الدولي الذي يجب الاصطفاف بجانبه.

و قال بيتر ستانو، المتحدث باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد: " موقفنا واضح إذا قامت إسرائيل بأي تحرك لضم أراض فلسطينية، فالأمر لن يمر بدون رد فعل".

و أوضحت بريطانيا أنها لن تؤيد سياسة الضم الإسرائيلية لأنها ستجعل من تحقيق حل الدولتين أمرٌ صعب.

وقالت ألمانيا، إن الخطوة ستكون لها تداعيات خطيرة وسلبية على مكانة إسرائيل داخل المجتمع الدولي

وحذرت فرنسا من أنها لن تمر دون اعتراض ولن يتم تجاهلها في علاقتنا مع إسرائيل.

وأدلت دول أخرى، من ضمنها روسيا والصين وبلجيكا وإسبانيا وأيرلندا وإيطاليا والنرويج، بيانات مماثلة برفضها.

وترفض الدول العربية من حيث المبدأ، الاحتلال والاستيطان وأية إجراءات تترتب عليه، بما فيها من معارضة للقانون الدولي.

كما طالبت الجامعة العربية، الولايات المتحدة بالتراجع عن دعم مخططات وخرائط حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وقال وزراء الخارجية العرب أن اسرائيل سترتكب جريمة حرب جديدة بحق الشعب الفلسطيني إذا أقدمت على الضم.

و أصدر البرلمان العربي، تقريراً عن الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، معرباً عن أمله أن يُسهم التقرير في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وأن يكون أداة يتم الاستناد إليها أمام العالم أجمع لرصد وتوثيق هذه الجرائم والانتهاكات والمطالبة بمحاسبة مرتكبها.

واعتبرت الإمارات، أن المخطط الإسرائيلي تطورًا خطيرًا يعرقل مسار عملية السلام ويقّوض الجهود الدولية لحل الصراع العربي – الإسرائيلي، و أن هذا أمر غير مقبول ومنافي للقوانين الدولية والسلام.

و أكد الأزهر الشريف في القاهرة على رفضه الضم الإسرائيلي لأجزاء الضفة لما فيه من خرق للقوانين الدولية، خصوصاً الانتهاكات ضد المعالم الدينية والتاريخية الفلسطينية، وضد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وطالب المجتمع بالدولي بالوقوف أمام دوره في حماية القضية الفلسطينية والتصدي بقرارات حاسمة.

 أما الأردن فأكدت وزارة الخارجية رفض الضم وقالت أن هذا خرقا فاضحا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن، ويعتبر خطوة أحادية شديدة الخطورة تعرض عملية السلام و حل الدولتين المقررة دولياً للضياع، محذرة من تبعات هذه الخطوة و داعية لتحرك المجتمع الدولي.

اخر الأخبار