ذرائع وإرهاب لحماية نتنياهو

تابعنا على:   00:01 2020-05-05

عمر حلمي الغول

أمد/ عشية البدء بمحاكمة رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو أمس الأحد 3/5/2020 تلاقت مجموعة عوامل ضاغطة لصالح تكليف المتهم بقضايا الفساد الثلاثة: الرشوة والإحتيال وسوء الأمانة، وبدأت اولا بإعلان المستشار القضائي بالموافقة على تكليفه يوم الخميس الماضي الموافق 30/4/2020، وإدعى أيحاي مندلبليت في رسالته للمحكمة العليا، انه "لا مانع قانونيا من تكليف نتنياهو، بتشكيل الحكومة، على الرغم من إتهامه بقضايا فساد، ورغم ما وصفه ب"الصعوبات القانونية". وهذا التحول في موقف المستشار لم يكن بلا ثمن، انما جاء بعد مقايضة الموقف بالتمديد له في مهمته؛ ثانيا كتب بن درور يميني في "يديعوت احرونوت" يوم الجمعة الماضي الموافق الأول من ايار الحالي مقالا بعنوان "يا قضاة العليا" يحذر فيها المحكمة من التطرف، وإتخاذ قرار بالغاء الإتفاق بين الليكود وحزب "حصانة إسرائيل"، وقال "نحن بحاجة إلى محكمة حكيمة، وليس إلى محكمة متنعنتة. لإن الشطب الجارف للإتفاق لن يجعل إسرائيل أكثر ديمقراطية، بل سيزيد فقط الغضب على التدخل الزائد لمحكمة العدل العليا، وسيجرنا إلى فوضى سياسية وجولة أخرى من الإنتخابات". ويتابع "فالحديث يدور اساسا عن إتفاق يتضمن بنودا مع رائحة سيئة، بل سيئة جدا، ولكن بإستثناء البند عن "القانون النرويجي المتجاوز" لا يوجد أي مس بالديمقراطية، فليتفضل قضاة العليا بلجم انفسهم." ثالثا هدد الليكود بشكل سافر المحكمة العليا في حال لم توافق على الإتفاق المبرم بين الحزبين، والسماح بتشكيل نتنياهو حكومة الرأسين، فإن البلاد متجهة لإنتخابات رابعة، وقال في هذا الصدد يوفال شتاينتس، أحد اركان الليكود أنه "إذا ما قررت المحكمة العليا منع بنيامين نتنياهو من تولي رئاسة الحكومة، فإن ذلك سيكون بمثابة هزة ارضية، وضربة غير مسبوقة للديمقراطية الإسرائيلية."

وعندما إستمعت لبعض الحوار الذي شهدته المحكمة العليا امس الأحد بين القضاة والمدافعين عن نتنياهو، شعرت أنني امام محكمة صورية وشكلية ، أو بتعبير آخر مسرحية قضائية، حيث يدافع فيها محامو الدفاع عن نتنياهو بطريقة هزلية، لا يوجد لديهم أي دليل على براءة الساكن في شارع بلفور، ومع ذلك يريدون له تولي رئاسة الحكومة بذريعة، ان "المتهم برىء حتى تثبت إدانته". وهذا المقولة صحيحة جدا، ولكن التهم الموجهة لنتنياهو تحمل الوقائع والشواهد على صحتها، وهي ليست تهما جزافية، أو مجرد إدعاء كيدي، انما هي تهم حقيقية، وفيها إعترافات من شهود، وحصل مقايضة مع زوجة رئيس الوزراء، وردت جزءا من الأموال التي تصرفت بها بشكل غير قانوني ودون وجه حق وفق القوانين الإسرائيلية. وبالتالي فإن السماح لمتهم بثلاث قضايا فساد بتولي الحكومة فيه سقوط قانوني وأخلاقي وقيمي وسياسي مريع في دولة الإستعمار الإسرائيلية.

هناك هجمة غيرمسبوقة من القوى اليمينية المتطرفة والمتساوقة معها إعلاميا لحماية رأس اللص نتنياهو، مرة بالتهديد، ومرة بالوعيد ومرة بالتبريرات الذرائعية الواهية، التي ساقها بن درور يميني، الذي ذهب لدرجة التناغم مع شتاينتس في تهديد المحكمة بشكل مبطن، بأنه إذا ما رفضتم الإتفاق بين الحزبين، وهو يقصد ما ذكرة صراحة يوفال، عدم تولي نتنياهو رئاسة الحكومة، فهذا يعني تغول للمحكمة على السياسة، ويهدد بفوضى سياسية في البلاد. وتجاهل ذلك الكاتب الصهيوني، ان دولته تعيش ازمة بنيوية عميقة على الصعد المختلفة، وتسير بخطى حثيثة نحو ضرب قواعد القانون الشكلية الناظمة للمجتمع. ولم يجد يميني خللا في الإتفاق سوى بند جزئي يتعلق ب"القانون النرويجي"، الذي يبرأ ساحة زعيم الليكود الفاسد.

المشهد الإسرائيلي الماثل الآن امام الجميع، هو اكبر دليل على عمق الأزمة والخلل البنيوي، الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي منذ تأسيسه، وهذا يحمل في طياته تداعيات غير مسبوقة على البنائين الفوقي والتحتي، ويشي بأخطار داخلية لم تعشها دولة الإستعمار ألإسرائيلية منذ 72 عاما حسبما أعتقد. واي كانت النتيجة إستمر نتنياهو في الحكم أم لا، فإن النتيجة الجلية تقول ان الإنتخابات الرابعة قادمة، رغم إتفاق غانتس مع الفاسد نتنياهو في زمن منظور، وغير بعيد.

اخر الأخبار