أعياد للتخدير بمناسبة عيد العمال العالمي / آيار 2020

تابعنا على:   23:46 2020-05-02

علياء الأنصاري

أمد/ ضمن سياسة تخدير الشعوب، هو إلهائها عن الفلسفة الحقيقية للحياة، وحرف إذهانها عن فلسفة الحقوق.. والمساواة والعدالة، وقيم الإنسانية.
وللنخبة القائمة على إشاعة هذه السياسة، سواء كانت نخبة سياسية أم دينية أم فكرية أم مجتمعية، أدواتها الخاصة وجنودها وفعالياتها المتعددة.
سأتحدث هذه الليلة (وربما يصدر كتاب فيما بعد للتعمق في هذه السياسة)، عن أداة (تفعيل العيد في ذاكرة الشعوب)، فمثلا:
** عيد الحبّ في الرابع عشر من شهر شباط، الشباب والشابات، الكبار والكبيرات، غالبية البشر، يستعدون للاحتفاء بعيد الحبّ من خلال الفعاليات المختلفة والهدايا والعبارات الرومانسية وغيرها.. وكأن الحب بحاجة الى عيد!
من المفترض ان الحب يكون فعالية يومية حيوية في حياتنا، لا نحتاج الى يوم في السنة لنحتفل به، من المفترض ان نحتفل به يوميا، من خلال الابتسامة والكلمة الطيبة والمحبة والتسامح والتواصل والتوادد ومراعاة مشاعر الناس.. أن نحب الناس في كل لحظة في حياتنا، ونحب من حولنا المقربين بشكل مستمر.. ونمارس هذه الطقوس بشكل مستمر.. دون الحاجة الى مناسبات لتذكرنا بالحبّ..
أتدركون لماذا يحدث هذا؟
لأننا أمسينا شعوب لا تفهم معنى الحبّ، ولا تجيد ممارسة طقوسه وأعرافه.. أمسينا نجيد الكره والبغض والحقد للآخرين أكثر من أي شيء آخر.. أمسى صاحب القلب الطيب الودود، ساذجا!! وأصبح المسامح، ضعيفا!!
لذلك يغروننا بعيد كل يوم في السنة.. نبتهج بقدومه، دون أن ننتبه الى إننا ندين أنفسنا بإحتفالنا بهذا العيد.
** عيد العمال في الاول من آيار، نقوم بالثناء على العاملين في كل مكان وزمان، ونحتفي بطقوس معينة، نكافئ بعض العاملين البسطاء، نكتب اشعارا ونسرد حكايا.. والعمال في بلداننا بلا عمل.. بلا تأمين صحي .. بلا رواتب كريمة تضمن لهم حياة كريمة لهم ولأسرهم.. عمالنا بلا حماية .. بلا كرامة.. بلا حاضر ولا مستقبل.
عن أي عيد نتحدث؟
عيد حافي القدمين، خاوي البطن، مشتت الذهن.. يكتنفه الخوف والقلق مما هو آتي.
ماذا يعني لنا هذا العيد؟
** عيد الأم في الواحد والعشرين من آذار كل عام، تلك المخلوقة العظيمة التي يقف الكون على كتفيها وما أنحنى ظهرها يوما..
ننتظر هذا اليوم، حتى نرسل لها تهنئة على شكل رسالة تصلها في الواتساب او الماسنجر، أو ربما نتكلف بمهاتفتها، أو زيارتها.. ربما نحمل لها هدية او وردة.. وماذا بقية أيام السنة؟
أليس من المفترض في كل يوم، تكون الأم حاضرة في عيدها معنا، بسؤال وزيارة وهدية وكلمة طيبة وإهتمام ورعاية..
كم من البشرية، يعطي حقّ الأم (الأم قد تكون الوالدة أو المعلمة أو المربية).
هل نحتاج الى يوم للاحتفال بعيد لها؟!
وغيرها من الأيام التي نصبوها لنا أعيادا، ومنهجوا لها طقوسا وفعاليات وعادات أصبحت جزءا من السنن الاجتماعية في حياة الشعوب..
كل تلك الأيام لو أنصفنا أنفسنا، لأدركنا أننا نحتفي بما هو مفقود في حياتنا.. تلك الأشياء التي نفتقر اليها في يومياتنا، تلك الاولويات التي سقطت من أجندتنا.. تلك القيم التي غادرتنا..
عوضناها بأيام للاعياد السنوية، ونعتقد أننا نحسن صنعا.
لذلك في ذكرى عيد العمال العالمي، أعطوا للعمال حقوقهم.. وفروا لهم حياة كريمة، ولاولادهم مستقبل أفضل..
دوما هم في المقدمة، ينضحون عرقا ودما.. بأجر زهيد، ودوما هم أول من يدفع الثمن عند حدوث الحروب والازمات والنكبات.. عندما يخسرون أعمالهم ووظائفهم، وها هي جائحة كوفيد 19، تقصم ظهورهم، وتجعلهم يفقدون فرصة قوت يومهم، بدون أي حماية من الحكومات والتفكير بمساعدتهم وتعويضهم عما فقدوه.. هاهم يغمسون وجعهم بخوفهم من المجهول.
هذه دعوة ليست للحكومات فقط، بل هي لكل المؤسسات والمنظمات وأصحاب المصانع والاعمال.. أرفقوا بالعاملين .. بمن ينضحون عرقا حتى تكسبون أنتم الأموال..
لا تبخسوا الناس حقهم.. أعطوهم ما يستحقونه من أجور وكرامة ومعاملة طيبة وحسن خلق..
حينها لن يحتاجوا الى يوم في السنة تسمونه عيد العمال، تقدمون لهم فيه التهنئة..
لذلك لن أقول كل عام وعمال العالم بخير.. فلا طعم لها وملايين العاملين الآن بلا عمل، بمصير مجهول.
سأستعيض عنها ب (أعطوا حق العمال فلهم الفضل فيما أنتم فيه).

اخر الأخبار