سياسة خلق الأزمات

تابعنا على:   10:45 2020-04-27

خالد صادق

أمد/ قرار الحكومة الصهيونية بتجميد نحو 450 مليون شيكل من اموال الضرائب التي تحصل عليها السلطة من «اسرائيل» يدل دلالة قاطعة على ان حكومة الاحتلال تسعى لخلق الازمات وزيادتها وتفاقمها بحيث لا تستطيع السلطة ان تتنفس, وتبقى تحت سطوة الاحتلال وتبقى قراراتها رهينة المشيئة الاسرائيلية, فإن شاءت اعطت, وإن شاءت منعت, الغريب ان هذا القرار جاء في اعقاب قرار صدر عن وزارة المالية في حكومة الاحتلال، يقضي بإقراض السلطة الفلسطينية 500 مليون شيكل وذلك على ضوء الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها بعد تفشي فيروس (كورونا), لكن الاحتلال دائما يبقي لنفسه مساحة للمساومة والتسويف, وهو لا يتوانى لحظة في استخدام الازمات لتحقيق مكاسب لنفسه, فالحل لأي ازمة انسانية لن يكون مجانيا, انما يسعى الاحتلال لتحقيق مكسب كبير لصالحه, فالاحتلال سبق وان عرض تقديم 500 مليون شيكل للسلطة, وفي نفس الوقت احتجز مبلغ 450 مليون شيكل من مستحقات السلطة دون ان يقدم القرض الذي وعد به, وهذا يعني ان الازمة المالية ستتفاقم بشكل اكبر خلال المرحلة القادمة, وتفاقم الازمة يعني ان الاحتلال يريد ان يفرض مخططاً ما على السلطة الفلسطينية, قد يكون ضم منطقة الاغوار وشمال البحر الميت وشق طرق التفافية في الضفة لخلق تواصل بين المستوطنات, وقد يكون مخططاً يستهدف المسجد الاقصى المبارك, والحرم الابراهيمي الشريف.

حكومة الائتلاف بين الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو, وكاحول لفان بزعامة بيني غانتس تريد أن تدخل الساحة السياسية بحدث قوي يرضي اليمين الصهيوني المتطرف, لذلك مهدت للتصعيد مع السلطة الفلسطينية, وسمحت لما يسمى بمحكمة منطقة القدس ان تصدر قرارًا بتجميد مبلغ 450 مليون شيكل من أموال عوائد السلطة الفلسطينية التي تحتفظ بها «إسرائيل», وجاء القرار بعد 15 دعوى قضائية من عشرات الإسرائيليين، أصيب وقتل أفراد من عوائلهم جراء عمليات فلسطينية خلال الانتفاضة، ويمكن قرار المحكمة الإسرائيلية، كل من أصيب أو تضرر جراء العمليات المزعومة تقديم دعاوى تعويضات, وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم سلطات الاحتلال الصهيوني بخصم وتجميد أموال السلطة، فالسلطة عانت من أزمة مالية خانقة جراء تجميد سابق لأموال المقاصة مما أثر على رواتب الموظفين وفئات عديدة, ففي فبراير 2015م قرر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تجميد 400مليون شيكل من قيمة المستحقات الضريبية للسلطة الفلسطينية اضافة الى مبلغ 500 مليون شيكل كانت « إسرائيل » قد حجزتها عن مستحقات شهر كانون الأول من عام 2014, واشارت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية نقلا عن مصادر مقربة من نتنياهو «أن احتجاز العائدات الضريبية سيستمر إلى أن تبلور « إسرائيل » بشكل نهائي خطوات الرد على تجاوز السلطة الفلسطينية للخطوط الحمراء بذهابها إلى المحكمة الجنائية الدولية أنذاك.

"اسرائيل" تتعامل مع اموال الضرائب الفلسطينية على انها ملك خاص بها, وهي ترى ان ذهابها الى السلطة يعني استقراراً اقتصادياً لها, لذلك هي تبحث عن أي حجج واهية لتبديد اموال السلطة والسيطرة عليها, ففي العام الماضي ذكرت وسائل الاعلام العبرية بأن وزارة المالية بحكومة الاحتلال، تتجه الى تحويل مبلغ يقدر بـ500 مليون شيكل، لشركة الكهرباء، من أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة) التي تجبيها سلطات الاحتلال، وذلك بدعوى تسديد ديون متراكمة على السلطة الفلسطينية لشركة الكهرباء, وسبق ان طرح على الكنيست الصهيوني مشروع قرار يسمح بمصادرة جميع الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية لدى حكومة الاحتلال من رسوم الجمارك وغيرها, وذلك ردًّا على الحملة التي أعلنتها السلطة الفلسطينية بمقاطعة منتجات المستوطنات, فإذا كان من يقاطع هذه البضائع دولة أو سلطة كما هو حال السلطة الفلسطينية، فإن مشروع القانون يقضي بمنعها من التعامل مع البنوك الإسرائيلية ومصادرة أموالها في هذه البنوك واقتطاع مبالغ منها لدفع تعويضات للمتضررين, وقد وضع هذا البند خصيصًا من أجل مصادرة رسوم الجمارك التي تجبيها «إسرائيل» لصالح السلطة الفلسطينية من رسوم الجمارك على البضائع المتجهة إلى الأراضي الفلسطينية, انها سياسة خلق الازمات التي تمارسها الحكومية الصهيونية بمنهجية, وتهدف من ورائها لضرب الاستقرار الاقتصادي, واشغال السلطة بأزماتها الداخلية .

اخر الأخبار