ما يؤمن به الإنسان ذلك المجهول 

تابعنا على:   15:29 2020-04-26

محمود مرداوي

أمد/ تأثيرات جائحة كورونا العميقة على الإنسان أضاءت على ضعفه وأظهرت كم هو عاجز في مواجهة عدو بسيط تمكن من تجريده من خلاصة ما أنتجه في شتى المجالات على مدار التاريخ بالتراكم، لكن  هناك إضاءات على قدرة الإنسان والبشرية في استيعاب المصائب والكوارث والجوائح وإدارة مواجهتها.

صحيح أن الأهداف تحدد الوسائل ويرافقها التبريرات لأنها تعكس قدرة الإنسان ، فعند بداية انتشار فيروس كورونا احتاجت البشرية للانطواء والانعزال لمنع التفشي والانتشار للفيروس بالتباعد وتقييد الحركة.
 
والآن تحت وطأة تداعيات الاقتصاد وآثاره المدمرة لقدرة الدولة والأفراد على الاستمرار في العيش والبقاء تذهب باتجاه تخفيف القيود وإعادة الانفتاح المتدرج. 

في الأولى واكبها تهويل حتى يساعد في الضبط والامتثال لتوجيهات الإغلاق والعزل.
وفي الثانية تهوين وتسهيل لإعادة الانسياب والانفتاح...
وفي التفصيل برزت عدة فوارق بين النظم الديمقراطية وفكرها الحاكم التي أسرفت في حرية الفرد وتقييد المجموع وبين النظم الأقرب للشمولية وفكرها الحاكم التي أسرفت في المركزية على حساب الحرية الفردية ؛
الديمقراطيات في المواجهة اصطدمت بقيود أخرتها عن اتخاذ الإجراءات اللازمة، حيث فكرت في إطار المنظومة الإدارية والفكرية والإجرائية التي أنتجتها الثقافة الديمقراطية في الإفراط بحماية الحرية .
بينما النظم المحررة من القيود في التفكير والتدبير ولا تأبه كثيرا لحرية الفرد اهتدت للإغلاق لأنها تستطيع، بينما الأولى وكأنها انتظرت مبررات الاستطاعة في تغيير لوحة التوجيهات الذهنية لإدارة المواجهة واتخاذ القرارات...
كما أن الجائحة أظهرت أن الكيانات المشغولة بأزمات داخلية وخارجية سياسية عسكرية اقتصادية بدت طواقمها مؤهلة وذهنيتها مشهلة، والخيال في إدارة الأزمات والقدرة على اتخاذ القرارات ومهارة استشراف المآلات ثرية أهلتها حتى اللحظة لتجاوز المحنة .
والدول التي جمعت بين الديمقراطية وإدارة الملفات المعقدة وامتلاكها الأجسام المؤهلة تمكنت من امتصاص الفاجعة وإدارتها بحسبة وموازنة دقيقة.

كوڤيد 19 إشارة أكد قدرة فوق القدرات، وفوق كل ذي عليم.
وإن علمت البشرية وآمنت لكنها تراخت بعد أن قلدت وما عادت تستحضر القدرة المطلقة، فأسهبت فتثاقلت في الانتباه لما أنتج العقل البشري واستسلمت، فاحتاجت للتذكير، دق على كل الأبواب فجأة، وأيقظ الجميع وشد الانتباه، لكن الانسان ذلك المجهول هو ما يؤمن به انتفض واستدرك وأثبت من واقع عجزه وضعفه و قدر علمه المحدود الممنوح من المطلق العليم فوق كل علم 
القدير فوق كل قدرة أنه يستطيع أن يتحرك يستطيع أن يتصدى يستطيع أن يواجه.
نعم الجائحة لم تغادر وتنتهي، والاحتمالات مفتوحة على كل الاتجاهات ولكن قدرة الانسان على المواجهة أصبحت أفضل 

وفي كل الأحوال لم تحول دون وقوع تداعيات وانقسامات تؤثر عميقاً على المنظومة الدولية ووحدتها ،والمعتقدات والقناعات الفردية ومكانتها ، ستتأثر وتتغير على مستوى الفرد عميقاً، وبحجم استمرارها وعمق تأثيرها ستؤثر على الدول وشكل النظام الدولي.

كلمات دلالية

اخر الأخبار