لجان الطوارئ مواجهة كورونا بين تهديدات قوات الاحتلال ومخاوف السلطة.. ومطور لـ "أمد": إسرائيل تتعمد نشر الفايروس

تابعنا على:   00:00 2020-04-23

أمد/ القدس - خاص: يتعقد المشهد الفلسطيني في ظل استمرار أزمة كورونا يوميا على الأرض، وعلى الرغم من الإجراءات المشددة التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية، والتي أثبتت فعاليتها ومنعت حتى الآن من حدوث انهيار صحي ومن تفشي للوباء حيث يُشيد الجميع بذلك، إلا أن عملية تطبيق الإجراءات الحكومية على الأرض تطلبت القيام بخطوات تنظيمية خاصة في المناطق المصنفة "ب" و "ج"، إضافة إلى مناطق "أ" فطلبت قوات الأمن الفلسطينية المساعدة من تنظيم حركة فتح ولجان الطوارئ والتي تم تشكيلها منذ بداية الأزمة من قبل قيادة التعبئة والتنظيم وبموافقة الرئيس عباس، مساعدتها في تنفيذ المهام.

لكن المعضلة كانت في عملية التنفيذ والمتابعة، ورغم أهمية هذه اللجان خاصة في المناطق المحاذية لجدار الضم العنصري، وبالذات في ضواحي القدس (أبو ديس والعيزرية وعناتا والزعيم ومخيم شعفاط وقلنديا وكفر عقب وسميراميس) إضافة لقرى شمال غرب القدس، حيث بدأت هذه اللجان عملها وبدأت تأخذ دورها على الأرض، بحيث أصبحت تُشكل المرجعية الأساسية للجمهور الفلسطيني، وشكلت حلقة الوصل بين السلطة والأجهزة الأمنية وبين سكان تلك المناطق.
 إلا أن هذا الدور دقّ ناقوس الخطر لدى الكثير من قيادات السلطة الفلسطينية، التي تخوفت من سحب البساط من تحت قدميها، بل أن التقديرات الإسرائيلية تُشير إلى أن هذه اللجان المختلفة والمنتشرة أصبحت تمثل شكل تنظيمي ومرجعي في تلك المناطق، وهذا قد يضعف دور الأجهزة الأمنية مستقبلا، خاصة أن هذه القيادات الميدانية غير مُلزمة بالتنسيق مع الأمن الإسرائيلي، بل هي مستعدة لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية، وتعرقلها بعد ان كانت تُمارسها بحرية، ومن خلال التنسيق الأمني مع الأمن الفلسطيني.

يجدر الإشارة الى انه رافق تشكيل هذه اللجان بعضا من الفوضى والمحسوبية، في بدايات تنفيذ حالة الطوارئ لدرجة أن أحد المواطنين، قال: يبدو أن الطوارئ تطبق فقط عليّ وعلى عائلتي فالكل لديه اذن للتحرك، ونتيجة لذلك قامت محافظ رام الله والبيرة بسحب كافة التصاريح، وجعلت من ذلك اختصاص حصري للمحافظة وليس للأجهزة الأمنية.
 مواطن أخر قال: شاهدت على حاجز حوارة بالقرب من نابلس شبيبة فتح حيث هناك فتيات تأخذ حرارتك وأنت بالسيارة، وبعد ذلك تنتقل لحاجز للأمن الوطني، ومن ثم حاجز للشرطة والوقائي والمخابرات، وقال ساخرا: "يبدو أنها حفلة حواجز وليس حواجز المحبة كما يسمونها".

بعض الفوضى التي رافقت عمل لجان الطوارئ والتنظيم أدت بمحافظ رام الله والبيرة لتوقيف سيارة لجنة الطوارئ في بيتونيا، وتسليمها للسلطة ومنع عمل اللجنة في كافة أنحاء بلدة بيتونيا.
لكن المسألة لم تكن في مناطق "أ" بالذات ولا مناطق "ب" في الضفة الغربية المحتلة، المشكلة الأساسية كانت في ضواحي القدس، وبعض الضواحي تُحتسب على بلدية الاحتلال بالقدس "كفر عقب وجزء من قلنديا ومخيم شعفاط وجزء من عناتا"، حيث كان هناك صراع قوي بين لجان الطوارئ وتنظيم فتح، والتي تُريد تطبيق إجراءات الحكومة الفلسطينية وبين أتباع بلدية الاحتلال بالقدس الذين يريدون الإبقاء على كل شيء مفتوح وفق قرارات حكومة إسرائيل، وقد ظهر هذا الصراع بالأساس في منطقة قلنديا وكفر عقب وسميراميس.
 

هذا الصراع أخذ أبعاد سياسية وأمنية أكثر من بُعده صحي، فلجان الطوارئ تُريد حماية المواطنين من تفشي الوباء، والسلطات الإسرائيلية المحتلة تريد تثبيت سيطرتها على تلك الضواحي من جهة، ومن الجهة الأخرى تتخوف من أن يتم تقويض مكانة السلطة وأجهزتها الأمنية بين السكان الفلسطينيين، عدا عن أن هذه اللجان لا تعترف بالتنسيق الأمني، وتُحمّل إسرائيل المسئولية بالكامل على تفشي وباء الكورونا في ضواحي القدس بسبب من عدم الالتزام بالإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الفلسطينية، كما أن بعض قيادات الأمن يرون أن هذه اللجان سوف تصبح ذات دور وتأثير بين المواطنين.

الجانب الإسرائيلي ومعه بعض قيادات السلطة أصبحوا يروْن بلجان الطوارئ مشكلة لهم وعقبة أمام القادم السياسي، فلأول مرة منذ الانتفاضة الأولى يتم تشكيل لجان تعمل في كل حي وبلدة وضاحية ومدينة، وهذا يعني تشكيل تنظيمي قد يتم استخدامه في أي مواجهة محتملة مع الاحتلال خاصة بما يتعلق بصفقة ترامب، كما أن الوضع الاقتصادي يعكس نفسه بقوة على المشهد الفلسطيني، ووجود هذه اللجان قد يؤدي لتحركات جماهيرية تهدد من خلالها منظومة الأمن بشكل عام وبعض قيادات السلطة بشكل خاص.

إسرائيل وفي محاولتها لمنع تفشي ظاهرة لجان الطوارئ، والتي قد يتسرب لها عناصر من التنظيمات الأخرى غير حركة فتح، سمحت للأجهزة الأمنية الفلسطينية بالانتشار في أبو ديس والعيزرية، لكنها حتى الآن لم تقرر بخصوص كفر عقب وقلنديا وسميراميس، لأن الكثير من أعضاء الكنيست من اليمين يرون انتشار أجهزة أمن السلطة في هذه المناطق هو اعتداء على "السيادة الإسرائيلية"، حتى أنهم اعترضوا على انتشار أجهزة الأمن في أبو ديس والعيزرية.

أما داخل الجدار في مدينة القدس فتقوم السلطات الإسرائيلية بالتحرك فورا لمنع أي مظهر من مظاهر العمل للسلطة أو للتنظيم في داخلها، حيث فككت عيادة لفحص الكورونا أقيمت في سلوان أقامتها لجان الطوارئ بدعم من وزارة الصحة الفلسطينية، كما أنها تحاول منع أي جهد فلسطيني داخل المدينة يعمل لمنع انتشار الوباء بين المقدسيين، لذلك تأخرت السلطة الإسرائيلية كثيرا في توفير أماكن لفحص الكورونا، كما أن المصاب تصله رسالة شخصية عبر تلفونه المحمول الشخصي ودون تتبع لأماكن تواجده، ولولا أن الكثير من أبناء القدس أعلنوا عبر فيديوهات وتسجيلات صوتية عن إصابتهم بكورونا ودعوا كل من خالطهم للذهاب للفحص لما علم أحد بشيء.
 الأرقام للمصابين في محافظة القدس تتضارب وفيها غموض كبير، وهي كما يبدو أكبر بكثير مما يتم إعلانه بثلاثة أضعاف كحد أدنى وفق مصدر أمني.

 المقدسيون قاموا بكل جهد ووفق إمكانياتهم، إن كان ذلك عبر التجمع المقدسي أو عبر شبكة مستشفيات القدس أو عبر الهلال الأحمر أو عبر المحافظة والتنظيم، لكن كل هذا الجهد تحاربه سلطة الاحتلال، ولا تزال القدس كمصابين وأرقام فيها غموض تتحمل مسئوليته سلطة الاحتلال.

وبهذا الشأن قال أمين سر حركة فتح إقليم القدس، عضو لجنة الطوارئ شادي مطور: ان لجان الطوارئ تعمل في ظروف معقدة بحكم ان مدينة القدس تقع تحت حكم الاحتلال، وهو يحدد صلاحيات الحكومة الفلسطينية داخل المدينة، ويقوم بمحاصرة اي نشاطات وملاحقة القائمين عليها، كما واعتقل امين سر حركة فتح في سلوان، ومنع لجان الطوارئ من العمل في ضواحي المدينة المقدسة في كفر عقب وفي شمال غرب القدس وفي جنوب القدس، ويقيد حركة الامن الفلسطيني. 

وأضاف مطور لـ"أمد للإعلام"، ان الاحتلال الإسرائيلي ارسل رسائل للطواقم الطبية في كفر عقب بمنعها من ممارسة عملها كوزارة صحة فلسطينية، وانها تقع تحت سيادة بلدية الاحتلال، مؤكدا هذه المشاكل تجعلنا نعمل تحت ظروف معقدة في عملية حصر الإصابات، والعمل يكون بدون مصدر رسمي وبجهود لجان الطوارئ نعمل على معرفة عدد الإصابات، لأن الإسرائيليين تعاملوا مع الإصابات باستهتار، فقط يتم تبليغ المصاب عبر رسالة بإصابته بعدما يكون قد اختلط بأهله. 

وتابع: يأتي دورنا هنا كلجان طوارئ بالمتابعة وتحديد خط المسار، ونتواصل مع الخط الوقائي الفلسطيني وبدوره يعمل فحوصات للمخالطين، لافتا ان الاحتلال يقوم بمصادرة الطرود الاغاثية المقدمة للمواطنين، ونعمل بطرق سرية لتوصيل هذه الطرود للعائلات المحتاجة، والعائلات المحجورة، ونعمل على صون كرامتهم وحفظ السلم الأهلي وحفظ أمن المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

واشار أن جهود لجان الطوارئ منتشرة في كل الأحياء والمداخل، وهناك فرق تعمل في التغذية لمتابعة توصيل الطرود الغذائية، وفرق تعمل على نقل الإصابات وتحديد المخالطين لها وتشرف على عملية حجرهم، وهذه الجهود تتم بعيدا عن الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حتى لا يتم ملاحقة العاملين عليها، كما تم اعتقال محافظ القدس ووزير القدس واقتحام بيتنا.

وقال مطور ل"أمد"، ان الحكومة الفلسطينية منذ البداية وضعت كل إمكانياتها في مدينة القدس، لكن الاحتلال يعمل على اجهاض هذه الاجراءات، مثلا تهديد اصحاب الفنادق بإغلاقها بعدما تعاقدت مع الحكومة لتكون مكانا للحجر الصحي، مشيرا هناك الكثير من الأمور توفرها الحكومة الفلسطينية ونعمل بالتنسيق معها  ولا نعلن عنها خشية من ملاحقتها وفق قانون الاحتلال اسمه "التطبيق"، وينص على منع عمل السلطة الفلسطينية داخل مدينة القدس، وهناك قانون تجريمي ينص كل من يثبت تلقيه أموال او دعم من الحكومة الفلسطينية سيتم محاسبته وتعريضه للمحاكمة القانونية.

وحول دخول قوة 101 التابعة للأمن الوطني الفلسطيني في مناطق القدس، قال امين سر حركة فتح: انه منذ بداية الأزمة طالبنا بتوفير أمن فلسطيني من السلطة داخل ضواحي المدينة المقدسة بعد الشجارات العائلية، وهناك كثير سلبيات تحتاج لوجود رجال أمن داخل المدينة المقدسة، مؤكدا أن أبناء التنظيمات وأبناء العائلات ليسوا بديلا عن الأمن وعلى عن الحكومة، لكن هم مساندين وداعمين لرجال الامن.

واستطرد بالقول كان هناك اتصالات بين الاخوة في السلطة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، ويبدو جاءت موافقة متأخرة لانتشار القوة 101 في مناطق محددة في شمال غرب القدس وفي جنوب القدس، ولم يتم الموافقة على دخولهم في مناطق كفر عقب وهي أكثر منطقة الآن بحاجة لضبط الحالة الصحية والأمنية، في حين ترسل سلطات الاحتلال رسائل بمحاسبة كل من يعمل فيها واعتقال المتواجدين على الحواجز، بالإضافة إلى تهديده للحكومة الفلسطينية بإلغاء اي تنسيق لدخول اي قوات للأمن في اي من مناطق القدس.

وختم المطور حديثه لـ "أمد" بالقول، ان الاحتلال يعتبر وباء كورونا فرصة ذهبية للخلاص من أكبر عدد ممكن من المقدسيين، ويقوم بعملية تهجير قسري وعدم السماح بالبناء داخل المدينة المقدسة ليتم تفريغها من السكان الاصليين، لذلك سنكون في الصفوف الأولى في الدفاع عن المدينة وعن الأقصى وعن كنيسة القيامة، واليوم كافة المقدسيين بوعيهم وبتعاضدهم وتكاتفهم يعملون كخلية نحل للحفاظ على سلامة ابناء شعبنا الفلسطيني.

لجان الطواري ونشاطات التنظيم ومؤسسات المجتمع المدني يمكن أن تكون رافعة أساسية كما كانت سابقا ليس للعمل الصحي والإنساني فحسب وإنما في مواجهة المخططات التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، لذلك وكما يبدو فإن مجرد وجودها أصبح يشكل مخاطر على مفهوم منظومة الأمن الإسرائيلية، وعلى مصالح بعض المتنفذين من قيادات السلطة الفلسطينية، فبدأت محاولات تقويضها بأشكال مختلفة.

اخر الأخبار