جنين جسدت معادلة الوحدة من خلال الدم

تابعنا على:   18:13 2020-04-05

خالد صادق

أمد/   جسدت جنين المعنى الحقيقي للوحدة من خلال الدم, ففي الذكرى الثامنة عشرة لملحمة مخيم جنين البطولية لا بد ان نستذكر دماء الشهداء الاطهار, تلك الدماء التي امتزجت بتراب المخيم وتراشقت على جدرانه بفعل بشاعة الاحتلال الصهيوني ودمويته وعشقه لار اقة الدم, لقد جسد المقاومون داخل المخيم حالة من التلاحم والوحدة الحقيقية, ليست فقط وحدة من خلال التعدد, بل وحدة الدم الفلسطيني, فرصاص الاحتلال لا يفرق بين احد فهو يختار الفلسطيني لأنه فلسطيني فأبناء فتح وحماس والجهاد الاسلامي والشعبية والديمقراطية وغيرهم من ابناء التنظيمات الفلسطينية المقاومة كلهم في مرمى جنود الاحتلال دون تمييز, وهم ادركوا ذلك منذ البداية فتوحدت ارواحهم واجسادهم ودماؤهم وانتصرت على كل الرؤى والتباينات في المواقف, لذلك سطرت جنين ملحمة بطولية اذهلت الاعداء, وكان الشهيد البطل محمود طوالبة ابن الجهاد الاسلامي والشهيد القائد رياض بدير في مقدمة المعركة وابو جندل الضابط في قوات الامن الفلسطينية وقيادات مجاهدة من حماس وفصائل فلسطينية اخرى, قاتلت في ازقة المخيم ونصبت الكمائن لجنود الاحتلال والحقت بهم خسائر بشرية كبيرة, واحتضن سكان مخيم جنين المجاهدين الابطال وحموهم من الاحتلال, فاستخدم الجنود الصهاينة ابشع انواع القتل الهمجي وهدموا المخيم على ساكنيه, لكنه لم يستسلم وبقى يقاوم حتى الرمق الاخير.

ما احوجنا اليوم ونحن نواجه صفقة القرن المشؤومة, ووباء كورونا الفتاك, وتغول الاحتلال على شعبنا واسرانا البواسل في السجون الصهيونية, الى وحدة حقيقية, وان نغلب مصلحة شعبنا على المصالح الحزبية الضيقة, خاصة ان الاحتلال يمهد لمعارك مع شعبنا على غرار معركة جنين, فهو يريد اخلاء تجمعات سكانية في الضفة المحتلة, وهو ما يمهد لتفجير معارك شعبية مع الاحتلال, ويريد ان يصدر وباء الكورونا الى الاراضي الفلسطينية من خلال اعادة العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 دون معالجتهم من الوباء, ومنع نقل الادوية والمستلزمات الطبية للأراضي الفلسطينية, واتباع سياسة الاهمال الطبي بحق الأسرى من خلال تشديد الخناق عليهم ونشر الوباء بينهم للتخلص منهم, وابقاء الحصار مفروضا على قطاع غزة ليظل سكانه تحت مرمى التهديد الاسرائيلي المستمر والحرمان من ابسط مناحي الحياة, فالعقلية الاسرائيلية تبنى على الاجرام والقهر وتعذيب الناس والنيل منهم, وحرمان كل من يقف في وجه «اسرائيل» من ابسط حقوقه المعيشية, فالعالم كله تحكمه اعراف وقوانين دولية, ويحاول ان يلتزم بها الا الاحتلال الصهيوني فله قوانينه الخاصة والتي ليس بها معايير انسانية انما تحكمها مصلحة «اسرائيل».

جنين التي جسدت معادلة الوحدة من خلال الدم ضربت نموذجا للوحدة الفلسطينية على امل ان يحتذي به الجميع, وجسدت هذه الملحم البطولية بدماء ابنائها الاطهار قبل ثمانية عشر عاما, واليوم تستحضر جنين تجربتها هذه وهى تواجه معارك اشرس واشد, يخطط لها الاحتلال ويسعى لتنفيذها بالقوة, ليس في جنين فقط ولكن في انحاء الاراضي الفلسطينية وتحديدا في الضفة الغربية المحتلة, نموذج الوحدة الذي جسدته جنين ابان معركة المخيم قبل ثمانية عشر عاما, يجب ان يعاد استنساخه مجددا, والخطوة الاولى لتجسيد هذه الوحدة تبدأ من لدن السلطة الفلسطينية التي تحمل عوامل نجاح الوحدة الفلسطينية بين يديها, فالوحدة ستحدث من خلال التوافق الوطني والحوار وتغليب المصالح العامة والاولويات, الوحدة لها اوجه متعددة ترتبط بارادة السلطة, فالوحدة السياسية من خلال التوافق السياسي على برنامج وطني مطلوبة وبشدة, والوحدة الجغرافية في كافة ربوع الوطن مطلوبة بشدة, وتتطلب معيار واحد في التعامل في شتى بقاع الوطن, ووحدة القرار مطلوبة بشدة حتى لا يتأثر المواطنون بالتباين في المواقف فالقانون هو الذي يجب ان يسود ويحكم بمعيار واحد في كل ربوع الوطن, والحقوق يجب ان تمنح وفق القانون للجميع دون تفرقة, فهل ادرك الجميع اهمية الوحدة وقدرتها في التغلب على كل العقبات وتذليلها؟, ان سر قوتنا في وحدتنا, فهل تتجسد الوحدة بكل مغانيها؟.

اخر الأخبار