البروفيسور بابيه: نتنياهو نجح باستغلال أزمة فيروس "كورونا" بتحقيق أهدافه الشخصية

تابعنا على:   13:39 2020-04-03

أمد/ لندن: ذكر البروفيسور والمؤرخ "إيلان بابيه"، أستاذ التاريخ في جامعة اكستر البريطانية، إن بنيامين نتنياهو نجح باستغلال أزمة فيروس كورونا، ليحقق مجموعة من الأهداف الشخصية والسياسية في آن واحد، إذ نجح  في تشكيل حكومة "وحدة" أو "طوارئ"، من خلال ضم منافسه السياسي الرئيسي بيني  غانتس، ونجح  في استقطاب عضوين من حزب العمل الإسرائيلي أيضًا، واستطاع عملياً تجزئة المعارضة الوحيدة التي كانت من الممكن أن تهدد وجوده على رأس السلطة في إسرائيل، كما أنه استطاع التهرب من الإجراءات القانونية لإدانته بالفساد، وخيانة الأمانة، وتحييد أي شخص قادر على استبداله، لا سيما منافسه الرئيسي غانتس الذي وصفه بابيه  بالساذج، وعديم الخبرة السياسية، مما جعله فريسة سهلة لنتنياهو.

جاء ذلك في ندوة الكترونية عن طريق برنامج الزوم، نظمتها جمعية بذور للتنمية والثقافة في نابلس، بعنوان المشهد السياسي الإسرائيلي في زمن الكورونا، وأثره على الفلسطينيين، أداره الدكتور حسن أيوب، المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، والمتفرغ لسنة دراسية في جامعة دنفر في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بحضور ما يربو عن ستين مشاركا من القناصل، والسفراء، وممثلي البعثات الدبلوماسية في فلسطين، وأكاديميين، وباحثين، وإعلاميين، وطلبة، ونشطاء في حملات التضامن مع فلسطين، من الولايات المتحدة، وبريطانيا، والمانيا، والسويد، وفرنسا، وتشيلي، وايطاليا، والنمسا، وسلوفينيا، والضفة الغربية وقطاع غزة.

وأشار بابيه، إلى أن نتنياهو وبكل خبث نجح في استغلال أجواء الفيروس للسيطرة على المشهد السياسي الإسرائيلي بما يخدم مصالحه،  بحيث أضحى اليوم يسيطر على 13 وزيراً ممن كانوا من خصوم الأمس القريب، واستغله كذلك للانقضاض على بقايا الديمقراطية الهشة، من خلال شرعنة  التجسس على الناس ومنع التظاهر السياسي لفرض سيطرته المطلقة على المشهد السياسي في إسرائيل.

وانتقد المعسكر الاشتراكي في إسرائيل، ممثلاً بشكل أساسي بحزب العمل،  والحركة الصهيونية الاشتراكية التي تأسست في القرن التاسع عشر والتي سيطرت على المشهد  السياسي الإسرائيلي من الأربعينيات إلى منتصف السبعينيات، مشيراً إلى أن كل ادعاءاتهم ورفعهم لشعار الإشتراكية، لم يخف حقيقة كونهم، يحملون لواء حركة استعمارية استيطانية،  قامت على الاستيلاء على الأرض، وكان هدفها دائمًا الاستيلاء على أكبر قدر من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان الأصليين الذين يعيشون فيها وهم الفلسطينيين بطبيعة الحال.

واستعرض تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقدرة اللامتناهية على استغلال الحركة الإسرائيلية، للظروف الإقليمية والمحلية من أجل تنظيم  تطهير عرقي؛ وطرد ثلثي الفلسطينيين من ديارهم،  وتدمير نصف القرى الفلسطينية. وتأسست إسرائيل على 78٪ من فلسطين التاريخية.

ولفت إلى أن حزب العمل، وتحت مظلة الصهيونية الاشتراكية ، قام باحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية ، وقطاع غزة وفرض الحكم العسكري عليهما، ومع ذلك فحزب العمل لا يشكل اليوم سوى قوة سياسية هامشية، ليس لها أي تأثير في المشهد السياسي الإسرائيلي. 

وتطرق بابيه استغلال الليكود للتمييز الواضح  ضد المجتمعات اليهودية من الشرق الأوسط، لحشد الدعم والانقضاض على السلطة، عبر وصول مناحيم بيغن وأرييل شارون إلى السلطة.

وأوضح بأن لا فرق بين اليسار واليمين في إسرائيل، فإن كان هناك تبايناً بسيطاً في الأسلوب أو الخطاب، إلا أن هناك توافيا على أن الفلسطينيين ليس لديهم الحق في العودة.

وأضاف إن التغير الكبير في المشهد السياسي الداخلي في إسرائيل، لم يحدث نتيجة اتفاقية اوسلو، أو في أعقابها، ولكن مع مجيء أرييل شارون إلى السلطة في بداية القرن الجاري، الذي مثل انطلاق معسكر اليمين، وتراجع حزب العمل عن المشهد السياسي المؤثر في إسرائيل.

وأردف بابيه، بان شارون انطلق  ببراغماتية عالية،  لإكمال المشروع الاستعماري الاستيطاني، دون أن يمانع من الحديث عن حل الدولتين، مضيفاً بأن غانتس وحزبه أزرق أبيض يتبنيان ذات التوجه الايدولوجي في العام 2019، هذا الحزب الذي  يضم  عددًا من جنرالات الجيش  الذين يمكن وصفهم كمجرمي حرب، على الرغم من احترام الإسرائيليين لهم كأبطال حرب.

 وأشار بانهم لا يحملون رؤية سوى اليمينية المتطرفة، وأن هدفهم هو الحفاظ على الوضع الراهن وتوسيعه تدريجيًا في مشهد لا يختلف عما سيقوم به نتنياهو، إنما بطريقة وخطاب أقل تطرفاً.

وقال: "لا يقدم حزب الليكود بقيادة نتنياهو منذ عام 2009 أي شيء مختلف جذريًا عن أسلوب وايدلوجيا شارون، إنما بوجود تحالف مع  أحزاب  أكثر تطرفا شكلها مستوطنون في الضفة الغربية، بينما الفارق أن انتخاب دونالد ترامب ، جعل من  أسلوب الليكود – أقل براغماتية وأكثر إثارة – في ظل مباركة الولايات المتحدة والقاعدة المسيحية الإسرائيلية لترامب، مضيفاً بإن ظهور قادة شعبويين على رأس حكومات غربية مثل أوبان في المجر وجونسون في المملكة المتحدة، وكذلك استغلال إسرائيل للصراع القائم في الشرق الأوسط بين إيران وجيرانها، وتخوف مجموعة من الأنظمة من إيران، قد ساهم في إيجاد موطئ قدم لإسرائيل في تلك الدول، بما في ذلك عدد من دول الخليج.  

 وأكمل قوله: "استخدم نتنياهو فيروس كورونا للقضاء على أي معارضة من معسكر الوسط، والقضاء على آخر آمال اليسار بلعب أي دور في المشهد السياسي،  ومع ذلك ، يستمر الوهم بين عدد من الفلسطينيين بوجود دعم لـ "حل الدولتين"، لكن المهم ليس ما يقوله الإسرائيليون،  بل ما يفعلونه، إذ أن  الحقيقة  اليوم هو ما يتم فرضه من نظام تمييز عنصري  على الأرض، مشيرا بأن رفع لواء محاربة فايروس كورونا، لا يخفي الوجه الحقيقي لحكومة نتيناهو، من خلال اعلانه  صراحة نيته ضم غور الأردن،  من خلال استغلال الفرصة النادرة بوجود  ترامب في البيت الأبيض، مشيرا بان  تداعيات الفيروس في الولايات المتحدة الأمريكية قد تقود إلى سقوط ترامب ، لذلك فإن نتيناهو يشعر أنه في سباق مع الزمن لخلق حقائق جديدة على الأرض".

وتابع بابيه، بالنسبة إلى الليكود، فإن الجوانب الرئيسية لـ "صفقة ترامب" هي انتقال السفارة الأمريكية إلى القدس، وإضفاء الشرعية على المستوطنات، وضم مرتفعات الجولان ووادي الأردن (كل المنطقة ج)، وخلق واقع جديد يقوم على الفلسفة الإسرائيلية أرض أكثر، وعرب أقل.

كما وتطرق إلى حملات مقاطعة إسرائيل، وتعرية جرائمها على أرض الواقع، من خلال تبني حملات المقاطعة، والتوجه للمنظمات الدولية، مشيرا بأن كل من يحاول وسم ذلك باللاسامية، هو مخطىء ومضلل، مستدركاً بان ايقاف جرائم اسرائيل، ونظامها للتمييز العنصري، هو أعظم رسالة احترام لضحايا الهولوكوست، مشيرا بأن وصف ما قامت به اسرائيل بالتمييز العنصري، والإبادة الجماعية، يرتكز إلى دراسات اكاديمية، وشواهد علمية مثبته، لا تستطيع إسرائيل مواجهتها.

اخر الأخبار