إلى أين يقودنا استهتار الاحتلال بصحة الأسرى؟

تابعنا على:   11:41 2020-04-03

أحمد طه الغندور

أمد/ على ما يبدو أن غطرسة الاحتلال الإسرائيلي تقوده إلى العمى، إذ بالرغم من الكارثة الإنسانية التي تحيق بالعالم بأسره نتيجة تفشي فيروس "كورونا ـ (COVID-19)"، والتي وصلت إلى تخوم "المجتمع الإسرائيلي"؛ فأصابت قيادات ذلك المجتمع السياسية، والعسكرية، إضافة إلى الألاف من السكان العاديين، إلا أن الاحتلال يهمل بشكل متعمد حقوق الأسرى الفلسطينيين، وخاصة حقهم في الحماية الصحية الضرورية في ظل هذا الوباء الخطر.

فهل من المقبول أن ندع الاحتلال يمضي في استهتاره وإهماله الصحي بحياة ما يزيد عن خمسة ألاف أسير فلسطيني بين رجل، وسيدة، وطفل فلسطيني؟!

وإذا ما أدركنا أن من بينهم (200) قاصر، و (41) أسيرة، و (700) أسير يعانون من أمراض مختلفة، في معظمها من الأمراض المزمنة والخطيرة، إضافة الى العشرات من المسنين، وجميعهم عانوا، ويعانون طيلة سنوات الأسر من الإهمال الطبي، وحتى الغياب المتعمد للعناية الصحية!

فهل لنا أن نتخيل كيف سيكون عليه حال أسرانا البواسل في "زمن الكورونا"؟!

لعل ما حدث مع الأسير المحرر " نور الدين صرصور " من "بيتونيا"، الذي جرى اعتقاله بتاريخ 18/3 وأُفرج عنه مساء الثلاثاء الماضي، والذي أثبتت الفحوصات الطبية التي أجرتها الطواقم الطبية الفلسطينية إصابته بفيروس "الكورونا".

وقد أذن " نور الدين " للسلطات الفلسطينية بنشر اسمه وتفاصيل ما حدث معه على أمل إنقاذ الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال من مغبة الإصابة بهذا الوباء القاتل، وتحميل "سلطات الاحتلال الإسرائيلي" وما يُعرف باسم "إدارة مصلحة السجون" المسؤولية القانونية الكاملة لما قد يصيب الأسرى نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قِبل "سلطات الاحتلال".

وقد قضى " نور الدين " مدة (12) يوماً من فترة اعتقاله في "القسم 14" من "معتقل عوفر" الإسرائيلي المعروف بـ "المعبار"، بعد انتهاء التحقيق معه في مركز تحقيق "بنيامين". و "المعبار"؛ هو قسم يضم أسرى موقوفين جدد.

وقد ثبت للفلسطينيين أن عدد الأسرى الذين تواجدوا في القسم وقت وجود الأسير المحرر " نور الدين " قد بلغ (36) أسيراً، وقد كان مخالطاً لهم طيلة المدة المذكورة، الأمر الذي يدعو إلى رفض رواية "إدارة سجون الاحتلال"، التي تدعي حتى اللحظة أنه لا يوجد إصابات بين صفوف الأسرى، رغم تأكيدها على تسجيل حالات بين "السجانين"، وقامت بفرض الحجر على عدد أخر منهم!

فأي مستوً من الأخلاق تتمتع به "سلطات الاحتلال" أو أي مسؤوليات قانونية ممكن أن تتحلى بها في مواجهة الأسرى الفلسطينيين!

إن القضية بالنسبة للأسرى اليوم هي قضية "حياة أو موت"، وليست قضية "تسهيلات" يقدمها "الاحتلال" للتواصل مع الأهل "مؤقتا"، أو القيام "بفحوصات ظاهرية" ـ سمها إن شئت طبية ـ لن تشفع للأسرى في مواجهة الوباء!

إذن؛ المسألة الأن أكبر من ذلك!

ولن تنفع معها أية خطوات اعتيادية، تكون رادعة للاحتلال الذي تجاهل مسؤولياته القانونية وفق قواعد حقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي؛ وخاصةً الالتزامات المحددة الواردة في الاتفاقيتين الثالثة، والرابعة من اتفاقيات جنيف للعام 1949، كما أن "الاحتلال" لا يخشى العقاب الذي يفرضه القانون الجنائي الدولي المتمثل في "ميثاق روما"، لذلك فقد أساء الأدب!

لذلك علينا أن نُغير بعض أساليبنا في التعاطي مع هذه القضية، مع ضرورة القيام الفوري بهذه الخطوات:

أولاً: بالنسبة لإجراءات الأسرى الاحتجاجية؛ فهي الأقوى والأجدى، وهم وحدهم يملكون كامل الحرية في تنفيذ ما يناسبهم في الوقت الملائم.

ثانياً: على الحكومة الفلسطينية ممارسة الضغط اللازم على اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي للقيام بواجباتها كاملة، دون أعذار واهية، للإسراع في توفير الحماية الصحية اللازمة للأسرى، والعمل على الإفراج السريع للفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل المرضى وكبار السن، والنساء، والأطفال، والإفراج غير المشروط عن الأسرى الخاضعين للاعتقال الإداري.

وهذا الإجراء يشمل الحكومة السويسرية أيضا لدورها كرعاية لاتفاقيات جنيف.

ثالثاً: تحميل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى، ووضع المؤسسات الدولية عند مسؤولياتها لإنهاء هذه القضية بشكل عاجل وسريع، وحث المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالتدخل، لأكثر من جانب قانوني؛ يصب في خانة جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية.

رابعاً: على الفصائل الفلسطينية جميعها الضغط على "الوسطاء" بينهم وبين الاحتلال للتدخل من أجل توفير الحماية السريعة للأسرى، مع العمل الجاد على تحريرهم والإفراج عنهم.

خامساً وأخيرا: إتاحة المجال للدبلوماسية الفلسطينية لممارسة دورها مع المنظمات الدولية للتدخل لصالح الأسرى الفلسطينيين.

ختاماً، علينا ألا نفقد ثقتنا في قدرة الله ـ سبحانه وتعالى ـ فهو القادر على حماية أسرانا وبلادنا من الوباء والاحتلال البغيض.

اخر الأخبار