التفاصيل هي مقابض الحب 

تابعنا على:   08:29 2020-03-29

ناهد ابو طعيمة

أمد/ الكاتب الشهير غابرييل غارسيا ماركيز، صاحب رواية "الحب في زمن الكوليرا"، لم يكن ليعرف أنه بعد مرور أكثر من 30 عاماً سنستخدم أسم روايته وابعادها المعتمة في التدليل على الحب في زمن الكورونا حيث بدأ الملايين من الناس في العالم بتطبيق الحجر الصحي الذاتي، من أجل الحدّ من انتشار فيروس كورونا الذي لم يقع تاثيره على الواقع الصحي فقط وانما امتد الى الواقع الاجتماعي المعاش.
ونرى نماذج متناثرة خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي واقعية وأخرى سمجة ولا تؤثث الى مفاهيم جميلة وحميمة في الأسرة العربية واخري نماذج جميلة مع ندرتها وغيابها في ظل قناعتها بأنها تعيش الواقع ولا تكترث بتوثيقه للعموم ولا يحضرني الا فيديو العائلة التي صورت صباح عائلي بهيج تقوم فيه الأم بتعليم الأب والأبن الرياضة من خلال الرقص في نموذج حي الى أسرة عربية تحتفي بالحياة 
في المقابل نموذج أخر ليس بالضرورة يعبر عن لسان حال الأسر العربية لكنه موجود ويؤثر فينا ويعمق الإشكال في علاقة المرأة بالرجل ورؤيتنا الخفية الى مؤسسة الزواج وما يحل بها بعد وقت.
 الصورة والصوت الى مذيع مصري على أحد القنوات المصرية يقول فيه المذيع  
المذيع : كلنا مجبرين للبقاء بالبيت معلش انا فاهم سر القلق وانا كمان لا افضّل الحجر بالبيت مع المدام لكن ربنا غالب نعمل عليه  
الجمهور: حالة اندهاش عارمة كيف للمذيع على الهواء مباشرة في برنامج يشاهده الملايين أن يعطي تلميح وتصريح حول زوجته وحول الزوجات ويكمل المذيع بكل سماجة التوصيات للتخيف عن الرجال ..الخ 
البعض قد يقول بانه لم يقصد الإساءة وانه كان يخفف من دمه ويخفف من وقع الحبس في البيت ولم يعنى الإساءة للنساء بل محاولة للعثور على طريقة للتعايش مع شخص آخر والتعامل مع جميع احتياجاته ومخاوفه، في مكان مغلق ولفترة زمنية غير محددة
المطلع على كم النكات والفيديوهات والتسطيح في بث مشاعر الضيق والارق في مواجهة الزوجات بالبيت يشعر بحجم الهوةّ في النرجسية، والاعتلال النفسي عند بعض الرجال في العالم العربي في العلاقات الزوجية وأزمتهم في هذه المواجهة الاجبارية بالبقاء لشهر أو أكثر مع الشريكات وحجم الصمت المطبق الذي قد يتسع ليتحول الى حجيم يومي يؤرق كل فرد بالأسرة
وهذا ليس حالنا فقط بل العالم كله يعاني بحسب ما نقلته صحيفة دايلي ميل البريطانية، عن لو شنجون، وهو مسؤول في مكتب للزواج في مدينة دازهو، جنوب شرقي الصين، فإن 300 من الأزواج تقدموا بطلبات للطلاق منذ 24 فبراير الماضي، ويرجح مسؤولو مكاتب الزواج، أن يكون هذا الارتفاع في حالات الطلاق ناجماً عن اضطرار الأزواج لقضاء وقت أطول مع بعضهم البعض، جراء الامتثال للحجر الصحي المفروض من قبل السلطات.
وعليه هل أصبح متأخراً البحث عن من نختار ومن نريد أن نُحجر معه، وعلينا أن نتذكر بأنه هو ذاته من تعهدنا معه على نذورنا بالحب والسكينة في الصحة وفي المرض، في الحَجْر وفي حياة الصخب 
علينا الرجوع الى جملة الأسباب التي  دفعتنا لاختيار شركاؤنا ماذا احببنا بهم ؟ ، ما يميزهم عن غيرهم ؟ ، لماذا اخترناهم دون عن كل البشر ما هي الكلمات والحروف الكامنة المؤجلة بيننا؟ ماذا لو كان اليوم وقتها؟
 كيف نفتح مسارب جديدة للحديث، هل بالإمكان العودة بصدق وسؤال ما النعم والحب الذي اعطيته وأخذته من مؤسسة الزواج، لماذا وكيف نجدد الحب ؟ 
كيف لنا أن نتوقف عند التفاصيل الصغيرة الجميلة التي كانت والتي نحن عليها اليوم الألوان والرسوم والاغاني والأكل والمشروب المفضل وما هي مجموع الأفكار الضارة، ما الذي ضاع في زحمة الحياة وقرار الإنجاب حتى تراكمت الثقوب ليصبح جبل كبير صعب تجاوزه.
ما الذي يقود بعض الشركاء من الذكور والاناث ليتعقدوا مثلما يعتقد برنارد شو في مقدّمة مسرحيته الشهيرة الزواج صور العلاقة بين المرأة والرجل (بأنها هي علاقة رجل الشرطة بالسجين الذي يمسك به) ما الذى تغير ؟ ما هي التفاصيل الصغيرة التي ضاعت منهم وأين يكمن شيطان هذه التفاصيل .

وصف سقراط الحبّ على أنه جنّي عظيم، كيف يتم أحياء الحب في علاقات طويلة 
"مقياس الحب" الذي ابتكرته تيري هاتكوف، عالمة الاجتماع في جامعة بولاية كاليفورنيا، وهو المقياس الذي قسم العلاقات ستة أقسام، ولكم مؤشر لشكل العلاقة التي تعيشونها 
 وهذه الأقسام هي: العلاقة الرومانسية: وهي العلاقة التي تقوم على أساس الحب والانجذاب العاطفي والجنسي. العلاقة التي تشبه الصداقة: وهي العلاقة المبنية على الود والعاطفة العميقة الجادة. العلاقة المنطقية: وهي عبارة الأمور العملية التي تُبنى على القيم المشتركة، الأهداف المالية، الدين إلخ. بحسب مقياس الحب، فإن العلاقات التي نعيشها في حياتنا، غالباً ما تكون مزيجاً بين اثنين أو ثلاثة من العلاقات المذكورة سابقاً
هناك من يقول بأن الكلمات هي ملح العلاقات البحث عما هو عالق من أحاديث، البهارات الحارة الاهتمام بالجزيئيّات الصغيرة والتفاصيل الصغيرة التي تحفر في الذاكرة ويدوم أثرها طويلا، الحديث عن المخاوف والكوابيس، الاعتراف بقائمة جديدة من أشياء تحبونها ولم يراها جيدا الشريك 
لنهز العزلة والبرودة التي نشعر بها ونحن ملتصقين بالشركاء وكأن الكون يحول بيننا ولنعود الى مقابض الحب الأولي وهي التفاصيل الصغيرة ماذا احببنا وماذا نحلم وماذا بالإمكان ان نغير من أجل شركاؤنا وكيف نعود بالحب من جديد الي كهوفنا المحجورة .

*إعلامية وناشطة حقوقية

كلمات دلالية

اخر الأخبار