إستعدوا للجولة الرابعة

تابعنا على:   19:46 2020-03-12

عمر حلمي الغول

أمد/ أزمة تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة مازالت قائمة في اعقاب إنتخابات الكنيست ال23. فلا الليكود وإئتلافه اليميني المتطرف قادر على تجاوز ال58 مقعدا في البرلمان، ولا تكتل كاحول لافان قادر على تشكيل حكومة ضيقة بدعم خارجي من قبل القائمة المشتركة، لإنه يواجه أزمة داخلية، حيث اعرب كل من يوعاز هندل، وتسفي هاوزر رفضهما دعم هكذا حكومة، وابلغا كل من غانتس ويعلون بموقفهما. كما ان أورلي ليفي ابيكاسيس، زعيمة غيشر من تكتل "العمل غيشر ميرتس"، القت بقنبلة جديدة أمام عربة الحكومة المؤملة لغانتس، عندما رفضت دعم هكذا حكومة، فأسقط في يد كل من عمير بيرتس، زعيم التكتل، وايضا بيني غانتس. وبالتالي حتى لو إفترضنا في احسن الأحوال دعم كل مكونات القائمة المشتركة فلن يتمكن زعيم تكتل أزرق ابيض من تولي رئاسة حكومة جديدة.

الإستعصاء في تشكيل الحكومة يضاعف من ازمة الدولة الإسرائيلية، وهذا يعود لكون التكتل المقابل لليمين المتطرف بقيادة الليكود، ليس اقل يمينية، ولا اقل تطرفا وعدائية للفلسطينيين عموما، وممثليهم في القائمة المشتركة. مع ان الأمر سيكون مختلفا تماما لو كان بنيامين نتنياهو يحتاج لإصوات نواب المشتركة، عندئذ سيمد يده لهم، ويناور حتى يحصل على اصواتهم. لإنه مستعد ان يتخذ اي خطوات دراماتيكية ومتناقضة مع الأيديولوجيا والثوابت والشعارات، التي رفعها، ويرفعها اقرانه مقابل البقاء على رأس الحكومة.

بالمقابل هو الآن يعمل على سيناريوهين، الأول إستقطاب بعض اعضاء تكتل أزرق ابيض مقابل جوائز ترضية، وعلى ما يبدو انه استمال ابيكاسيس، التي أطربها تصريح كاتس، وزير الخاردجية الحالي،عندما قال، بأنها الأنسب لتولي وزارة الصحة. ويقال ان شقيقها ليفي زار نتنياهو قبل ايام، حتى لو لم يتمكن من تشكيل الحكومة، رغم استماته ببلوغ ذلك. ولكن في حال لم يبلغ مراده، لا يقبل لخصمه برئاستها؛ الثاني الذهاب لجولة رابعة، والحؤول دون تمكن غانتس من تشكيل اي حكومة. لإنه يدرك ان خروج مقود الحكومة من يده، يعني ذهابه للسجن، أو الإعتزال السياسي بالحد الأدنى، وهو ما لا يقبل به.

 لذا مازال يناور لخلط الأوراق داخل التكتل المنافس، وقلب حساباته رأسا على عقب. واعتقد انه نجح على الأقل حتى اللحظة الراهنة من نصب الحواجز والمترايس امام طموحات الجنرال حديث العهد في السياسة، ومنعه من الوصول لتولي رئاسة الحكومة الجديدة مهما كلف من امر. وهو في ذات الوقت مطمئن لتكتله اليميني المتطرف، حيث قيدهم بروابطه الديماغوجية والنفعية، بعكس تحالف ازرق ابيض غير المتجانس، والقابل للإختراق.

ولا اريد هنا مناقشة دعم المشتركة من عدمه لغانتس. بقدر ما ساحاول إستشراف الأزمة الإسرائيلية القائمة، واي السيناريوهات أفضل لمستقبل السلام والمنطقة، والعلاقة بين القيادتين والشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. كما ذكرت في مقالة اول امس أزمة إسرائيل عميقة عمق ولادة الدولة المشروع الصهيوني، وليست حديثة العهد. لكن الأزمة الحالية لها خاصية ونكهة مختلفة، لإنها تصب الزيت على الرماد المتقد في المجتمع الإسرائيلي، وتعمق الكراهية والبغضاء، وتولد العنف من خلال تصاعد عمليات التحريض، التي بدأت مباشرة بعد الإنتخابات بالباس قيادات تكتل ازرق ابيض الكوفية الفلسطينية، وهو ما يعني إشهار عملية الإغتيال، كما حصل مع إسحاق رابين عام 1995. وأما عن السيناريوهات الإفتراضية الممكنة إسرائيليا، وايهما افضل، هل إزالة وإسقاط نتنياهو عن الحكم افضل، أم الذهاب لجولة رابعة وخامسة وسادسة للإنتخابات حتى لو بقي بيبي على رأس حكومة تصريف الأعمال؟

على اهمية إسقاط نتنياهو، ودخوله اقبية الزنازين بتهم الفساد الثلاثة التي تلاحقه، وإسدال الستار على حقبته السوداء في حكم إسرائيل، وقتل آفاق السلام، إلآ ان الذهاب لجولات جديدة للإنتخابات يكون افضل، وأكثر اهمية. لإن السيناريو الأخير سيصدم الشارع الإسرائيلي، ويعمل على إيقاظ بعض نخبه للخروج من عباءة نتنياهو واليمين المتطرف بشكل كلي، ودفعها للتمرد على الواقع المجنون، ويكون مردوده أكثر ايجابية على الشارع الإسرائيلي. بعكس سقوطه الآني، مع اني أعتقد جازما، انه سقط، ولم يعد حاكما فعليا لإسرائيل منذ تشرين ثاني/ نوفمبر 2018، رغم كل براعته ودهائه ومكره. وبقاءه على رأس الحكومة بقدر ما يحرره من قبضة السجن راهنا، بقدر ما سيضاعف ويزيد من مستقبله الأسود في قادم الأيام.

اخر الأخبار