الإمارات والحكم الرشيد

تابعنا على:   18:17 2020-03-08

د. ناجي شراب

أمد/ البحث في الحكم المثالى أو الحكم الصالح هو الشغل الشاغل للفلاسفة منذ القدم، أفلاطون رأى الحكم المستنير في الحاكم الفيلسوف، وأرسطو وجده في حكم القانون،ووصولا اليوم للحكم الديموقراطى والذى قد يرادف الحكم الرشيد، لكن في النهاية العبرة في الحكم مدى صلاحيته وتجسيده للمحكوم وللبيئة السياسية.والسؤال هل من هذا النموذج في عالمنا العربى؟بداية لا يوجد حكم ينفى عن نفسه صفة الرشاده والصلاحية والديموقراطية ، حتى النظم السلطوية والشمولية والثيوقراطية. لكن رشادة الحكم ليست بالنفى بل بالمعايير التي تسود وتطبق وبمخرجات الحكم. ونموذج الحكم في الإمارات يقدم هذا النموذج للحكم الرشيد.اساس الحكم الرشيد العقل والرؤية المستقبلية ، وقدرته على الإستجابة والتكيف للبيئة السياسية التي يعمل فيها بشقيها الداخلى والخارجى ، والذى يرى المواطن نفسه فيه.والحكم الرشيد هو الذى يسبق الحكم برؤية المستقبل. وكما أشار البروفيسور هيرمان أحد أساتذة المستقبل، ان هذا يقوم يقوم على ثلاثة خيارات الأفضل لما يمكن تحقيقه والأسوأ لما لايمكن تحقيقه وإستمرار الأمر الواقع.الحكم الرشيد أعلى درجات التفكير الإبداعى الذى يسايرسلم الإحتياجات والتطورات المتسارعه، وما يتعامل مع ما هو قائم وما يمكن أن يحد ث بالتفكير خارج الصندوق اى بدون التقيد بالتفكير التقليدي الظلامى ، إلى عالم من التحرر وإطلاق العنان للعقل.وقوة الحكم الرشيد تكمن في القدرة الإستخراجية أي قدرته على تطوير وتنويع مصادر الدخل، وعدم الإعتماد على مصدر واحد كالنفط أي الإنتقال من الدولة الريعية إلى الدولة الصناعية الذكية ، والقدره الثانية القدرة على التكيف مع تطورات البيئة السياسية ، فالمعلوم أن بيئة الحكم تتطور بمتواليات هندسيه مضاعفه بحكم ما نراه من تطورات تكنولوجية ومعلوماتية.

فاليوم نحن نعيش في عصر الثورة الصناعية وثورة الذكاء الإصطناعى ، وهذه التطورات تعنى تنوع مطالب وإحتياجات المواطن ، والحكم الرشيد هو الحكم القادرعلى التكيف مع هذه التطورات ومسايرتها، وأخيرا القدرة الإستجابية قدرة الحكم على ألإستجابة لمطالب المواطن من مطالب ماديه ومطالب معنوية كالمشاركه السياسية والتمكين السياسى للمرأة والرجل.

وأخيرا القدرة الرمزية والتي تتمثل في ألإلتحام بين الحاكم والمحكوم في صور الولاء والإنتماء هذه المعايير والقدرات نجدها اليوم في أعلى درجاتها في نظام الحكم في دولة الإمارات.

فالحكم الرشيد بعناصره الثلاث الرؤية والرغبة والقدرة متوفره لدى النخبة الحاكمه فرؤية الإمارات الإستراتيجية لعام 1971 ووثيقة محمد بن الراشد الخمسين، كلها تتعامل مع المستقبل.وخلق الحكم والحكومة القادرة على التعامل مع مستجدات وتحديات المستقبل.والحكم الرشيد في الإمارات في أوسع معانية يعنى رغبة القيادة على توفير البيئة السياسية الشامله لتفعيل عمل الحكومة وزيادة قدراتها وكفائتها, وذلك من خلال سيادة حكم القانون والمساءلة الحكومية والإدارية والشفافية والنزاهة ورشادة صناعة القرار بتوسيع دائرة المشاركة السياسية ، فلم يعد القرار السياسى حكرا على الحاكم بل تتاح كل الفرص للمشاركة والإستماع بالتوصيات من خلال مراكز البحث والتفكر. وتوسيع نطاق المشاركة السياسية والتي راينا ابرز مظاهرها في الانتخابات ألأخيرة للمجلس الوطنى ، وفى التمكين السياسى للمرأة التي زادت نسبة تمثيلها إلى النصف بمستوى يفوق حتى الدول الديموقراطيه.

وتوسيع دائرة الحقوق التي يتمته بها المواطن وحمايتها بسلطة قضائية وبدستور وقوانين تصدرها الهيئة التمثيلية .والمراقب للتطورات السياسية في دولة الإمارات يلاحظ وبدرجات عاليه توفر شروط الحكم الرشيد من حكم القانون، والشفافية ، والمسؤولية والتوافق بين المصالح الخاصه والعامه،ة والمساواة القانونية وفى الفرص، والرؤية ألإستراتيجية والكفاءة ومسايرة الثورة الرقمية التي نجدها تدخل في كل تفاصيل الحياة في الدولة وفى كل المعاملات الحكومية .ولعل أهم ما يميز مفهوم الحكم الرشيد الصالح في دولة الإمارات نزع القداسة عن السلطة ونقلها للمجتمع وألإفراد, فلا احد فوق القانون حتى لو كانت السلطة ذاتها.والحكم الرشيد يترجم اليوم في صور وبرامج عمل كثيره وفى كل صور الحوكمة السياسية وألإقتصادية والإدارية والعسكرية والمجتمعية .ويعبر عن نفسه في المخرجات التي يفرزها الحكم في كل الخدمات التي يتمتع بها المواطن والمقيم و في مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والمجتمعية وفى مستوى الرفاه .وهذا ألأداء للحكم والحكومة هو الذى وضع دولة الإمارات في ريادة الدول العربية على مؤشر الحكم الرشيد كما جاء وفقا لتصنيف الأمم المتحده والعالم وجامعة بسلفانيا إعتمادا على معايير الإنفتاح الثقافي والتنوع وجودة الحياه والتاريخ والمواطنية وريادة الأعمال.وهذا ألأداء هو الذى عبر عنه الصحفى الأمريكي روبرت وورث في مقالة له في النيويرك تايمز واصفا الشيخ محمد بن زايد أنه واحد من أقوى الرجال على ألأرض. وفى الحديث عن التحول في دور الدولة إقليميا ودوليا. وكما نرى اليوم كيف تتعامل الدولة مع الحاضر بمنظور المستقبل، وبالحداثة والتنويرية وبتبنى منظومة من القيم والتسامح والإنفتاح الفكرى والحضارى التي جسدتها وثيقة ألأخوة الإنسانية وفى البيت الإبراهيمى الذى يتحتض دور العبادة، فلم تعد دولة الإمارات مجرد دولة داخلية أو دولة إقليمية بل تقدم أنموذجا للحكم للرشيد تتحدث عنه المؤسسات الدولية وتسترشد في العديد من المناسبات عند الحديث عن الحكم الرشيد كنموذج ناجح.

كلمات دلالية

اخر الأخبار