\"حماس موقف أمريكا\" المفاجئ!

تابعنا على:   11:11 2014-07-22

كتب حسن عصفور/ لا نعتقد أن هناك من أصيب بالعمى بكل أشكاله، السياسي والفكري لعدم رؤية حقيقة الموقف الأميركي من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، خلال اسبوعين وأكثر، تركت اشكالا من المجازر الانسانية ما يشكل قطارا سريعا لحمل دولة الكيان، حكومة ومسوؤلين الى المحكمة الجنائية الدولية فورا، دون أن تبذل \"الطواقم الفنية\" لمكتب الرئيس محمود عباس أي جهد بلاغي في البحث عن \"البعد القانوني\" و\"الصياغي\" لطلب لم يعد بالامكان أن يبقى حبيس أدراج الشرعية الفلسطينية..

ورغم محاولات محور قطر تركيا وبعض حماس في تبيض صفحة امريكا والغاء عنها صفحة الشريك العدواني، من خلال مبادرة تقدمت بها تلك الأطراف، لم تجد من يتعامل معها سوى \"فئة ضآلة\" حاولت استغلال دم أهل القطاع بلغة مزايدة خطابية لتمريرها، لكن زمن الكذب لم يعد بالامكان تمريره على شعب دفع من الدم لحساب قضيته وكرامته دون من يتوهم أنه بات \"مشعلا\" في الثورة ..اميركا هي أمريكا..

وبعد مرور تلك الأيام التي حملت من الثمن ما لم تحمله حروبا سابقة، تذكرت امريكا أنها لا تزال على \"قيد الحياة السياسية\"، وخرج علينا رئيسها اوباما ليعلن وبشجاعة يحسد عليها، أنه امر وزيره كيري للذهاب الآن الى المنطقة وطالبه بوقف  القتال فورا وفقا لاتفاقية 2012، التي ابرمتها حماس مع دولة الكيان في رعاية حكم الجماعة الاخوانية وواشنطن، وتجاهل كلية المبادرة المصرية، لتعود الخارجية الأميركية بعد ساعات من ذلك التجاهل لتقول أنها تؤيد المبادرة المصرية باعتبارها الأفضل..ارتباك يكشف عورة الحقيقة الائبة لسياسة المتآمرين..

الموقف الأميركي لا يمكن التعامل معه بتلك السذاجة التي يحاول بعضهم التعاطي معه، منذ اطلاق مصر مبادرتها لوقف العدوان ولقطع الطريق على الحرب البرية، وتحصينا للدم الفلسطيني وحماية أهل القطاع من كل جرائم محتملة، دون أن تنسق مع واشنطن، انطلاقا من أن مصر هي ولا غيرها من يتحمل مسؤولية الفعل في هذا المسار، ما أدى لغضب اميركي علني استغلته لتحريض أدواتها في قطر وتركيا ضد المبادرة، فانطلقت موجة غضب وعداء منهما وبعض أدواتهما ليس ضد المحتل بقدر ما كان ضد مصر، وتلاعبوا بالمسألة حتى تصل الى الحرب البرية علهم يحصدون مكاسب تعيد الضوء لبعض قيادات أصيبت بوهن سياسي في فلسطين..كشفها لقاء سابق بين أحد قيادات فتح مع مخابرات قطر..

الحماس الأميركي بعد اسبوعين على الحرب ورفض المبادرة المصرية، جاء اعتقادا من أن الوقت بات مناسبا لتسجيل \"نقاط سياسية\" على الدور المصري، وكأن اوباما أراد القول أنه لا مجال لأي اتفاق دون أن تكون \"البصمة الأميركية\" دامغة على أي اتفاق، كونها تعلم يقينا أن نجاح مصر وحدها دون أي مشاركة أو تأثير اميركي مباشر، هو تعزيز ورفع منسوب قيمة مصر السياسية اقليميا ودوليا، وهو ما يصيب أدوات اميركا في قطر وتركيا والجماعة الاخوانية وممثليها في فلسطين بضربة قاصمة لمخطط التآمر ضد الثورة المصرية..

المؤامرة السياسية الأميركية حاولت ادامة أمد الحرب  لرفع منسوب الجريمة في فلسطين اعتقادا أنها تستطيع لاحقا وتحت غطاء \"البعد الانساني\" أن تعود لمكانتها التي حرمتها منها مصر، بل أنها لن ترفض المبادرة المصرية إن وافقت لها على دور ومكانة تستطيع أن تبدوا بها أنها لا زالت قوة ذات تأثير في المنطقة، ولا يمكن لأي كان تجاوزها فيما يخص الملف الشرق أوسطي..

المناورة القطرية التركية وبعض حماس فيما سمي بمبادرة \"المقاومة\"، لم تتمكن من خداع العقل الوطني الفلسطيني فلفظها بأسرع مما اعتقد مطبخ \"الوكسة السياسية\" في الدوحة بكل مشاركيه، عربا وفرنجة، حيث حاولوا اعادة امريكا لقيادة القطار للوصول الى \"تهدئة\" ليس كطرف مشارك فحسب، بل كمرجعية وضامن وصاحب القول الفصل عند كل اختلاف، لعبة قذرة لم تصمد بفعل وعي اطراف وطنية فلسطينية..

وبلا شك أن الدوحة حاولت أن تجعل من ذاتها مقرا لبحث ما سيكون، مستغلة وجود خالد مشعل لتصبح \"قبلة\" للزوار والباحثين عن اتفاق للتهدئة، وهي تدرك أن ذلك وسيلة سياسية هامة لاعادة الاعتبار لمكانة مشعل ومن معه الى الحاضر الفلسطيني، وخاصة بعد أن فقد كثيرا من مكانته في قطاع غزة بعد نجاح الثورة المصرية، وعودة موسى ابو مرزوق الى القطاع، حسابات سيتم بحثها بعد أن يتم وضع حد للحرب العدوانية والانتقال من مشهد الحرب والجريمة الى مشهد جديد..

الحماس الأميركي المفاجئ ليس من اجل فلسطين، ولن يكون ذلك يوما جزءا من العناية الأميركية، لكنه محاولة لاعادة تصويب مسار صفعته مصر الثورة صفعة لم تكن ضمن حسابات واشنطن وأدواتها، ولم يكن صدفة أن يصرخ الحليف الأبرز لأميركا في المنطقة اردوغان لوصف الرئيس المصري وصفا خرج عن كل تهذيب، لأنه قبل كل الآخرين فهم الرسالة المصرية.. ان المنطقة كبيرها من أهلها وليس مستوردا مهما حمل من المسميات..

الخدعة الأميركية لا تزال قائمة..ومناورة أدواتها لا تزال قائمة..وهو ما يجب للقوى الفلسطينية كافة ومصر الثورة وحلفهم السياسي ادراكه وقطع الطريق عليه بالبحث الجاد فيما يحمي فلسطين القضية وقطاع غزة بكل متطلباته السياسية والانسانية، وأن تدرك الشرعية الفلسطينية أنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب ولا يجب ان تتنازل عن ذلك تحت أي ظرف..المؤامرة مستمرة ومواجهتا مستمرة ولا مجال لأن تترك المؤامرة والمتآمرين لتحقيق أي مكسب سياسي..

ليت الرئيس محمود عباس  يعود لتشكيل غرفة عمليات سياسية حقيقة وليس للاعلام كي لا تخسر فلسطين وتربح فصائل..

ملاحظة: \"التهدئة الانسانية\" بوابة عبور لـ\"التهدئة السياسية\"..كيف يكون ذلك ..تحتاج لتفكير وطني فلسطيني وليس مستوردا من هنا وهناك!

تنويه خاص: اخيرا اكتشفت حكومة التنافر الوطني طريقا لدفع رواتب موظفي حماس..الم يكن بالامكان ذلك دون دماء تسيل لتعيد الصواب لبعض فاقديه!

اخر الأخبار