الفلسطينيون وفرصهم الضعيفه لمواجهة صفقة القرن

تابعنا على:   12:30 2020-02-25

عبدالحكيم عامر ذياب

أمد/ لن أتحدث كثيراً عن صفقة ترامب - نتنياهو، ولو وصفوها بصفقة القرن، رغم أنه الهم السياسي الأكبر الذي زلزل المنطقة التي لم تتعلم بعد كيف ترد ضرباتها الموجعة، وكونه أخطر ما تم طرحه من مشاريع بشريعة القوة والغاب، وقوة التنفيذ التي تحقق حلم إسرائيل في السيطرة على الجزء الأكبر من أرض فلسطين، كما ساعدهم ضعف الحال الفلسطيني، وانقسامه اللئيم، ولحقها ضعف الحالة العربية، رغم أن مثل هذه الخطوة لم تكن مفاجئة، بل كانت مقدماتها واضحه منذ أكثر من عشر سنوات مضت، لكن سذاجة السياسة جعلت من المشهد القائم كأنها نزلت كالصاعقة بشكل فجائي.

كون أن خطوات التنفيذ جاءت في أسوأ حالات الفلسطينيين الذين يعيشون صدمة واقع فرض عليهم، وفقدان بوصلة الوطن، والوحدة، فقرر ترامب إعلان الخطة الإسرائيلية التي بدأ تنفيذها فعلياً قبل الإعلان عنها أمام مرأى ومسمع العالم كله، كما كانت واضحه لدى الفصائل الفلسطينية، ولم يكترثوا لتطويع الحالة الفلسطينية برمتها، من انهاكها بالانقسام، واشغالها عما يحدث في أراضي الضفة الغربية، وضواحيها.

وضع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحركة حماس في غزة كلاهما أجساد مريضة أنهكها الضعف، وقلة الحال، وشح الموارد، والقرارات، والإمكانيات، وعجزت عن فرض واقع يصمد حتى أمام خذلان المجتمع الدولي، حتى لا يستطيع أن يقف أمام إسرائيل التي قررت تأجيل ضم الغور والمستوطنات كرمى للأصدقاء في الإدارة الأميركية وليس بسبب الجهد الفلسطيني الغارق في صراعاته وصراع البقاء.

اتخذت السلطة الفلسطينية إجراءات، وحاولت مراراً وتكراراً أن توقف خنق الفلسطينيين، عبر تحركات دبلوماسية لم تجدي نفعاً لدى الدول العربية، ولم تعكس حتى وجهة نظر القضية الفلسطينية وحقها في العيش بسلام، على أرضها أمام العالم كونها كانت تعجز عن حل أزماتها الداخلية، ولم تذهب قوية في طرح أطروحتها بقوة المنطق، والوحدة.

وحماس التي حاولت منذ أكثر من اثني عشر عاماً أن تلعب في ملعب السلطة الفلسطينية، لعبة جرتها إلى الهاوية، وانشغلت أن تخرج من المأزق منذ ذلك اليوم، حتى خارت قواها بفعل الحصار والفقر المدقع الذي ألحق قطاع غزة، كما واجهتها معارضة المجتمع الدولي، كونه لا تمثل الشرعية الحقيقية لتمثيل الشعب الفلسطيني.

ما هو أسوأ من ذلك أن السلطة في رام الله، وحماس في غزة كل ما يهمهما الان الإبقاء على وجودهما واستمرارهما، فقد وصلتهم إسرائيل إلى التهديد المباشر بالبقاء، فالسلطة تبقى على ما تبقى منها، وحماس تريد أن تفعل كل شيء شريطة استمرار حكمها لغزة لنكتشف أن حجم ممانعة الصفقة بتلك المعادلة أقل كثيراً من أن يؤثر على مسارها وحقائقها التي تتجسد على الأرض من ضم واستيطان واستمرار لفصل غزة عن الضفة.

عدا عن أن المواجهة مع إسرائيل الان والتي يقودها الفلسطينيون لا تعكس إلا إرباكاً وإرتباك يفتقد التخطيط والحنكة السياسية المطلوبة لمثل هذه المرحلة، التي دائماً ما تكون نتائجها لا تعكس إلا إنهزاماً، وفقدان للثقة، بين السلطتين والفلسطينيين، وهذا ما يعكسه واقع المواطن في الضفة وغزة.

المواطن الذي أصبح ينتظر متى يوفي رئيس الوزراء الفلسطيني بوعده تجاه موظفين السلطة في غزة، دون أن ينظر أن كل مفاتيح الحكم في يد إسرائيل وإن كان الموجود على الأرض هي عناصره، ولو اتضح له ذلك لتجنبنا هزيمة كنا بغنى عنها، من انهيار الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية، وغزة.

ولا أحد يمكن أن يدرك أن حركة حماس وحكومتها في غزة باتت تدرك تماماً أن الفعل الذي من الممكن أن يؤذي إسرائيل سيكون سبباً في تعطيل الحياة المعطلة أصلاً في غزة، حتى أنها تتحكم في دخول الأموال القطرية إلى غزة، عدا عن إغلاق البحر، والتصاريح.

وفي كل الأحوال تسعى جميع الأطراف إلى الحفاظ على المستوى المتدني من الحياة التي وصلت إليه، ومن المؤسف أن تصل القوى إلى هذه النتائج بعد تجارب وحروب خاسرة كاها كانت عشوائية، لتتراكم الانتصارات الصغيرة وتتحول إلى انتصارات كبرى والهزائم الصغيرة هي مقدمات أو تجليات للهزيمة الكبرى، فما يحدث لدينا لا يعكس قدرة على النجاح بل يعكس تخوفاً كبيراً من انزلاق تهوى إليه الحالة الفلسطينية منذ سنوات طويلة حتى تصل إلى هذا المستوى الذي يدعو للخوف على حقيقة المستقبل.

وما يجب فهمه الان أن دولة تحت الاحتلال لا يرسم قوانين سياستها إلا الاحتلال وهذا ما أثبتته كل التجارب، كون أن الفلسطيني طوال الوقت معرض كما حقوقه كما أرضه للانتهاك، ولن يصل صوت الفلسطينيين إلا ضعيفاً شاحباً، منقسماً باهتاً، فإسرائيل منذ قيامها لم تقدم أي فرصة ولم تدع مجالاً للفلسطيني للتفكير بها، وهذا ما أرخه الإسرائيليون عن خفايا السياسة الإسرائيلية منذ العام 48 عام النكبة والتي تثبت طوال الوقت أن لا فرص أمام الفلسطينيين ولا رد على أمزجتهم.

اخر الأخبار