الفلسطينيون العامل المقرر

تابعنا على:   10:29 2020-02-22

عمر حلمي الغول

أمد/ من خلال متابعة التطورات في المواقف الأميركية والإسرائيلية يلاحظ ان هناك استخفافا، وتغيبا مقصودا ومتعمدا للموقف الفلسطيني من معادلة حساباتهم، وخططهم، وصفقاتهم التجارية التآمرية. وهذا ما عكسه صياغة ما يسمى بصفقة القرن المشؤومة. وأيضا ما ذهب إليه بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة تسيير الأعمال أمس الجمعة (21/2/2020) في حديث لصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، حيث قال ” إن الصفقة ستخرج إلى حيز التنفيذ” في حال تم تجديد الولاية له في الإنتخابات القادمة، وبغض النظر إن جاء للحكم في أميركا الحزب الجمهوري أو الديمقراطي. واعتبر المنتهية ولايته، أن “بإمكانه إملائها على إدارة أميركية لرئيس من الحزب الديمقراطي.” ولتسويق نفسه في أوساط الناخبين الإسرائيليين، يدعي، أن عاملا واحدا يمكن أن يحول دون تطبيق صفقة العار، هو “خسارة حزبه في انتخابات الكنيست، وعدم توليه رئاسة الحكومة بعدها”، وتابع يقول “سندفع هذه الخطة بعد تنفيذ ترسيم الخرائط، وهذا لن يستغرق وقتا طويلا إذا أعيد انتخابي.”  بتعبير آخر، أراد نتنياهو القول، حتى لو فاز حزبه الليكود في الانتخابات، ولم يتولَ، هو رئاسة الحكومة لن تطبق الصفقة الترامبية!؟

وبعيداً عن عقدة نتنياهو تجاه كرسي الحكم، وتشبثه به، حتى لو ضحى بمستقبل حزبه والدولة، التي يقودها، وشل صيرورة عملها، يلاحظ انه أسقط من المعادلة السياسية الطرف الأهم فيها، وهو الطرف الفلسطيني، حيث لم يشر له من حيث المبدأ، وكأنه رقم ناقص، وغير موجود، أو غير ذي صله بالعملية السياسية. ولهذه الغطرسة والتغول العنصري اسبابها الذاتية والموضوعية، واعتقادا منه، ان بات يملك التقرير في مصير فلسطين وشعبها، طالما منحه سيد البيت الأبيض الفانوس السحري، وصولجان الآمر الناهي على الوطن العربي والإقليم، وحتى على العالم. لأن الصفقة الجريمة تمثل انقلابا مباشرا على الشرعية الدولية، ومرجعيات عملية السلام.

تناسى زعيم الليكود الصهيوني المتطرف والفاسد، انه دون موافقة الشعب العربي الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد، لا يمكن له، ولا لرئيس الولايات المتحدة، ولا لكل الدنيا ان تمرر الصفقة المؤامرة او غيرها من المشاريع التآمرية. الشعب الفلسطيني ممثلا بمنظمة التحرير، هو صاحب القول الفصل، وهو العامل المقرر والحاسم في آن، دون ذلك لن يكون هناك سلام، ولن يقبل الشعب الفلسطيني ونخبه وقواه السياسية والثقافية والأكاديمية والاقتصادية والاجتماعية الاستسلام، وستدفع الجماهير البطلة روحها على مذبح الثورة والدفاع عن الحقوق والثوابت السياسية والقانونية، والمشروع الوطني كاملا غير منقوص.

ومن يعود للتاريخ منذ 1878 (تاريخ إنشاء أول مستعمرة صهيونية على ارض قرية الخالصة) أي ما يقارب من القرن ونصف تقريبا يشهد، أن الشعب العربي الفلسطيني، رغم كل الصعوبات، والتعقيدات، التي مر بها نضاله التحرري ضد الانتداب البريطاني والمشروع الكولونيالي الصهيوني، قاوم بجدارة المشاريع الاستعمارية، ووقف وحيدا في الميدان في محطات عدة، غير انه صمد وقاتل بما امتلك من مقومات بسيطة، ورغم ضعف ووهن الحركة الوطنية، إلا انه نجح في كل محطة من الخروج من عنق الزجاجة، وأعاد الاعتبار لذاته، وهويته، ولمشروعه الوطني التحرري. ورد كيد المعتدين والمتآمرين.

ويعلم رئيس الحكومة المنتهية ولايته، والمنتهي وجوده من المشهد السياسي الإسرائيلي كليا بعد الانتخابات الإسرائيلية القادمة (بعد عشرة أيام)، حيث سيقبع في السجن لفترة من الزمن، إن دولته القائمة بالاستعمار على الأرض الفلسطينية، تستطيع أن ترسم الخرائط، وتمنح القرارات والمراسيم لإنشاء المستعمرات الجديدة، والمصادقة على عطاءات البناء لآلاف الوحدات الاستعمارية في الأرض الفلسطينية، وقادر أن يقتل، ويعتقل، ويهدد بسيف الموت كل فلسطيني، لكنه زائل، واستعماره ذاهب إلى الجحيم والاندثار، ومستقبله غير معلوم بفضل الرفض والكفاح الشعبي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي والثقافي الفلسطيني للصفقة الترامبية، ولكل الانتهاكات وجرائم الحرب الإسرائيلية.

اخر الأخبار