جنتُـــــــــــــَــــــــــــــــــــــــــــــــــكْ و نَّــــــــــــَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاركْ

تابعنا على:   07:15 2020-02-19

د.جمال أبو نحل

أمد/
ما أجمل أن يفوح منك عطرُ أدبكِ، وحسُن أخلاقك، في كل مكانٍ، فتّكون كالغيثِ أينما حل نفع، وأينما حل، أو ارتحل، تّرك خلفهُ طيب الأثر، وحتي إن ترك الدُنيا، فّكان من الأموات، ولكن سيرتهُ تبقي حّيَةٌ خالدٌة بِّطيب ذِّكِرِهِ، بعد موتهِ كالرحيقٌ، ورائحة الياسمين، وما أعظم أّجر، وثواب من سار بين الناس بلسانهِ، وفعلهِ كالريح المُرسلةِ بالخير، جابراً للخواطر المكسورة فّيّجُبَرهَا، ولا يزيدُ من كسِرها بلِّسانهِ السليط، وفعلهِ الغليظ مع الناس!؛؛ فما يصدر من اللسان هو ترجمةٌ لما يحَويه وعاء قلب الانسان؛ وأخطر ما في الإنسان، ما يصدح بهِ الانسانُ من الكلام، ِفَّلِسانُك إما أن يكون جنتُــــــــــــــــــــــــــــكْ، أو نَّـــــــــــــــــــــــــــــــاركْ!؛ فَما أعظم أن تكون كالمسكِ، والعنبر، وكالدواء لِكُلِ دّاء، نوراً يُبدد الظُلمات؛؛ وتَجد من الناس أحياء فوق الأرض، والحقيقة أنهُم أموات الإنسانية، لأنهُم فقراء للرحمة، والأدب، وللثقافة الحسنة، وللأخلاق الجميلة!!؛ وإن الأدب لا يكّمُنْ في ارتداء أجمل الثياب، أو بَأكِل أطيب الطعام، أو في النُطق بأحلي الكلام أمام الأنَام فقط!؛ والتّدين ليس فقط بِلسانٌ يخطُب أّجّمَل القول، ولكنهُ سيء الفعل!؛ وليس الاسلام أن يكون في بيتك مصحف، أو في إعفاء لحيتِّكْ ، أوفي تقيصر ثوبك، أو أن تّقِفْ في المسجد مُصلياً في الصف الأول، وتتصدق، وتصوم، وتحج فقط الخ..، فهذا مطلوب منا جميعاً كمُسلمين؛ ولكن المشكلة تكمنْ غالباً في أن بعض الناس أساتذة، وعُلماء وبلغاء في الكلام باللسان، والخطابة، وفي القول مُبدعون وناجحوُن ولكنهُم بالفعلِ العملي، وفي التطبيق الواقعي راسبوُن!؛ إلا من رحِم ربي؛؛ حيثُ يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال: "أَتَدْرُون ما الْمُفْلِسُ؟ "قالُوا: الْمُفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ:"إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقيامةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وزَكَاةٍ، ويأْتِي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وقذَف هذَا وَأَكَلَ مالَ هَذَا، وسفَكَ دَم هذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هذَا مِنْ حسَنَاتِهِ، وهَذا مِن حسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْلَ أَنْ يقْضِيَ مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرحَتْ علَيْه، ثُمَّ طُرِح في النَّارِ"، ولذلك فإن بغي سقت كلب فنظر الله عز ، وجل بعين الرحمة فغفر لها وادخلها الجنة، لقد جبرت خاطر كلباً، وأنقدتهُ من الموت عَطشاً، فما بالكم في مُسلمٍ يكسر خاطر أخيهِ المسلم، ويِّسبهُ، ويشتم بلسانهِ الأحياءِ، وحتي الأمُوات!؛ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)؛ ومن أخطر ما تقرأ هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق، والمغرب)، "حديث صحيح رواه البخاري، ومسلم "، وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدْنِي مِنْ النَّارِ، قَالَ: "لَقَدْ سَأَلْت عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّك عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ تَلَا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16] حَتَّى بَلَغَ ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُك بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ فقُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْك هَذَا. قُلْت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْك أُمُّك وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!"، ويقول صلى الله عليه وسلم : "لأعلمن أقواما يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا، قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا جِّلُهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها"!!؛؛ وإن خطورة اللسان تكون في اللعن، وبكل ما يصدر منه فإن كلمةٍ التوحيد بلسانك تدخلك مُربع الايمان، وبكلمة أخري قد تدخلك في الكفر، وبكلمة تصبح متزوجاً، وبكلمة أخري يكون العكس، لذلك فإن الكلام ميزان الانسان، ونحن محاسبون علي ما نقولهُ، والكلمة الطيبة صدقة، قال تعالي: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)، لذلك فّلنُزين، ولنُزن كلامنا قبل الحديث،فإن الكلام يُحصى علينا، ويُكتب في سجِل أعمالنا قال تعالي: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) وقال أيضاً: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ، وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) ومن هنا تأتي خطورة اللسان فعلي كُلٍ منا أن يختار بلِسانهِ وفِعلهِ جّنَتهُ ونارهُ.

كلمات دلالية

اخر الأخبار