
القرابة بين داعش والإخوان وإسرائيل
احمد عبدالتواب
يتعرض مسيحيو العراق فى الموصل لجريمة بشعة ما كان ينبغى السكوت عليها، حتى مع الانشغال بأهوال الجريمة البربرية الإسرائلية ضد سكان غزة! فقد منحتهم داعش مهلة من عدة أيام يختارون فيها بين أن يعتنقوا الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية
وإما القتل إذا لم يغادروا المدينة، على أن تكون المغادرة بملابسهم فقط ودن أى أمتعة، بعد ترك كل شيئ خلفهم من أراض ومنازل وأثاث وسيارات، مع التشديد على أن يتركوا أموالهم ومجوهراتهم، وذلك بفتوى أنها صارت غنائم تئول إلى الدولة الإسلامية المزعومة! ووقف مقاتلو داعش على مخارج المدينة يفتشون اللفائف القليلة للمسيحيين الفارين بحياتهم حتى لا يكون فيها شيئ مما يغصبونهم على تركه!
هكذا تقترف داعش »الدولة الإسلامية فى العراق والشام« أكبر جريمة يمكن أن تحدث ضد وطن، بتمزيق وحدته الوطنية، وضد الإنسانية بالإجبار على ترك الدين والموطن، ولكنها تمرّ فى هدوء تحت الدخان الكثيف لجريمة إسرائيل فى غزة، رغم أن الجريمتين متزامنتان ومشهرتان علناً على الهواء وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع!
وقد أُعلِنَت داعش تهديداتها فى ميكرفونات مساجد المدينة وبالنداء فى الشوارع، وكتب مقاتلوها على بيوت المسيحيين حرف »النون« يعنى أنه بيت نصارى، وعلى بيوت الشيعة حرف »الراء« يعنى أنهم رافضة! وهو مابثّ الرعب فى قلوب سكان هذه البيوت أن يكون هذا تسهيلاً على عمليات الذبح التى يرعبهم أنها متوقعة، خاصة أن سمعة داعش تسبقها قبل أن تصل إلى أى مكان بأن مقاتليها لا يترددون فى القتل مع أول بادرة خلاف، وأنهم لا يردعهم أن يفعلوها ضد أى كائن، لا يهم إذا كان شيخاً أو صبياً أو كانت إمرأة، ولا يقلقهم أن يكون القتل لأفراد أو لأعداد كبيرة، ولا يهمهم أن يطلقوا الرصاص ضد مدنيين أو عسكريين، بل إنهم يقتلون على الشبهات دون إجراء أى تحقيق، كما أن إدانتهم بالكفر جاهزة حتى ضد المسلمين الذين يخالفونهم فى أمور الدنيا البسيطة!
وقد أعلن الأب لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان فى العراق أن الموصل لم تُفَرَّغ من المسيحيين قط طوال التاريخ الإسلامى، وأن بالمدينة 30 كنيسة بعضها أثرى منذ 1500 عام.
الصمت مشين من صحافة الغرب التى تخلى مسئوليتها المهنية بالاكتفاء بنشر بعض الأخبار والتعليقات المختصرة، وهو شيئ مريب بعد ما أعلن قادة داعش أنفسهم أنهم ينتمون فكرياً لتنظيم القاعدة، أعدى أعداء الغرب، وأنهم يعتبرون أنفسهم تلاميذ لأسامة بن لادن، وأنهم يُكِنُّون إحتراما للقاعدة وقادتها، ولكنهم يختلفون (ويقولون بأدب جم إنه اختلاف التلميذ مع أستاذه) فقط فى أن القاعدة صارت متهاونة فى قضايا تراها داعش لا تحتمل إلا الحسم الفورى بقوة السلاح! ومن بنود الخلاف فى نظرهم أن القاعدة لا تَحِلّ دمَ عامة الناس الذين يقبلون أن يعيشوا تحت حكم الكفار، أما داعش فتراهم كفاراً أيضاً يجب قتلهم!
وقد تسربت قبل أيام وثيقة، منسوبة لوكالة الأمن القومى الأمريكى، ولم تُكَذِّبها الوكالة، تؤكد أن داعش اختراع إسرائيلى، وأن قائدها أبو بكر البغدادى تلقى تدريبات مكثفة من الموساد لمدة عام على استخدم السلاح وعلى تطوير مهارات أخرى، وأن لإسرائيل خطة واسعة المدى تُسمى »عش الدبابير«، تسعى فيها لجلب المتطرفين فى العالم إلى المنطقة لإغراقها فى صراعات تفيد إسرائيل، وأن واشنطن باركت المخطط! وقد تصادف قبل هذا التسريب بنحو أسبوع واحد أن أعلنت داعش فى بيان لها أنها لن تقاتل إسرائيل لان الله »لم يأمرنا بقتال إسرائيل«! وجاء هذا رداً على نقد البعض لها بأنها لا تساعد الأخوة فى فلسطين ضد إسرائيل!
كما نشرت بعض المصادر الأخرى أن تحت يد داعش أموالاً طائلة تصل إلى نحو مليارى دولار، وهذا ما يجعلها تصرف عن سعة فى شراء السلاح المتطور، وفى دفع مرتبات لمقاتليها، وقد أكدت بعض المصادر أن قطر ليست بعيدة عن هذه التفاصيل، على الأقل فيما يخصّ التمويل.
لاحِظْ أن جماعة الإخوان وحلفاءها فى مصر لا يزالون صامتين حتى الآن عما تفعله داعش، بما يوحى بالموافقة والرضا، وكأنهم سعداء بأن يظهر وارثون لخطهم التاريخى: من تدمير محلات الأقباط ونهب أموالهم، إلى العدوان على الكنائس، إلى طردهم من بعض القرى بعد التهديد بالقتل، إلى إطلاق التهم جزافاً ضدهم لتأليب قواعدهم المتطرفين..إلخ! وما كان الإخوان ليقدروا أن يتجاوزوا بأكثر من هذا فى دولة راسخة مثل مصر مع شعب متماسك مثل المصريين، فى حضور جيش يدرك مسئولياته الوطنية، وكان ينبغى الإطاحة بحكمهم. أما فى العراق، فى ظروفه هذه، فإن فرصة داعش مهيأة للجريمة!
ونحن الآن أحوج ما نكون إلى دور العلماء والباحثين، حتى لا يُبتّ سطحياً فى أمور هى على أعلى درجة من الأهمية: مثل هذا التلاقى المفاجئ الذى بدا بين الإخوان وإسرائيل، والذى ظهرت نقطة بدايته للعلن متقدمة وكأنه سبقتها خطوات فى السر، وهل يدخل هذا فى مؤامرة عش الدبابير؟ وهل هنالك روابط مع خطط استعمارية قديمة؟ وإلا كيف سكتت إسرائيل على استجلاب حكم الإخوان لعتاة الإرهاب من العالم وتوطينهم وتسليحهم فى سيناء؟ ومن المهم، أيضاً، دراسة كيف وافق الإخوان، والتزمت معهم حماس، على هدنة لا تُلزِم إسرائيل عملياً بوقف عمليات الاستيطان التى ازدهرت طوال حكم الإخوان، ولم تعترض حماس، برغم الحقيقة المُسَلَّم بها بأن الاستيطان هو أكبر خطر على الفلسطينيين؟!
عن الاهرام
أخبار محلية

وقفة في الناصرة ضد العنف والجريمة
-
الاتحاد العام للمراكز الثقافية يختتم تدريب (المناصرة الثقافية حول المشاركة السياسية للمرأة والشباب)
-
تجمع النقابات يحيي طواقم التعليم الفلسطينية والمعلمين في لجان الثانوية العامة
-
حمدونة : على المؤسسات الدولية التحرك لوقف انتهاكات "بن غفير" بحق الأسرى المرضى
-
الرباط .. لقاء يبحث تنظيم معرض المنتجات المقدسية "قطاف الزيتون"