أزمة المشروع الصهيوني والمواجهة مع المُلاك ..!

تابعنا على:   10:12 2020-01-27

د. عبدالرحيم جاموس

أمد/ الولايات المتحدة اليوم في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب، باتت تمثل صناعَ ومُلاكَ المستعمرة الإسرائيلية المقامة على أرض فلسطين منذ العام 1948م (المشروع الصهيوني)...، فلا غرابة في هذا الأمر..، لأن المشروع الصهيوني الذي خططت لهُ واقامته الدول الاستعمارية الغربية بقيادة بريطانيا ودعم كافة الدول الاستعمارية الأوروبية والولايات المتحدة في بادىء الأمر لتحقيق غاياتها ومصالحها في العالم العربي من جهه، والتخلص مما كان يعرف لديها بالمسألة اليهودية من جهة أخرى، على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه القومية والوطنية والتاريخية والسياسية في وطنه فلسطين..، وإحلال جحافل وقطعان المهاجرين اليهود من اوروبا ثم من جميع انحاء العالم، ليحُلوا مكانَ الشعب الفلسطيني في ابشع عدوان يشهده التاريخ على شعب مستقر وآمن في وطنه منذ آلافِ السنين..، فقد استخدمت القوى الاستعمارية الخطط الجهنمية لدفع بؤساء اليهود للهجرةِ إليه لإستخدامهم وقودا ومادة في تنفيذ هذا المشروع الاستعماري الكولنيالي العنصري الاستيطاني، وممارسة أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني ... من سياسة التطهير العرقي والميز العنصري لدفع الشعب الفلسطيني للهجرة ولِلبحث له عن مكان وجغرافيا اخرى خارجَ فلسطين، للعيش والسكن والاستيطان فيها كي تصبح فلسطين (إسرائيل)... وكي ينمو ويتطور ويترعرع ويتوسع هذا المشروع الصهيوني الإستعماري على حساب الدول العربية لِإستيعاب مزيدٍ من المهاجرين والمستوطنين اليهود من شتى بقاع العالم إليهِ.

الذين يشكلون فيهِ هذا الواقع المُزيف والمُزور لِفلسطين الحَقيقة .. تحت مسمى (الوطن القومي لليهود) والذي كشف عن طبيعته وهويته البغيضة منذ اليوم الأول لنشأته واخذ يشرعن لنفسهِ هذه الطبيعة العدوانية العنصرية والفاشية بممارساته التعسفية وسن القوانين العنصرية والعملِ على تقييد حركة الفلسطينيين وتكبيلهم وترحيلهم وابعادهم إلى خارج وطنهم .. وتحدي المجتمع الدولي ورفض تنفيذ توصياته وقراراته الخاصة بحماية حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في وطنه ..!

رغم كل هذه السياسات التعسفية والعنصرية والاستعمارية التي تعرض إليها الشعب الفلسطيني على مدى قرن كامل من زمن الاحتلال البريطاني والصهيوني المزدوج والمركب ..، فقد أبدى وأظهرَ مقاومة قلَّ نظيرها واستطاع اكثر من نصف الشعب الفلسطيني من مواصلة الصمود والبقاء والثبات في قراه ومدنه داخل حدود فلسطين الطبيعية رغم تهجير النصف الآخر إلى دول الجوار العربي إضافة إلى منافِ أخرى...!

فقد استطاع بكفاحه المرير أن يبقي قضيته حَيةً على كافة المستويات المحلية والدولية مستخدما كافة وسائل النضال والمقاومة ...

فاستعاد هويته الوطنية واضعا قضيته في المكان اللائق بها على الأرض وسياسيا .. عربيا ودوليا كقضية سياسية تقتضي حلا عادلا يقوم على أسس لا يمكن تجاوزها، أولها حق العودة وثانيها حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، فالوطنية الفلسطينية وصلت إلى مرحلة متطورة وتحظى بإعتراف المجتمع الدولي كدولة عضو مراقب في الأمم المتحدة، لا يمكن لها التراجع إلى الوراء كما يسعى ترامب ونتنياهو من خلال صفقة القرن المزعومة.

ذلك ما أفشل خطط الصُناع والمُلاكُ للمشروع الصهيوني ووضَعَهم ومشروعهم في أزمة حقيقية وخانقة أدت بهِ إلى أن (نستطيع القول: أن المشروع الصهيوني باتَ اليوم في حالة من الإنكسار والفشل في تحقيق آمال الصناع والرواد والملاك الذين خططوا ونفذوا هذا المشروع الجهنمي) الذي يتعارض وجوده مع كل الأعراف والقوانين الطبيعية والوضعية والدوليه التي تنظم حركة وتنقل البشر .. وفلسفة إقامة وبناء الدول ..!

فقد أصبح المشروع الصهيوني اليوم كيانا وظيفيا خدميا فاشلا ...

لا يمكن له الإعتماد على ذاته في مواصلة حياته وديمومتها واستمرارها في جغرافيا المنطقة التي ترفض بقاؤه... وتفرض عليه عزلا معنويا وماديا يسعى لكسره كي يندمج فيها ...

لكن لن يتحقق له ذلك رغم كل المحاولات والاتفاقات التي وقعها مع الفلسطينيين ومع دول عربية اخرى مثل مصر والأردن إلا أنها لم تحقق له غايته .... وهوَ يدرك أنه لازال مرفوضا وغير مقبولا فيها مالم يتمكن الفلسطينيون من ممارسة حقهما في العودة وتقرير المصير بحرية تامة ... وهنا تكمن أزمة المشروع الصهيوني ...!

إن حالة الإنكسار ووضعية ما قبل الهزيمة التي آلَ إليها المشروع الصهيوني قد استدعت مُلاكهِ الحقيقيين  إلى أن يتقدموا المواجهة مع الشعب الفلسطيني ...!

الولايات المتحدة بسياستها الحالية تمثل الوريث الشرعي للقوى الاستعمارية التي خططت ونفذت هذا المشروع ...

من هنا جاءت سلسلة المواقف والإجراءات التي اتخذتها وتتخذها الإدارة الامريكية الحالية برئاسة ترامب بشأن تصفية الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني بدءاً من نقل سفارة امريكا للقدس وإعتبارها عاصمة للكيان الصهيوني إلى وقف كافة أشكال المساعدة عن الشعب الفلسطيني وسلطته ومؤسساته المختلفة بما في ذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وإغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن والقنصلية الامريكية في القدس الشرقية وإسقاط السلطة الفلسطينية عن خرائط وجغرافية وزارة الخارجية الأمريكية، وإعتبار الإستيطان الصهيوني في الأراضي المحتلة عملاً لا يتعارض مع القانون ولا يعطل عملية السلام وأكثر من ذلك تشجيع حكومة المستعمرة على ضم الأغوار الفلسطينية وإفقاد الشعب الفلسطيني الأمل بتحقيق هدفه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967م، وهذا يمثل تدميراً ممنهجاً لكل جهود السلام ويدعو للعودة بالصراع إلى نقطة الصفر، وكأن الولايات المتحدة برئاسة ترامب تسقط حقاً أو تنشئ حقاً ...!

كلُ ذلكَ انقاذا للمشروع الصهيوني من أزمته الوجوديه التي باتَ يعانيها جراءَ الصمود والثبات المتواصل والإنجازات المتراكمة للشعب الفلسطيني.

لقد تمكن الشعب الفلسطيني من استمرار الصمود والتمسك بثوابته الوطنية ورفض الرضوخ لكافة الضغوط والتهديدات الأمريكية وغيرها وافشل كافة المخططات التصفوية سابقا وآخرها ما تسعى إلى فرضه الإدارة الأمريكية تحت مسمى (صفقة القرن) والتي ما هي إلا (صفعة العصر) التي تكشف عن حقيقة مواقف أمريكا المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني وتؤكد أنها باتت المالكة المباشرة اليوم للمشروع الصهيوني واغراضه الإستعمارية في المنطقة، وتتولى المواجهة نيابة عنه ..!

إن فشل المشروع الصهيوني وانكساره وهزيمته سوف يعني فشلا وإنكسارا للروح الاستعمارية والإستعلائية الكونية للولايات المتحدة، ولذا باتت المواجهة من قِبَلِها مباشرة مع الشعب الفلسطيني وسلطته وقيادته الوطنية وجهاً لِوجه حيث يتوقف على مصيرها ... دورُ ووظيفةُ ومصيرُ ومستقبلُ المشروع الصهيوني في فلسطين .. كما مستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته ..!!

اخر الأخبار