السلطة في مهب الريح

تابعنا على:   23:21 2020-01-17

خالد صادق

أمد/ تصريحات واقعية خرجت على لسان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد ، مفادها أن وجود السلطة الفلسطينية أصبح في مهب الريح ، مشيراً إلى حديث الرئيس عباس خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الاخير، أنه إذا استمر الوضع هكذا ، يجب أن نبدأ عملياً بشأن تحديد العلاقات بين الجانبين الرسمي الفلسطيني و»اسرائيل», ويبدو ان ما دفع الاحمد للإدلاء بهذه التصريحات هو شروع «اسرائيل» بمصادرة مساحات شاسعة من اراضي الضفة الغربية المحتلة لصالح المستوطنات, وحديث السفير الامريكي لدى الكيان الصهيوني ديفيد فريدمان عن حق «اسرائيل» في ضم اراضي الضفة, وقرب طرح ما تسمى بصفقة العصر, «فإسرائيل» شرعت بشكل عملي بتنفيذ مخططات الضم بغطاء امريكي وعجز عربي وتواطؤ دولي, وهذا ما لم تكن السلطة تتوقعه بعد ان قدمت تنازلات كبيرة لإنجاح ما تسمى بمسيرة التسوية, لكن كل تلك التنازلات اصطدمت بالواقع المر الذي طالما حذرنا منه, وهو ان الاحتلال لا يرغب بالسلام, ولا التعايش المشترك, ولن يقبل بحل الدولتين ولا باعتبار شرقي القدس عاصمة لفلسطين, لكن السلطة تمسكت بمواقفها ضاربة بعرض الحائط كافة المناشدات من فصائل المقاومة الفلسطينية بالتخلص من اوسلو والعودة الى حضن الشعب الفلسطيني, الذي ينتظر اشارة من السلطة للانتفاض في وجه الاحتلال خاصة في الضفة التي تتعرض للقضم.

عزام الاحمد طالب بعقد جلسة للمجلس المركزي بأسرع وقت ممكن، والعمل على تنقيذ قرارات المجلسين المركزي والوطني، لمجابهة مخططات اسرائيل الاستيطانية، والتي كان اخرها اعلان وزير جيش الاحتلال اعتبار سبعة مواقع في الضفة محميات طبيعية, واكد على ضرورة ان يتم اتخاذ اجراءات عملية سياسية في إعادة النظر لكل أشكال العلاقة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لحين التزام «اسرائيل» لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة. وكان المجلس المركزي قد قرر إنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية كافة تجاه اتفاقاتها مع «إسرائيل»، وفي مقدمتها تعليق الاعتراف بما تسمى بدولة إسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، والانفكاك الاقتصادي على اعتبار أن المرحلة الانتقالية، بما فيها اتفاق باريس لم تعد قائمة، فان كان الاحمد جادا في تصريحاته, ولم يستخدمها كأوراق ضغط على الاحتلال والادارة الامريكية, فيجب ان يعلم انه قبل البدء بأي خطوة من هذه الخطوات يجب تحريك الشارع الفلسطيني خاصة في الضفة الغربية المحتلة والقدس, فهذا الامر وحده كفيل بإرغام الاحتلال على وقف مخططاته والتراجع عنها, فهل تتجرأ السلطة على استخدام اوراقها وتعدد من خياراتها ام ستخشى الاحتلال.

الخطوة التالية تتطلب ان يتم التوافق على خطة استراتيجية لمواجهة التحديات, وقد تحدث بالأمس عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية عن عدة محاور استراتيجية يجب العمل عليها, وهى من الممكن ان تكون قاسماً مشتركاً بين فتح وحماس وبقية الفصائل للخروج من المأزق الخطير الذي تمر به القضية الفلسطينية , أولى هذه المحاور تقوم على تثبيت وتعزيز صمود المواطن الفلسطيني في أماكن وجوده كافة، ووجوب العمل على تثبيت وتعزيز صمود المقدسيين في القدس، تحقيق الوحدة الوطنية، تعزيز خيار المقاومة الشاملة، وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال، وتعزيز صمود اهلنا في الشتات, وبذل الجهود الدبلوماسية عربيا واسلاميا ودوليا لنصرة شعبنا وقضاياه العادلة, وهذه خطة تجتمع حولها كل الفصائل الفلسطينية, وتكتسب حيويتها اذا انخرطت السلطة في تطبيقها, لأن تبني هذه الرؤية من شأنه ان يحرك الشارع الفلسطيني في وجه الاحتلال, عليكم يا سيد عزام ان تصلوا الى قناعة ان «اسرائيل» لن تمنحكم أي شيء لأن اطماعها ممتدة خارج الحدود الجغرافية لفلسطين, ولها تطلعات في المنطقة ستعمل بكل قوة على فرضها مستعينة بالإدارة الامريكية, لذلك فان الضمان الاكبر لإحباط هذه المخططات تحريك الجماهير ولو سلميا في وجه الاحتلال, فتقدموا الصفوف بإرادتكم كي تحافظوا على وجودكم في الضفة المحتلة, وبخلاف ذلك فإن أي من مساراتكم التسووية لن يتحقق, بعد ان تخلص الاحتلال بمساعدة امريكا من كل التزاماته تجاه القضية الفلسطينية, ولم تعد تعنيه القرارات الدولية, فتنبهوا للقادم قبل ان تصبح السلطة وقيادتها في مهب الريح.

كلمات دلالية

اخر الأخبار