الوعد الملعون

تابعنا على:   18:43 2013-11-01

خالد معالي

تصادف يوم السبت 2\11 وعد بلفور، الذي جرى في 2\11\1917 . وعد ملعون كهذا كلف الفلسطينيين حتى الآن عشرات آلاف الشهداء، وتشريد سبعة مليون لاجئ، وتهويد القدس، ووجود قرابة 5000 أسير فلسطيني، بينهم مئات الأطفال، وعدد من النساء والفتيات، عدا عن الكثير من المآسي والمواجع. التي لا تعد ولا تحصى.

أخطأت بريطانيا، وارتكبت جريمة العصر؛ بزرع دولة الاحتلال بين أمواج بشرية هادرة من العرب والمسلمين؛ الذين حتما سيستفيقوا يوما ما، ويحاسبون بريطانيا حسابا عسيرا؛ على جريمتها التي تندى لها جبين الإنسانية جمعاء. 

هذا الوعد الملعون والمشئوم؛ جرى العمل به تحت ضغط صراع القوى العالمية؛ ممن لا يملك؛ لمن لا يستحق؛ تحقق الوعد وبقوة السلاح، وتسبب بأعقد وأطول مشكلة في العالم؛ وهو ما يشير إلى قوة مكر ودهاء بريطانيا العظمى وقتها على المدى الطويل، في الشر لا في الخير.

بريطانيا بوعدها الملعون؛ جعلت فلسطيني ال 48 يخشون الطرد؛ بقانون يهودية الدولة، وجعلت 12 مليون فلسطيني في أصعب وضع عرفه شعب عبر التاريخ الحديث والمعاصر منه.

لو تم زرع يد ثالثة في أي جسم لأي إنسان، هل سيتقبلها الجسم؟ طبعا لا؟! من هنا فان بريطانيا ومعها أمريكا تحاول وحتى اللحظة جعل دولة الاحتلال – الجسم الغريب- جزء أصيل من العالم العربي والإسلامي؛ بالقوة أحيانا، وبالحيلة أحيانا أخرى؛ وهو ما جرى مؤخرا بإجبار، وابتزاز السلطة الفلسطينية على العودة للمفاوضات في ظل خلل كبير في  موازين القوى لصالح "نتنياهو".

بريطانيا هي من أشعلت ناراً قد تحرقها لاحقا، ولم تتوقف حتى الآن، واكتوت بلهيبها قليلاً عبر تفجيرات لندن قبل أعوام. ويا ليتها اتعظت مما جرى لها بالاعتذار وتعويض الفلسطينيين؛ بل اغترت وتبخترت، وراحت تختال وتزهو. 

يسجل لبريطانيا عظم دهائها وتخطيطها في الشر من الأمور والأحداث، من خلال تفكيرها بإيجاد ملهاة، ومشكلة دائمة في قلب العالم العربي والإسلامي؛ حيث زرعت دولة الاحتلال كقاعدة متقدمة لها وللغرب عموما، وهو ما حصل ونجحت فيه. 

"طوني بلير" يعتبر نموذج مصغر لبريطانيا؛ فهو كاذب، متغطرس، ماكر، وذكي، يستسهل دماء وآلام العرب كما جرى في العراق، ولا يبالي بالقانون الدولي بتحايله عليه، ويستخف بالعقول العربية.

من المفترض في بريطانيا كدولة أوروبية "متحضرة"، وتزعم ذلك؛ أن تحل مشكلات العالم لا العكس؛  بأن تصدر وعدا بنشر العلم والفضيلة وحقوق الإنسان و"الديمقراطية " لخدمة البشرية؛ إلا أننا نراها قد وعدت بشر مستطير، تعجز حتى الشياطين عن اختلاقه، ما زالت البشرية جعاء تدفع ثمنه غاليا.

صحيح أن القوي يفرض ما يريده؛ بحكم صراع القوى؛ بالمقابل إن كان ما يفرضه لا يتناسب مع منطق الأمور والسنن الكونية؛ فانه لا يدوم وسرعان ما يتحطم. دولة الاحتلال تتقلص وتصغر يوما بعد يوم، وتتراجع قوتها وهيبتها باعتراف "ليفني" وكتاب ومحللي دولة الاحتلال، لينتهي مفعول الوعد الفاسد، عما قريب.

في المحصلة من اجبر (الجيش الذي لا يقهر) على الانسحاب من جنوب لبنان، وقطاع غزة؛ وتفكيك المستوطنات التي قال عنها "اريئيل شارون" يوما بأنها مثل "تل ابيب"؛ قادر غدا على إجبارها على الانسحاب من القدس والضفة الغربية، وبقية فلسطين المحتلة. وان غدا لناظره قريب.