اداء المقاومة.. والواقع الميداني والسياسي للعدوان الصهيوني على غزة

تابعنا على:   21:38 2014-07-18

سميح خلف

اصبح حتميا ً ان يكون هناك حلا ً لأزمة الحصار على قطاع غزة وازمة ما يقارب من 2 مليون فلسطيني يعيشون في داخل سجن كبير في واقع يبتعد كثيرا ً عن أي مظاهر للحقوق الإنسانية على الكرة الارضية يعيشها هذا الجزء من الشعب الفلسطيني ، واصبحت القضية والموقف ليست قضية حماس ومطالب حماس وطموحاتها ، هذا ما كان يراد ان يمرروه لاطباق الحصار وتركيع وترويض الشعب الفلسطيني لأغراض تبتعد كثيرا ً عن الوطنية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية وطموحاته في الحرية واقامة دولته واستقراره وممارسة دوره الانساني ايضا ً على الكرة الأرضية .
ربما كان المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية هو مشروع الفتك بالحالة الانسانية على هذه القطعة من الأرض الفلسطينية ببرنامح بديل يأخذ مظاهر لغة القرصنة والعدوان ومنطق المعادلة التي اقيمت عليها ، معادلة الأقوياء والضعفاء .
ومن هنا كان يجب ومازال حاضرا ً امام الشعب الفلسطيني ان يجد له مكانا ً في معادلة الأقوياء لكي يثبت حالته الإنسانية والوطنية امام هذا المشروع البغيض .
منذ 11 يوما ً ودخلنا في اليوم الــ12 وتحت مبررات متعددة اعلنت دولة الاحتلال الاسرائيلي نيتها في هجومها على قطاع غزة متحججة ومعللة بأن هذا الهجوم ردا ً على خطف ثلاثة من الصهاينة ، مازال امام عملية خطفهم ما يقال حتى في الصحافة الاسرائيلية ، بل كان الهجوم هو استهداف لما تبقى من ارض الوطن من ايكونات الصمود والارادة .
واذا ما بحثنا في الواقع الميداني لهذا الهجوم واهدافه وعدوانه فإننا نجد ان الاسرائيليين قد بدؤا باستخدام طائرات الاستطلاع الهجومية وسلاح الجو لقصف المنازل و قصف الاراضي الزراعية بحثا ً عن الصواريخ ومنصاتها ومحاولة تقييد حركة النشطاء بقصف بيوت ومنازل المدنيين التي تجاوزت المئات وعلى اثر ذلك سقط ما يقارب للآن 267 شهيد و1869 جريح .
منذ ليلة امس اعلن نتنياهو الساعة الـ10 مساءا ً بدء الهجوم البري نتيجة تعثر المبادرة المصرية التي ابدت المقاومة الفلسطينية عليها عدة اعتراضات.
الهجوم البري الذي اعلن عنه نتنياهو وكما قالت الصحافة الصهيونية وقادة الحرب الصهاينة بأنه هجوم بري محدود يهدف الى عودة حالة الطمأنينة والأمن للجبهة الداخلية الاسرائيلية .
واذا ما نظرنا الى جغرافيا الهجوم االبري الصهيوني فهو على النحو التالي :
يتركز الفعل العسكري الاسرائيلي في منطقة الشمال ومنطقة الشرق بشكل عام بحثاً عن انجاز ميداني وتجهيز وتأمين منطقة امنية عازلة تستهدف الاراضي الزراعية والمنازل التي هي في خط المواجهة مع خط التماس ، استخدم في ذلك البوارج الحربية الصهيونية وسلاح الجو بما فيها طائرات الاستطلاع الهجومية وقذائف المدفعية من الخط الشرقي والشمالي للقطاع ايضا ً ، اشترك في هذا الهجوم جميع اسلحة الجيش الاسرائيلي بغية تأمين تلك المناطق ، بالمقابل كان اداء المقاومة فائق للتوقعات الاستخبارية الصهيونية وبكل كثافة هذا القصف واستخدام القنابل الانشطارية والقنابل المضاف اليها النابالم الحارق استطاعت المقاومة ان تدك حصون الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي طالت ابعد من حيفا وشملت جميع اجزاء الارض الفلسطينية المحتلة ، عندما كثفت اسرائيل ومازالت طلعاتها الجوية والغارات المتعددة في جميع انحاء قطاع غزة ، لم يكن لتلك الطلعات بنك اهداف حربي بل بنك اهداء لخلخة الجبهة الداخلية في داخل قطاع غزة ، فلم يثبت سلاح الجو الصهيوني اي جدارة في ملاحقة المقاومين او القضاء على منصات الصواريخ وكافة الاسلحة التي تستخدمها المقاومة في عملياتها ضد العدو الصهيوني ، بل فاق ذلك ان قامت قوات المقاومة الفلسطينية ببعض العمليات التي خلخلت قواعد الأمن الصهيوني في منطقة زيكيم ومنطقة صوفا .
بلا شك ان الضغط البري الذي اعلن عنه نتنياهو يأتي في اطار الضغط السياسي الذي ينشط في عدة عواصم عربية سواء في القاهرة او انقرة او الدوحة ، او مواقف دول مجلس الامن والمجتمع الدولي الذي بدأ يتململ من استغلال القوات الاسرائيلية لتصفية عرقية في داخل غزة بقتلها الاطفال وببشاعة مناظر القتل التي اغتالت 4 اطفال على شاطئ بحر غزة ، وفي عدة اماكن اخرى .
فكان موقف بان كي مون شاجبا ً للعدوان البري الصهيوني محملا ً اسرائيل المسؤولية عن الضحايا المدنيين مشددا ً ان الحرب غزة لن تجني الثمار بقدر ما هو مطلوب اعطاء الفلسطينيين مطالبهم ، اما الخارجية الأمريكية فلقد صرح كيري ونتيجة ردود الافعال الشعبية والدولية بأن اسرائيل تمعن في قتل المدنيين وعليها ان تبحث عن طريقة في تحقيق اهدافها بغير قتل المدنيين .
الواقع الميداني للصراع يقول ان الجبهة الداخلية الصهيونية مفتتة والنزاع الداخلي يشتت الاداء الاسرائيلي ومنهم من يشكك في رئيس الوزراء نتنياهو بأنه شخصية ضعيفة وليس لديه كاريزما قيادية .
اتذكر مقولة لكيري في اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين منذ اكتر من شهر ونصف عندما قال لكي تتم عملية السلام في الشرق الاوسط يجب ان يرحل نتنياهو او عباس او الاثنين معا ً .
هذا مؤشر على ان هناك حراك وتوجه امريكي لتغيير اوراق اللعبة وشخوصها سواء على الجانب الفلسطيني او الاسرائيلي.
وبرغم التمهيد الاعلامي على قطاع غزة والشعب الفلسطيني في غزة لكي يهرول على توقيع اتفاقية تعيد الواقع كما هو قبل العدوان من حصار وتبقى الامور في ايدي اداة الفعل للأمن الصهيوني والاستفراد بالضفة الغربية وبرنامجها السياسي ،فإن المقاومة الفلسطينية وصمودها وادائها وثقتها بنفسها وبشعبها تستطيع ان تتجاوز ما طرح من اوضاع ما قبل العدوان بمطالب حقيقية من فك الحصار الشامل على قطاع غزة ، اما قضية اطلاق المعتقلين التي اعتقلتهم اسرائيل في الآونة الاخيرة فهو شرط من شروط ابراز انتصار المقاومة واملاءاتها على العدو .
اجتمعت قوى المقاومة لرفض المبادرة المصرية التي رأت بأنها لن تلزم العدو بأي انفراجات على واقع الشعب الفلسطيني في غزة ، والغريب ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس مازال يعتبر نفسه كوسيط وليس كشريك ورئيس لفلسطين ، ويدين موقف المقاومة الفلسطينية برفضها المبادرة المصرية ، وبالتالي يكرر الرئيس الفلسطيني مواقفه الدائمة والمشككة في قدرات الشعب الفلسطيني والمقاومة وينئى بنفسة عن حالة الشعب الفلسطيني ومطالبه ، فكان من الاجدر وبصفته الاعتبارية ان يطالب بفك الحصار الشامل عن قطاع غزة وفتح الموانئ البرية والبحرية ، بدلا ً من ان يضيف من المعوقات والمبررات العدوانية للحكومة الصهيونية ، لا احد من فصائل المقاومة شريك في الحكومة الفلسطينية الان وحكومة التوافق هي حكومة شكلها الرئيس الفلسطيني وبرغم ذلك فان الحصار على قطاع غزة استمر بعد تشكيل حكومة التوافق بل اتى الحصار من العدو الصهيوني ومن حكومة الحمد لله ايضا ً.
موقف غريب يضاف الى المواقف العجيبة والغريبة للرئيس عباس ، فمتى كان منحازا ً لمصالح الشعب الفلسطيني ومقاومته في حين ان برنامجه يتعارض كليا ً مع الاطروحات الوطنية ، وفي ظل فشل ذريع لسياسته وبرنامجه الذي كان له مؤثرات مدمرة على الكينونة الفلسطينية .
في اليوم الـ12 للهجوم على قطاع غزة وفي ليلة واحدة استشهد 27 شهيد وتدمير حوالي 16 منزل ، نتنياهو يوجه رسالة لجيشه بتوسيع نطاق العمليات العسكرية وتحريك سلاح المدفعية والدبابات في المناطق الشرقية والشمالية ويقول خبير عسكري بأنه سيكون تمدد محدود ، في حين ان الواقع الميداني يقول ان قوات الجيش الاسرائيلي لم تتقدم في المناطق الشمالية سوى مئات الامتار وفي مواجهات طاحنة مع رجال المقاومة الذين استطاعوا ايقاف التوغل في المناطق الشمالية لقطاع غزة ، ويقول الخبير العسكري الصهيوني ان اهداف العملية ربما تستمر اسبوع او اسبوعين للوصول الى شبكات الانفاق ومنصات اطلاق الصواريخ بعد فشل سلاح الجو في تأدية هذا الغرض ، وهذا يدل استراتيجيا ً وتكتيكيا ً ان المقاومة في داخل قطاع غزة كان لها من التقنية والتمويه والاخفاء والمناورة ماهو يوازي قدرات العدو الصهيوني او يتفوق عليها امنيا .
هذا هو الواقع الميداني الان في قطاع غزة التي اعلنت فيه المقاومة شروطها من فك حصار كامل لقطاع غزة واطلاق سراح المعتقلين في الضفة الغربية ، شروط لا يمكن التنازل عنها ومن موقع الثقة والقدرة على مواجهة خطة نتنياهو وخطة العسكر الاسرائيليين من انهاء اطلاق الصواريخ وضرب منصاتها وضرب الانفاق ، وسيخرج نتنياهو خاسرا ً من هذه المواجهة وهذا مطلب امريكي في حد ذاته لتغيير اوراق اللعبة ، حيث اصبح كثير من الاصوات في الجبهة الداخلية الصهيونية تطالب بانتخابات مبكرة ولحكومة اسرائيلية جديدة ، ربما امريكا تورط نتنياهو في هذه المعركة الخاسرة لكي تحقق مقولة كيري\" لتحقيق السلام في الشرق الاوسط يجب ان يرحل نتنياهو او عباس او الاثنين معا ً \" واعتقد ان نتائج هذه المعركة ستحقق هذه المقولة .

اخر الأخبار