لا تهنئوهم فذلك كفر!

تابعنا على:   19:56 2019-12-16

فؤاد ابو حجلة

أمد/ نقترب من موسم الأعياد المسيحية التي يحييها ملايين من أهلنا العرب المسيحيين المتجذرين في هذه الأرض الطيبة منذ رسالة نبي المحبة والسلام، والمؤمنين بعروبة التراب في هذه الأرض المباركة بالرسالات السماوية.

في هذا الموسم ينشط التكفيريون في التحريض ضد المسيحيين، بل إنهم يكفرون من يشارك في المناسبة ولو بتقديم التهنئة إلى جار أو صديق مسيحي معتبرين ذلك خروجاً عن الإسلام، وتقرباً ممن يعتبرونهم "كفاراً"، ويدعون إلى مقاطعة المسيحيين العرب وعزلهم واعتبارهم غرباء، ويذهب غلاة التكفيريين إلى التحريض على حربهم واعتبارهم أعداء.

هذه النغمة الشاذة والناشزة ليست جديدة على التكفيريين الذين درجوا على هذا النوع من التحريض المقزز، الذي لا يستهدف المسيحيين فقط بل يستهدف المجتمعات العربية بكل مكوناتها حين يؤسس لثقافة الكراهية التي لا يستفيد من إشاعتها في بلادنا إلا إسرائيل ومن تحالف معها بقصد مبطن أو بجهل ظلامي، ويبدو أن إسرائيل وحلفاءها الذين يرعون مشروعها التخريبي في المنطقة نجحوا في تحقيق مأربهم الأسود وتمكنوا من إشاعة الخراب في وعي الفئات العمرية الصغيرة التي تهرول نحو التطرف والتعصب الأعمى والتحفز لخوض الحروب الوهمية مع أعداء وهميين بدلاً من خوض معركة التقدم والبقاء ضد العدو الحقيقي للأمة، ومن يتابع صفحات التواصل الاجتماعي يدرك كم تفشى هذا الظلام في أوساط شباب استبدلوا التفكير بالتكفير وانحازوا إلى الذين يكفرون بحقنا في الحياة ظانين أنهم يسلكون طريق الهدى الذي يفضي إلى الجنة.

في الماضي كنا ندعو إلى محاورة هؤلاء وتغيير مسارهم بالحجة وبالاقناع، لكننا الآن في مواجهة أعداد كبيرة من الذين جمدوا عقولهم تماماً ولم يعودوا قابلين للحوار أو اكتشاف الحقيقة، وهم يسيرون في المشروع الإسرائيلي – الغربي في اتجاه واحد يؤدي إلى الخراب الشامل، ولا يرون ما حولهم لأن مرجعياتهم المتمترسة في الزوايا وفي صفحات المنابر المشبوهة استطاعت تلجيم عقولهم.

لم يعد الحوار ممكناً مع هؤلاء، ولا بد من خطوات عملية وإجرائية لحماية السلم الأهلي في مجتمعاتنا من خلال محاصرة دعاة الشر وإخراس الأصوات الناعقة بالخراب، وضبط أداء من يزعمون الدعوة وهم في الحقيقة يروجون الضلال.

ندعو إلى تظهير بعض المساج والزوايا من شيوخ الظلام، وندعو إلى إغلاق الصفحات التي تحض على الكراهية، وندعو إلى طرح السؤال الكبير: لماذا يتحمس هؤلاء في التحريض على أهلنا المسيحيين، ولا يقتربون حتى من نقد إسرائيل؟

ولماذا يجب أن نقبل تحالفهم الذي صار واضحاً ومكشوفاً مع أعداء العرب الذين يحتلون أجزاء عزيزة وغالية من أرضنا سواء كان هذا الاحتلال إسرائيلياً لفلسطين أو تركياً لجزء من سوريا.

ليس تجنياً على الحقيقة القول إن إسرائيل تقدم الدعم العسكري والتدريبي وحتى التسليحي للإرهابيين الأصوليين في الساحات التي ينشطون فيها، وليس خافياً على أحد أن الإرهابيين الجرحى المصابين في سوريا يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، وليس منطقياً وجود من يتعاطف مع اعتداء على كنيسة عربية وغض الطرف عمن ينتهك ويدنس المساجد والكنائس في فلسطين المحتلة.

نكثر الحديث عن حقوق الإنسان، وتبهرنا تقارير المنظمات الحقوقية الدولية عن حالة حقوق الإنسان في بلادنا حين يتعلق الأمر بحرية الرأي، لكننا نختار تجاهل هذا الانتهاك السافر لحق الإنسان في الحياة عندما يتعلق الأمر بالتحريض على جزء منا.

ستنتقد هيومان رايتس ووتش اعتقال إرهابيين أصوليين في السجون العربية، لكنها لن تنتقد الإرهاب الأصولي الذي يتجلى بأبشع صوره في مناطق انتشار ونفوذ الحركات الإرهابية، ولعل تجربة سوريا وقبلها تجربة العراق تؤكد أن تقارير هذه المنظمات لم تكن منصفة للضحايا.

نعود إلى أعياد الميلاد المجيد لنؤكد أنها أعيادنا جميعاً وأن الكافر هو من يكفر المؤمنين.

اخر الأخبار