الاستيطان تقويض لركائز الوجود الفلسطيني

تابعنا على:   09:55 2019-12-16

حنا عيسى

أمد/ أصبح الحديث عن موضوع الاستيطان الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية  المحتلة مسالة مألوفة كغيرها من القضايا الكثيرة و المتنوعة التي تتداخل في تعقيداتها الاحتلالية القاسية  والوحشية مع  النهج  السياسي العملي المرفوض على الشعب الفلسطيني من خلال الممارسات  القمعية التي تنتهجها حكومة الاحتلال و سلطاتها العسكرية ,ومن اخطر هذه الممارسات و السياسات على الإطلاق هي سياسة  الاستيطان الاستعماري الاحتلالي التوسعي على الأرض الفلسطينية  داخل حدود الــ67 ,حيث يتلخص  تعريفه على انه "إحلال مواطني دولة الاحتلال - مدنيين وعسكريين – وإسكانهم في  الأراضي التي تم احتلالها وذلك باستخدام القوة العسكرية في مصادرة تلك الأراضي جبرا وقهرا , حيث يأخذ ذلك عدة  أشكال منها الاقتصادي و العسكري أو الإسكان المدني ".

لذلك نجد أن مفهوم الاستيطان يقوم أساسا على تفريغ الأرض من سكانها الأصليين وإحلال السكان الذين  ينتمون لدولة الاحتلال مكانهم عبر الوسائل التعسفية و القهرية  وما يرافق ذلك  من مصادرة للأراضي العامة و الخاصة دون مراعاة  لأي اعتبارات إنسانية أو سياسية أو غيرها , والتي تهدف إلى تقويض ركائز الوجود العربي الفلسطيني الاقتصادية و السياسية  و الثقافية وليس غير تصفية  الوجود العربي في فلسطين هي  المحطة التي ستتوقف عنها عملية التهويد التدريجي المثابر  للأرض الفلسطينية و التي تواترت منذ احتلال الضفة الغربية و القطاع  بل منذ بداية النشاط الصهيوني في فلسطين " الاستيطان عدوان متواصل أداته إرهاب الدولة  وغايته تهويد كامل فلسطين ".

إن بناء المستوطنات في الضفة الغربية ومن ضمنها القدس المحتلة يعد خرقا للقانون الدولي والمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني في الحرب والسلم. وكذلك خرقا لحقوق الإنسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي.

القانون الدولي الإنساني يمنع الدولة المحتلة من نقل مواطنيها إلى المناطق التي قامت باحتلالها (المادة 49 لاتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949). بالإضافة إلى منع الدولة المحتلة من إجراء تغييرات دائمة في الأرض المحتلة، باستثناء التغييرات الضرورية الملحة لحاجات عسكرية أو لصالح السكان المحليين. كما أن بناء المستوطنات يمس بحقوق الفلسطينيين المنصوص عليها في القانون الدولي، وأهمها حق تقرير المصير، وحق المساواة، وحق الملكية، والحق في الحياة بمستوى لائق وحق حرية التنقل.

لذا فان سياسة إسرائيل الاستيطانية يرفضها القانون الدولي وقرارات هيئة الأمم المتحدة الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي واليونسكو والتي تحظر على إسرائيل إجراء أي تغييرات قانونية أو عملية التركيبة الديمغرافية للأراضي المحتلة والقدس وفي معالمها الحضارية والتاريخية والدينية، وتعتبر جميع إجراءاتها لاغية وتطالبها بالرجوع عنها، وبضرورة ممارسة الضغط على إسرائيل لحملها على الإذعان لقرارات الشرعية الدولية.

أما بخصوص الجدار العازل، فان وجهة النظر الفلسطينية تتلخص في نقطتين أساسيتين أولاها هي أن الجدار يقتطع أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة وثانيهما أن الجدار يعتبر عملا عنصريا.

لذا , قضت محكمة العدل الدولية بتاريخ 9/7/2004 بان الجدار الفاصل الذي تقيمه إسرائيل على مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية  ينتهك القانون الدولي ودعت إلى إزالته وتعويض الفلسطينيين المتضررين من بنائه وجاء في نص الرأي الاستشاري "أن بناء الجدار شكل عملا لا يتطابق مع التزامات قانونية دولية عديدة مفروضة على  إسرائيل وعددت المحكمة بين انتهاكات  القانون الناتجة عن بناء  الجدار وإعاقة حرية نقل الفلسطينيين وحركتهم وإعاقة حقهم في العمل و الصحة والتعليم ومستوى حياة كريمة ...ودعا القرار إسرائيل إلى تفكيك  أجزاء  الجدار تم بنائه في الأرضي المحتلة في الضفة الغربية  ووجهت المحكمة نداء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة  ومجلس الأمن الدولي من اجل وضع حد للوضع غير القانوني الناتج عن بناء والجدار العنصري الإسرائيلي .

إن الشعب العربي الفلسطيني على اختلاف طبقاته وشرائحه وفئاته وقواه وأطيافه السياسية والاجتماعية هو المعني الأول بسياسة الاستعمار الاستيطاني الاحلالي الإسرائيلية التي تتمحور حول إنكار وجود الشعب الفلسطيني وتكريس الاحتلال لأرضه، وطمس هويته وحضارته العربية والإسلامية ومقاومة جهاده من اجل حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة التامة وعاصمتها القدس الشريف على أرضه التي احتلت في الرابع من حزيران لسنة 1967م.

ويستند الموقف الفلسطيني  من سياسة الاستعمار الاستيطاني الاحلالي الإسرائيلية إلى جملة من المبادئ أهمها :رفض الاحتلال الإسرائيلي للأرضي العربية الفلسطينية وعدم الاعتراف بشرعية الاحتلال،  حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة التامة وعاصمتها القدس الشريف ، التمسك بحق العودة و التعويض ,عودة اللاجئين الفلسطينيين   ممن شردوا من وطنهم قسرا وتعويضهم عن معاناتهم الطويلة وفقا لقرار حق العودة رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة  لهيئة الأمم المتحدة سنة 1948 ، إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين المتواجد بالمعتقلات الإسرائيلية دون قيد أو شروط.

كلمات دلالية

اخر الأخبار