حرب العنصرية على الإعلام

تابعنا على:   20:30 2019-11-21

عمر حلمي الغول

أمد/ قبل ايام معدودة إقتلعت رصاصات الجريمة الصهيونية عين المصور الإعلامي معاذ عمارنة، وأمس اصدر وزير داخلية حكومة تسيير الأعمال، جلعاد أردان قرارا ضد ثلاث مؤسسات فلسطينية في القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين: أولا مداهمة مكتب وزارة التربية والتعليم في البلدة القديمة، ومنع إقامة فعاليات مدة ستة أشهر؛ ثانيا مداهمة المركز الصحي في شارع السلطان سليمان، وإعتقال مدير المركز، أحمد سرور؛ ثالثا مداهمة مكتب تلفزيون فلسطين  (الأرز) في الصوانة، وإعتقال مدير المكتب، ايمن ابو رموز، وإستدعاء الإعلامية كريستين ريناوي للتحقيق، ومنع إقامة فعاليات لمدة ستة أشهر. وهو ما يشير إلى الحرب العنصرية المسعورة، التي يقودها نتنياهو الفاسد وأركان حكومة اليمين المتطرف ضد الشعب العربي الفلسطيني ومؤسساته الوطنية في اراضي دولة فلسطين المحتلة عموما والعاصمة الفلسطينية خصوصا.

ورغم ان هذة السياسة ليست جديدة، انما هي إمتداد للمخطط الصهيوني الإستعماري الهادف إلى القضاء التدريجي على روح الوطنية الفلسطينية في زهرة المدائن وفي ال48، وشرعنة الإستعمار الصهيوني على كل مناحي الحياة في القدس، وتعميق عملية التغيير في مركباتها الديمغرافية والثقافية والحضارية والإقتصادية والسيكولوجية وترسيخ عملية الضم للمدينة المقدسة، ونزع ثوبها الوطني، وإرغامها على لبس ثوب الإستعمار والعبودية الصهيوني، الذي رفضته، ورفضه الشعب العربي الفلسطيني، وسيمزقه عما قريب.

وعلى اهمية المؤسسات التربوية والصحية كعناوين هامة لبناء الإنسان الفلسطيني العربي، وصقله، وتعميده تربويا وصحيا في التربة الوطنية، وتجذير الرواية الفلسطينية في وعيه لمجابهة وتحد الرواية الصهيونية المزورة والزائفة. غير أن إستهداف الصورة والصوت والرسالة والكلمة الفلسطينية في القدس العاصمة الأبدية لم يكن إعتباطيا، ولا هو قرار مزاجي، أو آني ومؤقت، إنما هو قرار سياسي بإمتياز، إستهدف الشاشة الوطنية الفلسطينية، الناقلة للحقيقة، وللمعاناة التي يعيشها المرابطون المقادسة جراء الإنتهكات والجرائم اليومية، التي ترتكبها اجهزة الأمن الإسرائيلية وقطعان المستعمرين بتوجيهات مبرمجة ومعدة سلفا من حكومة اقصى اليمين العنصرية والفاشية، التي تسابق الزمن لتنفيذ مخططها الإستعماري على كل الأرض الفلسطينية وتحديدا مدينة السلام والأنبياء والرسل.

فما بين إقتلاع عين معاذ قبل ايام، وقرار إغلاق عين الشاشة الفلسطينية الأهم علاقة وطيدة لا تنفصم، لإنها إستهداف للحقيقة وحراسها وعيونها، ومحاولة إعدام الرواية الفلسطينية، وخنق الصوت والمشاهد الوثائقية، والحؤول دون نقل مآسي ومظالم الجماهير الفلسطينية في العاصمة وفي الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل، وحجب الرأي الآخر، وتكميم افواه الإعلاميين، وإقتلاع عيونهم أو سحق حيواتهم إن إستطاعت دولة البغي والعدوان والإرهاب الدولاني المنظم، لإنها لا تريد ان ترى، أو تسمع صوت الحقيقة، أو تسمح بنشر الصورة الوثيقة، ولا تقبل من حيث المبدأ وجود الراوي الفلسطيني صاحب الأرض والوطن والهوية والرواية الأصلانية لفلسطين التاريخية .

ولا ينفصل القرار الإستعماري الجديد عن موقف وزير خارجية إدارة ترامب، بومبيو، الذي "شرع" الإستيطان الإستعماري على اراضي دولة فلسطين المحتلة، الأمر الذي حفز رئيس حكومة تسيير الأعمال، ووزير داخليته على تنفيذ جريمتها الجديدة ضد المؤسسات الفلسطينية الثلاث، والعمل بخطى حثيثة لإسرلة الأرض الفلسطينية، وتوسيع نطاق التغول الإستيطاني على الأرض الفلسطينية وخاصة في القدس العاصمة. وهو ما يشير إلى ان الحرب الصهيونية الأميركية على الحقوق والمصالح الفلسطينية تزداد شراسة ووحشية ودونية، وتتغول على القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة والمعاهدات والمواثيق الأممية ذات الصلة بحقوق الإنسان والإعلام، وبالشعوب الواقعة تحت نير الإستعمار الأجنبي، والمتعلقة بقضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وهو ما يعني ان حكومة نتنياهو الفاشية ماضية قدما في مشروعها الإستعماري لهدم وتدمير جدران وزوايا وملامح وفصول الرؤية والرواية الفلسطينية.

لكن إسرائيل ومعها إدارة ترامب الأفنجليكانية المتصهينة لن يفلحوا في تحقيق مآربهم، ومخططاتهم الإستعمارية، لإن الشعب الفلسطيني قادر على إجتراح الصعاب، وتحدي إرادة ومشاريع الأعداء الصهاينة وحليفتهم الإستراتيجية، وسيتمكن من رد الصاع بالف صاع والإنتصار لحقوقه ومصالحه الوطنية العليا. وايضا بإستناده لإشقائه العرب والشعوب الإسلامية ولإنصار السلام في العالم، الذين صوتوا اول امس في اللجنة الثالثة للأمم المتحدة ب 165 صوتا لصالح حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني. لن اكرر دعوتي الدائمة للأقطاب والدول والإتحادات الدولية ذات الصلة بإتخاذ ما يلزم، ولكني ادعو شعبي وقواه ونخبه السياسية والإعلامية والتربوية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية والصحية للتشمير عن سواعدهم للدفاع عن قضيتهم وروايتهم، كما يليق بها وبهم.  

اخر الأخبار