قراءة فى أبعاد العدوان الإسرائيلي على غزة

تابعنا على:   22:50 2019-11-17

د. أحمد رمضان لافي

أمد/ لم يكن العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة كسابقه , وإذا ما عرفنا بأن الأداة العسكرية هى إحدى أدوات العمل السياسى وتقوم على خدمة وتنفيذ برامج سياسية, فإنه من البديهى أن نقف وقفة تفكير بهدوء لنرى ونحلل ونقرأ ونسأل: ما هى أهداف إسرائيل المعلنة والغير معلنة من العملية الأخيرة؟ ولماذا استهدفت الجهاد الاسلامى فقط؟ ولماذا لم تشارك حماس رفيقتها الجهاد فى العملية؟ وما هو مستقبل الوضع السياسى لغزة بعد هذه الموجة؟ أسئلىة كثيرة من الممكن ان تُسأل فى هذا الموقف, ولكن وللإجابة على بعض التساؤلات لابد من قراءة المشهد فلسطينياَ واقليمياَ ودولياَ, قد يسأل سائل وهل موضوع غزة له كل تلك الأبعاد؟ وبالفم الملآن نقول له نعم وباختصار لأن مركز الصراع فى الشرق الأوسط هى قضية فلسطين ووجود آخر احتلال فى العالم, ولأن غزة أصبحت الصورة الواضحة فى الصراع بفعل فاعل واضح ومعلوم , لذلك كانت غزة هى التجربة الأولى فى الفوضى العربية فى محاولة لتجربة حكم الاسلام السياسى وتحويل البوصلة من الهم الوطنى والقومى إلى آتون النفق المظلم داخل تفاصيل الحياة العربية ونجحت القوى التى صنعت هذه الأدوات نجاحا كبيراَ وما حالة الوطن العربى اليوم الا دليلاَ على صحة هذه الفرضية الواقعية, ولذلك كانت حماس هى رأس الحربة فى المشروع برمته, وتحت مسميات عديدة استمر أمد الإنقسام وتحت ذرائع متعددة للطرفين وبتدخلات الأطراف اللاعبة أصبحت غزة تحت حكم حماس المطلق ولا يمكن ولا يسمح لأىٍ كان من الفصائل أو القوى السياسيى أن تلعب أى دور سياسى أو غيره إلا بإذن مسبق منها, وقد كان هذا الوضع حلماَ بالنسبة لاسرائيل حيث استفردت بالضفة الغربية والقدس واللاجئين والمياه والأسرى وغيرها, فى مقابل ضعف أداء السلطة ومحاصرتها مالياَ والسماح لها أن تلعب دوراَ وظيفياَ فى بعض مناطق الضفة الغربية. مقابل تقوية حماس فى غزة عسكرياَ ومالياَ وسياسيا َمن خلال عدة وسائل كان أهمها عدوان متكرر دون القضاء عل حماس العدو اللدود لاسرائيل, واستكفت باغتيال عدد من قياديها العسكريين والسياسيين وفى الجانب الآخر فتح الباب لها بالتواصل مع العالم الخارجى سياسياَ من خلال البعثات اليومية التى تدخل وتخرج من غزة وفى بعض الأحيان تكون لبعضها إقامة فى غزة, أيضا فتح باب الدعم المالى القطرى المباشر والغير مباشر, وبالمجمل هذا ما هدفتاسرائيل تحقيقه باستمرار وهو قتل حلم قيام دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة جغرافياَ وعاصمتها القدس الشرقية حسب الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة اسرائيل , ولذلك وعندما أفاق اليمين الاسرائيلى المتطرف من صفعة اوسلو القوية سخروا كل امكانياتهم بالتحريض على الشريك الإسرائيلى " اسحاق رابين" وقتلوه أمام الجمع الأمنى والسياسى, وأطلقوا يد حماس لتقوم بالعمليات التفجيرية داخل اسرائيل مستهدفة المدنيين من خلال تفجير الباصات والاسواق, فى رسالة واضحة بأن السلطة لا تمثل الكل الفلسطينى وهذا ما بدا واضحا وجلياَ بعد اغتيال الشريك الفلسطينى "ياسر عرفات" وإحداث تغيير فى خريطة الحالة الفلسطينية بدخول حماس اللعبة السياسية وفوزها بالمجلس التشريعى المنصوص عليه باتفاقيات اوسلو المرفوض حمساويا, إذا ما الذى حدث الآن؟ حماس ترى نفسها بأنها السلطة القوية والتى تتحكم بمفاصل الحياة فى غزة وقد سجلت نجاحاَ باهراَ أذهل المراقبون وفى مقدمتهم اسرائيل كيف لا وهى لم تشارك الجهاد فى معركته الأخيرة وهى من قالت أنها حاضنة للكل كما جاء على لسان رئيسها "هنية" , وأمام حالة فتح المتردية بفعل فاعل معلوم جدا وحالة الضعف والتشرذم فلا يوجد قوة أمام حماس عسكريا َعلى الأقل إلا الجهاد الاسلامى ولذلك كانت المعركة بمثابة امتحاناَ لحماس. وفى هذا فإن الواقع الحقيقى هو نجاح حماس بالامتحان ليس من باب التخوين بل ممارسة حقها البراغماتى فى إدارة لعبها السياسة فهى لم ولن تسمح لا فصيل أو قوة سياسية أن تتحرك دون إذنها وفى الحدود التى تسمح لها حماس بذلك. وفى هذا الاطار نستيطيع القول بأن اسرائيل حققت نجاحاَ كبيرا َباغتيال كادر عسكرى نشيط من جانب, وحيدت حماس تحييد واضح وصريح من جانب آخر وهو ما يبشر بالقادم بأن حماس القوة الوحيدة القادمة لحكم غزة .... وفق ما هو مرسوم دولة غزة مع شركاء آخرين سنتناولهم فى مقالات قادمة.

اخر الأخبار