ثلاثُ مصطلحات باتت تحكم  مستقبل قطاع غزة..!!

تابعنا على:   17:01 2019-11-15

د. عبد الرحيم جاموس

أمد/ ثلاث مصطلحات باتت تحكم واقع ومستقبل قطاع غزة هي (تهدئة ،مقاومة، حصار) ومعه أيضاً مستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته، وكأن هذه المصطلحات  قد فصلت تفصيلاً دقيقاً، على مقاس قطاع غزة، لتختزل في نهاية المطاف الكل الفلسطيني في الداخل وفي الشتات ،حيث باتت المصطلحات الأكثر تداولاً فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي مغطية على مختلف جوانب القضية الفلسطينية، وجوهرها كقضية تحرر وطني تهم الشعب الفلسطيني بملاينه الثلاثة عشر في الداخل والخارج، والتي تمثلت محدداتها في البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية وفي قرارات الشرعية الدولية والقرارات والمواقف العربية والفلسطينية فيما يلي:

أولاً: حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ومدنهم وقراهم التي شردوا منها عام 1948م.

ثانياً: حق المساواة للفلسطينيين الذين صمدوا في ديارهم في الأراضي المحتلة عام 1948م كمواطنين أصليين لا يجوز المساس بحقوقهم وبوضعهم القانوني.

ثالثاً: حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967م وتشمل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وإعتبارها وحدة جغرافية واحدة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عليها وعاصمتها القدس الشرقية.

لكنه بات من المؤكد أن هذه العناصر الثلاثة الأساسية التي تمثل عناصر البرنامج المرحلي للحركة الوطنية الفلسطينية، والتي حظيت بالدعم العربي والدولي، لازالت تواجه بالرفض المطلق من جانب الكيان الصهيوني وحليفته الولايات المتحدة وبشكل واضح في ظل الإدارة الجمهورية الحالية برئاسة دونالد ترامب، وأيضاً  من حركة حماس  وحركة الجهاد اللتان  رفضتا  كافة أشكال التسويات مع الكيان الصهيوني، ورفضتا البرنامج المرحلي الكفاحي للشعب الفلسطيني، ورفضتا أن تكونا ضمن مكونات منظمة التحرير إلى غاية الآن، .. ومارستا مختلف أشكال الرفض والمقاومة لهذه الرؤيا الوطنية والعربية والدولية، ورفضتا مبدأ التسوية مع الكيان الصهيوني مؤكدتان  على أن هذا الصراع معه (صراع وجود لا حدود) .. .... 

فقد وجد الكيان الصهيوني فيهما ضالته، لمواجهة الضغط العربي والدولي وقرارات الشرعية الدولية القاضية بإنهاء إحتلاله للأراضي الفلسطينية والحفاظ على وحدتها الجغرافية والتفاوض على أساسها لأجل إنهاء هذا الإحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.

لقد إستفاد الكيان الصهيوني من وجود حركة حماس ومقاومتها وإشتراكها في إنتخابات المجلس التشريعي وبعده إنقلابها على السلطة والسيطرة على قطاع غزة إستفادة كبرى، سهلت عليه تنفيذ إستراتيجيته في ضرب وحدة الأراضي الفلسطينية، و فرض حصار ظالم على قطاع غزة، لتأكيد الإنفصال بين غزة والضفة الغربية، ليصبح مصير غزة محكوماً (للعبة التهدئة والمقاومة والحصار) ويضحي سراً من الأسرار يكمن بين إستمرار النار أو الإنفصال، يحدده الكيان الصهيوني وحركتا حماس والجهاد منفردتين، ........

وما الحديث عن المصالحة الفلسطينية في مثل هذه الحالة الا ذر للرماد في العيون، وتغطية على مخطط جهنمي إستعماري إستيطاني يلتهم أحلام الشعب الفلسطيني في العودة، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، ....

هنا باتت علاقة حماس بالكيان الصهيوني ومستقبل قطاع غزة المحكوم لتلك المصطلحات، يتصدر وجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي برمته، وما عداه بات وكأنه عناصر ثانوية أو غير ذي صلة، تلك المؤامرة الكبرى التي إستهدفت حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته ،ولعبت فيها (حركة حماس دور الحاوي) لتختزل القضية الفلسطينية بتهدئة طويلة أو مؤقتة بينها وبين الكيان الصهيوني، وبالوضع الإنساني الذي آل إليه وضع شعبنا في قطاع غزة جراء هذه اللعبة الخبيثة (تهدئة مقاومة حصار) فلا مانع من القتل بالجملة أو بالمفرق بين فترة وأخرى وبات شبه يومي  طالما هذا يضمن لحركة حماس و معها الجهاد  صفة المقاومة وإستمرار تحكمها في قطاع غزة، وإسقاط المشروع الوطني الفلسطيني في حده الأدنى وقصره على (حماس غزة)، .. ويستمر الحديث عن المصالحة دون نيلها...  واليوم يستمر الحديث  عن انتخابات تشريعية ورئاسية دون أن تخطو حركة حماس أية خطوة فعلية بإتجاهها  او بإتجاه  إتمام المصالحة بل وانجاح الانتخابات التي اقترحها الرئيس ابو مازن ، بل كل يوم تخطو خطوتين بإتجاه تكريس الإنقلاب والإنقسام، وتجاوز السلطة الشرعية والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني بما يكفل للكيان الصهيوني مواصلة إنقضاضه على الحقوق الفلسطينية ليس فقط في القدس والضفة الغربية وإنما أيضاً داخل الأراضي المحتلة عام 1948م، حيث شجعه هذا الوضع لإقرار قانون القومية العنصري الذي يسقط حق المواطنين الفلسطينيين في المساواة في المواطنة كما يسقط حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم،......!

هكذا تتآكل الحقوق واحداً تلو الآخر، وتجزء عناصر القضية والصراع إلى جزيئات صغيرة يصعب تجميعها وتختزل في تهدئة مع حركة حماس ومعها  ايضا حركة الجهاد اليوم التي تسعى هي الاخرى ان تكون  شريكا في تهدئة مؤقتة أو دائمة مقابل تخفيف الحصار أو رفعه عن القطاع، وحل المشاكل الإنسانية الناجمة عن لعبة (التهدئة والمقاومة والحصار).

اخر الأخبار