قراءة في نتائج العدوان على غزة

تابعنا على:   10:48 2019-11-14

د. خالد معالي

أمد/ بشكل متأني وبعيدا عن العاطفة والتسرع في قراءة وتحليل وفهم الأحداث ومآلاتها، فأيا كانت شروط التهدئة بعد جولة العدوان الحالي على غزة؛ فلن تكون في صالح دولة الاحتلال، لعوامل كثيرة، تتعلق بتطور وصمود وتألق المقاومة الباسلة في غزة، وما دعاية الاحتلال بانه خرج منتصرا في الجولة الا دعاية وحرب نفسية لاحباط الفلسطينيين، وما يؤسف له انسياق قلة قليلة من الفلسطينيين مع دعاية الاحتلال، وانطلت عليهم، بحيث راحوا يسلقون المقاومة بالسنة حداد، أشحة على الخير.

ما الذي نفهمه مما قاله عضو "الكنيست" في كيان الاحتلال" عوفر شيلح "بان الجهـاد الإسـلامي حصلت على صورة النصر عندما شلّت الحركة والعمل في تل أبيب، مضيفا بان منظمة (إرهابية) – مقاومة - احتجزتنا كرهائن لمدة ثلاثة أيام".

مخطأ من يتصور ان خوض الحرب من قبل المقاومة بأقصى وتيرة ممكنة وبكل طاقاتها في هذه الجولة سيدمر الاحتلال،  فما زال ميزان القوة مختل لصالح الاحتلال بشكل كبير جدًا، حتى ان دول كبرى يقصفها الاحتلال ولا ترد بسبب موازين القوى التي لا تلعب لصالحها حاليا، فالتوازن مطلوب دوما، والتهور يقتل صاحبه.

فلسطينيا، تجلت وحدة وقدرة الفلسطينين وترجمت في غرفة العمليات المشتركة لكل الفصائل، التي اعطت نموذجا مشرقا في وحدة الصف في الميدان، وما حصل من انتقادات من قبل عناصر فلسطينية – في كل الاحوال والظروف كانوا سيهاجمون المقاومة -  بان حماس لم تشارك في المواجهة الاخيرة، رد عليهم كتاب ومحلليين "اسرائيليين" بان "نتنياهو" اخطأ بذلك، بحيث صار الكل يقصف الاحتلال باسم الجهاد الاسلامي، واعطى حماس مجال مناروة اكبر لتخفيف الحصار والتحكم بمآلات الامور.

من كان يظن ان غزة باستطاعتها مواجهة الاحتلال وتحرير فلسطين المحتلة في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ الامة العربية والاسلامية فهو بحاجة لاعادة تفكير، صحيح ان غزة ترد العدوان وبجرأة وقوة ايمان، لكن موازين القوى ما زالت بحاجة للمزيد، ولولا قوة الايمان مع الصواريخ والثمن الباهظ لاقتحام غزة، لاستباح الاحتلال غزة عدة مرات منذ زمن.

35 شهيد ارتقوا للعلى، وهو متوقع في ظل احتلال يقتل ولا يميز بين اطفال ونساء او رجال، فحتى الضفة يقتل فيها الاحتلال وهي ليست بوضع غزة، فالاحتلال هو احتلال ومواصلة ضغطه وقتله وطرده للشعب الفلسطينين لن يتوقف مهما كانت الظروف والاحوال فهو ديدنه. لكن يبقى السؤال ما هي خطط الفلسطينيين لمواجهة ذلك.

من ناحية الاحتلال، فقد كتبت صحافة الاحتلال ان فصيل فلسطيني استطاع على صغره ان يغلق ويجبر الاحتلال على اعلان حالة الطوارئ ويغلق مؤسساته ويوقف اعماله بخسائر وصلت مليارات الدولارات.

 دولة نووية تملك أسلحة محرمة دوليا، مرعوبة من قطاع محاصر ومجوع، فكل عنصر في

القطاع من المقاومة يعد بألف جندي، قلوبهم يملؤها الإيمان والثبات وينتظرون على أحر من الجمر لقاء جنود الاحتلال.

التطور النوعي للمقاومة وضربها عمق دولة الاحتلال وامتلاكها صورايخ باستطاعتها تدمير دبابات ومصفحات الاحتلال؛ غيّر معادلة التفاوض مع  الاحتلال، وكبحت جماحه، وهذا يسجل لصالح المقاومة الباسلة التي فاجأت الجميع بقدراتها.

تقرأ بشائر النصر في وجوه عناصر وقيادات المقاومة دون تفرقة، وفي وجوه أهالي غزة الذين يواصلون تحديهم لجبروت الاحتلال وإجرامه، وحتى في الضفة الغربية والقدس المحتلة التي أنهكها الاستيطان والتهويد وحملات الاعتقال؛ ترى المعنويات مرتفعة، وأرجعت لهم المقاومة في غزة الثقة بالنفس وقدرتهم على صنع الحدث وهذا باعتراف قيادات الاحتلال.

في جميع الأحوال، ما عادت دولة الاحتلال كما كانت في السابق؛ حيث كشفت المقاومة في غزة وبفعل فصيل واحد فقط وان بدى كذلك، هشاشة وضعف هذا الكبان الغاصب، وهو ما سيدفع دول عربية وإسلامية للتجرؤ على دولة الاحتلال عما قريب بعد النتائج الباهرة للمقاومة، "ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا".

اخر الأخبار