الرابحون والخاسرون

تابعنا على:   08:26 2019-11-01

هتاف دهام

أمد/ حقّقت استقالة الحكومة في اليوم الثالث عشر للحراك المطلب الأساس للانتفاضة الشعبية التي قررت فتح الطرقات والتجمع في الساحات مترقبة اداء السلطة  للمرحلة المقبلة ليبنى على الشيء مقتضاه؛ فتصريف الاعمال يجب ألا يطول، اذ يجب البدء بالاستشارات الملزمة بشكل سريع لتشكيل حكومة جديدة انقاذية لا تتضمن وجوها نافرة واستفزازية، علما أن القوى السياسية كافة تجمع على ان التأخير في تشكيل الحكومة الجديدة سوف يدخل البلاد في المجهول خاصة وأن لبنان يشهد أسوأ ازمة اقتصادية ومالية، مع تتالي الأزمات المعيشية والنقدية واشتدادها.

وبانتظار كلمة الرئيس ميشال عون التي سيوجهها إلى اللبنانيين عند الساعة الثامنة من مساء غد الخميس لمناسبة الذكرى الثالثة لتوليه رئاسة الجمهورية، ثمة من يقول إن الرئيس الحريري انقلب على التسوية الرئاسية، بالقائه تبعات الأزمة على العهد عندما قدم الاستقالة من دون التنسيق مع رئيس الجمهورية، وأن كان هذا الكلام لا يلقى اذانا صاغية في بيت الوسط، على قاعدة أن الحريري كان على تواصل لساعات متأخرة من ليل الاثنين - الثلاثاء مع "حزب الله" والرئيس نبيه بري، اللذين حاولا ثنيه عن تقديم استقالته، بيد أنه اصر عليها، لاعتبارات تتصل برفض بعبدا خروج الوزير جبران باسيل من الحكومة، فالحريري طلب من "حزب الله" خلال استقباله المعاون السياسي للسيد حسن نصر الله  الحاج حسين الخليل التدخل لدى رئيس الجمهورية وإقناعه بضرورة الموافقة على تعديل وزاري يطال الوزير باسيل لكن الحزب ابلغه انه ليس في وارد التدخل لدى الرئيس عون للتخلي عن رئيس "التيار الوطني الحر"، خاصة وان رئاسة الجمهورية ترى ان ما يجري من تصويب على وزير الخارجية فيه الكثير من المظلومية وتصفية الحسابات السياسية من احزاب وشخصيات حاولت التسلل الى الحراك باساليب مختلفة.

وإذا كان الترقب سيد الموقف لحدود التغيير فى موازين القوى داخل الحكومة المرتقبة في ضوء المطالبة الشعبية بحكومة تكنوقراط من الصعب تشكيلها كما يقول عدد من السياسيين، نظرا للتوزنات السياسية والطائفية، فان الساعات التي اعقبت استقالة الرئيس الحريري شهدت حديثا في الاروقة السياسية عن رابحين وخاسرين مما حققته الانتقاضة الشعبية فى نهاية المطاف.

لا شك أنّ التظاهرات التي امتدت من الشمال الى الجنوب وصل صوتها إلى ابعد مدى، وحققت مطلبها الرئيسي الوارد في البند الاول من ورقة هيئة "تنسيق الثورة" والمتمثل باستقالةالحكومة، علما أن الفقرة الثانية من هذا البند تقول بتشكيل حكومة انقاذ وطني من خارج المنظومة الحاكمة، بيد أن الاكيد أيضاً أن الرئيس الحريري يمكن وضعه في خانة الرابحين، فهو ركب موجة الناس واعلن أنه مرتاح بعد تقديمه شيئاً للشعب اللبناني في اشارة الى استقالته، فهو استعاد شعبيته من جديد خاصة وأن الشارع حيده عن الشعارات المناهضة  للطبقة السياسية، الامر الذي يؤشر إلى أن رئاسة الجمهورية لا يمكنها الاستغناء عنه لرئاسة الحكومة، خاصة وان الاتجاه في حارة حريك وعين التينة لا يوحي بأن هناك رفضا لاعادة تكليفه لعدة أسباب ابرزها حجم التعقيدات الاقتصادية والاستحقاقات المالية، فالجميع سيخوض معركة الحفاظ على المكتسبات، هذا فضلاً عن ان "حزب الله" قابل بالرفض طلب الوزير باسيل خلال الأشهر الماضية، الذهاب الى تأليف حكومة جديدة برئاسة الوزير السابق محمد الصفدي او النائب فؤاد مخزومي.

على المقلب الآخر، ثمة من يصنف الثنائي الشيعي (حزب الله – حركة امل) في خانة الخاسرين، بعد سقوط اللاءات التي رفعها السيد نصر الله في وجه سقوط الحكومة، وفشل محاولته ثني الحريري عن الاستقالة، هذا فضلاً عن امور عدة حصلت في الشارع  (الرينغ وساحتي رياض الصلح والشهداء) وضعته مقابل الحراك، علما ان الساحات المطلبية كانت تتأمل مساندة المقاومة لها في رفع الصوت اعتراضاً على أداء سلطة والدفع نحو إصلاحات جدية في الدولة وتغيير نموذج النظام الاقتصادي ــ الإجتماعي، لاسيّما أنّ السيد نصر الله كان قد وضع نصب عينيه شن حرب على الفساد عبر تشكيل إطار تنظيمي يشرف عليه شخصيّاً.

أمّا على خط، بعبدا، فيرى المراقبون أن العهد يمكن وضعه في خانة أكبر الخاسرين مما جرى منذ بداية الحراك، خاصة وان الشعارات كانت بمعظمها تهاجم هذا العهد وتحمله مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي، بالتوازي مع ظهور الوزير باسيل الشخصية الاكثر استفزازا للشارع اللبناني من شماله الى جنوبه،  فضلا عن تأكيد الكثير من المعنيين على محوري 8 و14  ان رفض باسيل الاستقالة بذرائع مختلفة كانت الدافع الوحيد لاستقالة الحريري، الذي بحسب المقربين منه، ضاق ذرعا من تصرفات الاخير وتجاوزاته وشطحاته التي لا تنتهي.

وليس بعيداً، يرى المراقبون ان مشاورات التكليف يجب أن يبدأها الرئيس عون سريعا والدفع نحو تسهيل تاليف الحكومة بوجوه جديدة  بعيدا عن التشبث باسم من هنا او من هناك، والعمل على إنجاز ما وعد به اللبنانيين من إصلاحات خاصة وانه يواصل التأكيد أمام زواره أن الإنتفاضة الشعبية  فتحت الباب امام الاصلاح  الكبير وان الكثير من العوائق التي كانت تقف أمام فتح ملفات الكثير من الفاسدين سقطت مع هذا الحراك الذي تجاوز الحواجز الطائفية.

عن لبنان 24

كلمات دلالية

اخر الأخبار