عباس يحاصر عباس .. حصار ذاتي بامتياز

تابعنا على:   16:23 2019-10-23

د. طلال الشريف

أمد/ تكتمل عملية الحصار الذاتي للرئيس عباس والسلطة المركزية في رام الله بعملية الحجب الأخيرة هذا الأسبوع للحرية والتعبير عن الرأي في المواقع والصفحات الإليكترونية وما سبقها من توجيهه لجيش من المضللين لتكثيف الشكاوى لإدارات مواقع التواصل الإجتماعي على صفحات الناشطين السسياسيين والمجتمع المدني وبعض الأجسام السياسية المعارضة والمناوئة لعباس وإدارته الفاشلة للحكم لإغلاقها.

قلنا مبكرا هناك خطأ إستراتيجي في إدارة الحصار على حماس في غزة يجب تداركه وعدم الإمعان فيه، لماذا ؟؟

نعيد ونكرر ..

أولا : أن السلطة المركزية التي تدعي وترغب وتتصرف  لحصار حماس ونحن وكثير أو غالبية من شعبنا مناويئون لفكر وحكم حماس،  ومعارضون لسلوكها وما فعلته من تأخير مرير ومزمن للمصالحة وإستمرارها في رفض تمكين السطلة المركزية من أداء مهماته وعودتها لإدارة قطاع غزة، وهي لا تريد ترك الحكم في غزة، ولكن النتائج أن رام الله بعقوباتها تحاصر الشعب وليس حماس.

ثانيا : السلطة المركزية لكي ينجح حصارها يجب أن تبتعد عن مصالح الناس ورواتبهم وخدماتهم لا أن يدفعوا الثمن وتبقى حماس طليقة فلا يكون هدا حصارا ذا فائدة، ولنويحقق الهدف.

ثالثا: أن السلطة المركزية لا تملك السيطرة على الجغرافيا ولا المعابر ولا الحدود وغزة إقليم مفتوح من كل الجهات.

رابعا أن السلطة المركزية وقوات أمنها محظورين من  العمل في قطاع غزة وليس للسطة قوة هناك تنفذ قرارات وحيثيات الحصار.

خامسا: أن حماس وقياتها إمتلكت الأموال طوال فترة نوم عباس والسلطة في العسل قبل أن يتذكروا غزة وحماس، وكانت حماس قد مكنت نفسها من دورة إقتصاد القطاع ومن المدخولات الخارجية والدعم القطري والايراني والتركي وتبرعات كل فروع جماعة الإخوان المسلمين من مال وسلاح وتدريب ومنافع وتعاقدات لعمل أبنائها في كل أركان العالم ليعود ذلك  بالنفع والدعم المالي على حماس ناهيك عن الاراضي والعقارات والشركات والجمعيات التي تملكها حماس  إلخ إلخ..

 

سادسا: أن السلطة في رام الله واصلت خطأها وعاقبت الشعب ولم تعاقب حماس لأن حماس مفلتة من العقاب لكل الأسباب التي نذكرها، وتنمرث تلك السلطة خاصة على مناصريها والفتحاويين  وقطعت رواتبهم، وتفننت في قمع الحريات وعدم تنفيذ قرارات المقاطعة التي أجمعت عليها المجالس التمثيلية في الضفة الغربية وسيطرت على القضاء وحاكمت من تريد وأطلقت يد من تريد ناهيك عن تهمة التنسيق الأمني المخزية والتي تحد وتنقص من شعبيتها وتحاصرها.

سابعا: ما جاء أخيرا من حجب الحريات ومنع الجمهور من تصفح الرأي والرأي الآخر ليكتمل عزل السلطة لنفسها ومحاصرتها لذاتها، فمن تبقى لهم؟  لينعزلوا عنه ويعيشوا في مع أنفسهم ويتركوا شعبهم ومصالحه وهي حالة من الموت البطيء سوف تطيح بالسلطة المعزولة بأخطائها.

ثامنا: : الرئيس والسلطة لم يفتحوا العلاقة مع الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية وبقي الرئيس معزولا في المقاطعة ومحاصرا نفسه عن لقاء الجماهير في كافة المدن والقرى الفلسطينية وتقوقع المسؤولون على معارفهم وعناصر قليلة من الموالين وأصحاب المصالح المتبادلة فكان الفساد والإحتكار والخاطرشن، فعزلوا أنفسهم عن شعبهم ولم يلبوا احتياجاتهم وأصبحوا محاصرين.

تاسعا: ساءت علاقة السلطة بقصائل منظمة التحرير بسبب قمعها للحريات وبسبب عدم مصداقيتها لما أتفق عليه من قرارات لم تنفذ وما أصدرته المجالس التمثيلية من خطوات للتصدي للإحتلال والمؤامرات على القضية والعلاقة مع المحتل، وذلك التحكم المهين في مستحقات الأحزاب وفي قياداتها ومنع تطوير منظمة التحرير وهيئاتها، وهذا أيضا نوع من الانعزال ومحاصرة الذات، مع التنويه بأن حتى العلاقات مع خارج الوطن هي في حالة غير صحية ولا تعتبر مجالا يقال أن هناك حركة للسلطة ورئيسها فهي لا تغني عن الانفتاح على الفلسطينيين الذي عزل الرئيس نفسه وفريقه ووزرائه  عنهم محاصرين أنفسهم بعد إن وضعوا الحواجز بينهم وبين شعبهم وفصائله.

عاشرا: أن الشعب في غزة ليس هو الشعب قبل الإنقلاب الحمساوي بمعنى أنه إستفاد من التجربة والصدام وتكلفة الخسائر الباهظة في المال والأبناء  دون نتائج مغرية لصالحه وأنه كفر بكل قياداته من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ولم يقتنع بعد بقيادات يضحي من أجلها للخروج والاصطدام مع حماس وهذا لا يعني رضوخه لصلف حماس بل هو يبلور شخصية جديدة أكثر وعيا بمصالحه وهو مثل باقي الشعوب يحضر للحظة سياسية ليخرج للشارع ويسقط كل الحكام سواء في غزة أو في رام الله وباستقلالية تامة عن أحزابه التي يعتبرها جزءا من النظام السياسي الفاشل وهم الذين تسببوا في محنته الحالية وضيق عيشه تماما كما لم يتوقع أحد أن اللبنانيين الطائفيين الفئويين العنصريين يخرجوا جميعا يدا واحدة متخلصين من أنانيتهم للتخلص من النظام وإسقاط الحكام والأحزاب وكذلك تجربة السودان وشعبنا الفلسطيني يراقب ويتفاعل ويستخلص العبر ويراكم في تحضير لحظته المواتية للخلاص من الجميع حكاما واحتلالا.

لا للتوافق مع استمرار حماس بالسلطة في غزة وعدم إمتثالها لرغبة الجمهور بإنهاء الإنقسام، ولكن على سلطة الرئيس عباس أن تفك الحصار عن الناس والوطنيين خاصة فما فعلته حتى الآن لم ينجح في محاصرة حماس وجلبها لإرادة السلطة الوطنية لإن حماس مكنت نفسها كما قلنا والأبواب مشرعة لحلفائها لمساعدتها ولكن يمكن محاصرة حماس بالانفتاح على الحريات ومشاركة الناس في همومهم وإغاثتهم وتقديم نموذج من القادة والإدارة يقنع الجمهور به للتضحية والخروج على حماس وهناك طريق آخر هو الانتخابات فهو يضعها في الزاوية، ولا ننسى أن نذكر بأن حتى الحصار الإقتصادي (الدائم) لا يهزم الأعداء أو المناويئين وليس هناك في التاريخ الحديث أو القريب في عصرنا على الأقل ما نجح هكذا حصار وحده  في رفع الراية البيضاء للمناويئين بل هذا الحصار يدفعهم للإبداع بكل الطرق للإفلات منه حتى لو قمعوا مواطنيهم المحاصرين كما يحدث في قطاع غزة منذ مدة ، لكن الحصار ينجح عندما تعد الدول للحرب بعد حصار مؤقت يقتنع الجمهور بقيادة تغريه بسلوكها وقوتهاوهذا غير متوفر،  أو  تبدأ بعد الحصار المؤقت بعمليات عسكرية لإخضاع المتمردين، فهل لدى عباس والسلطة في رام الله القوة لتحرير غزة بعد حصارها لمدة شهر مثلا.

لا تراهنوا على شعب غزة فهو يريد التخلص حقا من كل الحكام والإحتلال وليس لديه قناعة بقيادة يضحي من أجلها،  ولكنه سيفعلها في الوقت المناسب واللحظة المواتية ويفرز قيادته بعيدا عنكم جميعا... وحتى اللحظة المواتية، فإن عباس مازال يحاصر عباس حصار ذاتي وبامتياز.

 تغريدة:

#ليسقط-كل-من-أسقط-فلسطين-في-فلسطين

تعلمنا من حراكات الآخرين أن اللحظة المواتية لحركة الجماهير لا تخبر أحد وتلك النبضات المتلاحقة ما لم يتعظ منها الحكام ستعلو منها واحدة لتحدث الصدمة للحاكم فتشله وتحدث الإنبهار للجماهير فلا تعود إلا منتصرة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار