الفلسطينيون والحراك اللبناني

تابعنا على:   18:00 2019-10-21

عمر حلمي الغول

أمد/ حاولت بعض القوى اللبنانية ان تزج بالفلسطيني في الحراك الشعبي اللبناني العفوي المتصاعد منذ يوم الخميس الماضي الموافق 17/10/2019، وذهب البعض اللبناني لإبعد من ذلك، عندما إتهم بعض الفلسطينيين بالمشاركة في حرق إستراحة صور؟! وعملية التحريض الساذجة والغبية، لم تنطلِ على أحد، ليس هذا فحسب، بل ان مطلق لبناني يرفضها جملة وتفصيلا، لانها تتناقض مع دوره الريادي في تبني شعارات ابناء شعبه المكتوي بنيران الضرائب والفساد المستشري في مختلف جوانب الحياة اللبنانية، وتتناقض مع ما تشهده الساحات والميادين في المدن اللبنانية كلها من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وترفض ذلك كل الوقائع والمعطيات الماثلة على الأرض من إغلاق للطرق في مختلف محافظات لبنان، وكل القوى اللبنانية الرسمية والشعبية لا تقبل القسمة على تلك التهم الرخيصة والساقطة.

والأهم ان ابناء الشعب العربي الفلسطيني يرفضون رفضا قاطعا التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وينأون بأنفسهم بعيدا عن المشهد اللبناني، ويحرصون حرصا شديدا على الإبتعاد عن الأحداث، وعدم الإقتراب من الساحات والميادين، التي تتظاهر فيها الجماهير اللبنانية الشقيقة، ويتمنون للبنان الشقيق بكل الوانه واطيافه ومكوناته الخروج بأقل الخسائر الممكنة من الصدام الحالي بين نظام الحكم والشارع اللبناني، ليس هذا فحسب، بل يصلون من اجل رفعة وتطور لبنان إلى إعلى واعظم المستويات، لإن رقي وتطور لبنان ونهوضه، يعتبر رصيدا لفلسطين ولكل العرب. رغم إكتوائهم (الفلسطينيون) بنيران الضرائب، والإنتهاكات العنصرية البغيضة المستخدمة ضدهم من قبل المؤسسات الرسمية، وفي ظل صمت القوى السياسية النافذة وعلى رأسها حزب الله، صاحب الباع الطويل في السياسة الرسمية اللبنانية، وغيره من القوى والكتل النيابية.

وعليه فإن الإتهام الباطل للفلسطينيين، سقط منذ نطقت به، وروجت له أدوات الفتنة والتخريب اللبنانية والأجنبية المعادية والمتناقضة لوحدة الحال الفلسطينية اللبنانية. لإن لا مروءة اللبناني العنيد والحر تقبل مشاركة أي طرف معه في التعبير عن معاناته وعوامل قهره وإستغلاله، ولا جدارة وشجاعة الفلسطيني يقبل ان ينوب عن شقيقه اللبناني في تحمل المسؤولية عنه. وإن كان كل الشعب العربي الفلسطيني بمختلف الوان طيفه السياسي يقف إلى جانب لبنان الواحد والموحد والسيد المستقل والمتعافي من كل الشرور والمصائب والمتخلص من سموم الفتن والعصبيات الدينية والطائفية والمذهبية والمافيوية.

لكني اود ان اشير هنا في معرض رفض الفتنة، وصب زيت التحريض على العلاقات الأخوية الفلسطينية اللبنانية، ان رفض الإتهام الباطل بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، لا يعفي كتاب الرأي، ولا حتى النخب السياسية الفلسطينية من الكتابة عن المشهد السياسي اللبناني، ومحاولة إستشراف آفاقه السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية، فهذا شيء، والإنخراط في المشهد الداخلي شيء آخر. شتان ما بين المظهرين والسلوكين.

فإسوة بكل الإعلاميين والسياسيين في لبنان والدول العربية وفي المنابر الدولية المتابعة للحدث اللبناني وتطوراته، وقراءة آفاقه وتداعياته، يحق للفلسطيني كاتبا او سياسيا ان يقول رأيه، ويكتب ما يراه مناسبا. والخشية من ذلك يعتبر نوعا من تغطية الرأس في الرمل، كما النعامة. وبالتالي تسطيحا لمسألة التدخل. لا سيما وان النخب السياسية والإعلامية والثقافية الفلسطينية تاريخيا كانت ومازالت على تماس مع المسألة اللبنانية، وكل المسائل العربية، لإنها تعتبر نفسها جزءا اصيلا من الحدث العربي هنا أو هناك، وتراقبه، وتقرأ ابعاده، ولا يمكن فصل الوطني عن القومي تحت أي إعتبار، إلآ بما يحول دون إستخدام المواقف لغايات وأهداف غير إيجابية، وتسيء للروابط والعلاقات الأخوية العربية العربية.

في كل الأحوال الشعب العربي اللبناني قادر على التعبير عن مصالحه وأهدافه وقيمه، ويرفض التقليل من مكانته، ودوره، أو الزج بالفلسطيني والتحريض عليه، وإتهامه بما ليس فيه، ولا يريده ولا يسعى إليه. ومن يراقب تصاعد زخم المظاهرات اللبنانية في كل المحافظات والمدن والضيع اللبنانية يشعر بفخر وبعظمة وعبقرية الشعب اللبناني العنيد والحر.

اخر الأخبار