مبروك العرس الديمقراطي

تابعنا على:   23:21 2019-10-15

عمر حلمي الغول

أمد/ ما بين السادس والثالث عشر من تشرين أول/ إكتوبر الحالي 2013 جرت إنتخابات برلمانية ورئاسية في تونس الشقيقة، وكانت بمثابة عرس للديمقراطية الحقة، وتمكن ابناء الشعب التونسي، الذين حرصوا على إستخدام حقهم الديمقراطي في التقرير، وصوتوا لمن يريدوا من القوى والأحزاب، وإختاروا رئيسهم بحرية ودون ضغوط. وبغض النظر عما حصل من اخطاء هنا أو هناك، وأي كانت النتائج من وجهة نظر هذا الإنسان او ذاك، فطالما كان صندوق الإقتراع هو الحكم، على الجميع ان يعترف بالنتائج، ويقبل بها، ويتعامل معها بموضوعية. لإن السمة العامة للعملية الديمقراطية تمت بنجاح، وإنتصر الشعب التونسي لنفسه ولخياراته.

ومن فاز من القوى والأحزاب أو شخص الرئيس، انما فاز بجدارته، وبمثابرته، وعطائه، وتمكنه من التواصل مع الجمهور، وعكس مصالحه.

مما لا شك فيه، قد تكون بعض القوى إستخدمت المال السياسي، ولكن هذا لا يعفي القوى الأخرى بالتذرع بهذة الحجة، وإعتبار عدم محالفته الحظ، يعود لهذا السبب. واعتقد ان شخص الرئيس الفائز بالإنتخابات الدكتور قيس سعيد، كفرد تمكن من حرث الشارع التونسي بسيارته، وبتواصله مع الجماهير.

ومن راقب الذين دعموه يحتار أمام التناقضات التي ربطت بين القوى المختلفة، فمن جهة دعمته بشكل واضح حركة النهضة الأخوانية، وإئتلاف الكرامة السلفي المحافظ، وايضا دعمته قوى المجتمع المدني والقوميين والعديد من اليساريين من جهة أخرى. كما وان نسبة الشباب الداعمة له بلغت نسبة تزيد عن ال90% من المقترعين، وهناك نسبة عالية من الأكاديميين، بعكس المنافس الوحيد له نبيل القروي، الذي بلغت نسبة المصوتين له  من الأميين ما يزيد عن ال20%، وفق مصادر هيئة الإنتخابات المركزية.

بالنتيجة المنطقية والواقعية، فإن الأنتخابات التونسية تعتبر إنتصارا لتونس، وشعبها، وتكريس للديمقراطية، وتحصين للمجتمع المدني، الذي اصل له الرئيس الأول الراحل الكبير الحبيب بورقيبة. وشكلت نموذجا يحتذى به، ودرسا لكل الشعوب العربية والعالم ثالثية. وأهمية الدرس انه يأتي في لحظة مهمة من التطورات، التي تشهدها الساحة العربية، وخاصة في السودان، والجزائر والعراق، والتي تمثل إرهاصات حقيقية وجدية لربيع عربي جديد ونوعي مغاير عن الخريف الأميركي الإسرائيلي، الذي عاشته دول وشعوب الأمة نهاية تشرين أول / إكتوبر 2010، ومطلع 2011، وإن كنا نريد الدقة بعد إنقلاب حركة حماس على الشرعية الوطنية أواسط حزيران / يونيو 2007، التي كانت بمثابة رأس حربة للمشروع الأخواني في المنطقة.

هناك تحديات جمة تنتصب امام الرئيس الجديد، الدكتور سعيد، وأيضا امام البرلمان، لا سيما وان النظام السياسي التونسي، هو نظام برلماني، حيث يتحمل البرلمان المسؤولية الاساس في رسم السياسات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتربوية والقانونية ... إلخ دون ان ينتقص ذلك من مكانة ودور الرئيس، الذي له دور اساس ايضا في السياسة والدفاع، وبالعلاقة مع البرلمان، ورسم السياسة الخارجية للبلاد. وامام الرئيس سعيد تحديات مباشرة بعد ادائه يمين القسم، أولا تأمين كتلة داعمة لسياساته داخل البرلمان؛ ثانيا تشكيل الحكومة الجديدة، وإمكانية دعم إئتلاف يتمكن من حصد 109 مقاعد لضمان التكليف لرئيس الحكومة؛ ثالثا ضبط إيقاع التناقضات بين الكتل المتناقضة داخل قبة البرلمان، وأثر ذلك على مستقبل العملية الديمقراطية؛ رابعا التحدي الإقتصادي، وإعادة الإعتبار للعملة التونسية "الدينار"؛ خامسا تعزيز روابط تونس مع دول المغرب العربي كأولوية، ومع المنظومة العربية عموما، والمنظومة الأفريقية ومع دول الإتحاد الأوروبي عموما وفرنسا خصوصا، والعمل وفق تصريح له، على إعادة تنظيم العلاقات الثنائية على اسس جديدة؛ سادسا دعم القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، التي أولاها إهتمامه الواضح في اول تصريح له بعد فوزه بالإنتخابات مساء الأحد الماضي 13/10/2019، حيث اكد على اولويتها في الدعم، مما اثار حفيظة ايدي كوهين، الصهيوني المدعي، والذي لا يستحق التعليق.

مرة اخرى مبروك لتونس الشعب والبرلمان والرئاسة، واتمنى لهم النجاح والتوفيق، والمزيد من التقدم والرقي.

كلمات دلالية

اخر الأخبار