السعوديه وإيران

تابعنا على:   22:29 2019-10-15

ناجي شراب

أمد/ تعانى المنطقة العربية عموما بعلاقاتها بالدول الإقليمية الطامحة والساعية للهيمنة والسيطرة على موارد المنطقة ومنافذها الإستراتيجية من إختلال في علاقات وموازين القوة ، هذه القوى الإقليمية تتجسد في محاولات إيران تحديدا للهيمنة والسيطرة على اهم المناطق الإستراتيجية في العالم وهى منطقة الخليج العربى بما لها من أهمية نفطية عالمية وإ ستراتيجية ، وتنظر إليها إيران على أنها منطقة فراغ قوة ، وانها تشكل او تقع في قلب مجالها الحيوى، ولذلك تحاول بكل قوة للحيلولة دون بروز اى قوة تحاول أن تبعدها عنها ، والمفارقة حتى لو كانت هذه الدولة من قلب منطقة الخليج كالسعودية الدولة المحورية والمؤثرة.

وهذا السلوك لا يمكن تفسيره إلا من خلال نظريتان تفسران لنا السلوك السياسى لدول القوة مثل إيران: النظرية الواقعية او نظرية القوة، ونظرية الحليف الإقليمى المهيمن والمسيطر.

وهذا ما ساحال ان أبدا به مقالة اليوم بإيجاز.وهاتان النظريتان تفسران لنا سلوك إيران السياسى .تعتقد غيران ان هناك فراغ في القوة في منطقة الخليج، وان هذا الفراغ والذى يعود بنا إلى ما بعد قرار بريطانيا في السبعينات من القرن الماضى ،ووقتها لم تكن إيران من القوة العسكرية وألإقتصادية بما يسمح لها أن تنافس قوى أخرى كالولايات المتحده والإتحاد السوفيتى ـ فضلا انها كانت تدور في فلك الإستراتيجية الأمريكية ، وهو ما سمح لها بإحتلال جزر دولة الإمارات الثلاث، والإدعاء بالسيطرة على البحرين وإعتبارها احد ولاياتها.

هذه السياسة تظهر اليوم بشكل قوى بمحاولة إيران فرض سيطرتها على المنطقة ، وبدعمها لوكلائها الحوثيين في اليمن ،والحشد الشعبى في العراق وحزب الله في البنان، وبذلك تحاول ان تكمل دائرتها من جميع الإتجاهات الجغرافية ، وإعتبار المنطقة منطقة امن ونفوذ إيرانية ، وما الإستهداف الأخير للسعودية العربية بضرب حقول النفط والقدرة الإنتاجية للسعودية إلا في إطار منع السعودية من ان تصبح دولة قوة ومعها دولة الإمارات , فالإستهداف هنا لدور السعودية وقوتها المتنامية.

وبالعودة لنظرية القوة التي تؤمن بها إيران، وهى التي تعود بجذورها للمؤرخ الإغريقى ثيوسيديدس قبل اكثر من الفى وخمسمائة عام ،وخلاصتها هذا الحوار الذى ينطبق على السلوك الإيراني بين سفير أثينا وسفير ميلوس : السفير الملينى قال إن بلاده ستنتصر لأنها مع العدالةـ وأن ألألهة ستنصرهم، أما السفير ألأثينى قال القوة هي التي ستنتصر، والقوة انتصرت في الأخير ، وهو ما جعل المؤرخ الأغريقى في كتابه تاريخ حرب البيلونسيه أن القوة هي أساس العلاقات بين الدول ، وليس العدالة ، هذه النظرية تنطبق على سلوك إيران كدولة قوة تؤمن بالقوة فقط في إدارة علاقاتها بالسعودية وبدول المنطقة ،ودائما دول القوة تريد من ألأخرين التبعية والتسليم بما تفرضه إرادة القوى.ومن منظور القوة أي محاولة للسعودية العربية ان تمتلك القوة وتحقق التعادل في موازين القوى في المنطقة يقابل من إيران بمحاولة الإجهاض وتفعيل دور وكلائها ، وهذا ما يقوم به الحوثيون من تسيير للطائرات بدون طائرات وضرب اهداف في داخل المملكة ، والفارق كبير بين السعودية التي تمارس حقها وتسعى للدفاع عن مصالحها القومية ،فالسعودية لجأت للأساليب الدبلوماسية والسلمية حتى الان في التعامل مع إيران لإيمانها بعدالة قضيتها وموقفها.

والنظرية الثانية التي تفسر لنا سلوك إيران باللجؤ للقوة ما يعرف بنظرية المهيمن المسيطر ، ومقولتها ألاساسية أن الدول لا تسعى لإحداث توازانات في القوة بين بعضها، وإنما تسعى لإختلال التوازانات في القوة لتصبح الأقوى نسبة لغيرها، عكس ما يقوله أنصار مدرسة القوة والواقعية اتلى تستند على توازانات القوة ، وهذه المقولة تنطبق على سلوك إيران أيضا ، فهى تريد أن تحدث تفوقا في القوة ليس فقط على السعودية بل على كل دول المنطقة خليجيا وعربيا.وتقوم نظرية المهيمن الإقليمى على ثلاثة أسس:أن الدولة هي الفاعل الرئيس في الساحة الدولية ، وكل دولة تمتلك قدرات هجوميه، وأن الدول غير قادره على معرفة نوايا الدول الأخرى.والدول في سلوكها تخشى بعضها لعدم معرفة نواياها، ولا تضمن المساعده من أي دولة أخرى، والحل الوحيد الدفاع عن بقائها لأنه الهدف الرئيس له، والمهيمن لا يستطيع أن يهيمن إلا على إقليمه، لأن الهيمنة تحتاج إلى قدرات عسكرية وإقتصادية هائله، وعقدة المهيمن أنه لا يريد ولا يسمح لأى قوة أخرى ان تهيمن على الإقليم. والسؤال هل تملك إيران القدرات العسكرية والإنتاجية أو الاقتصادية المؤهلة لها، قد تكون الإجابة في الجانب العسكرى نعم، وهذا ما يفسر لنا نفقات إيران الهائلة على صنع السلاح ومحاولة إمتلاك ا لقوة النووية ، لكنها في الجانب الإنتاجى لا تملك ما يسمح لها بهذا الدور، وتنظر بعدم الثقة لسياسات السعودية ومحاولاتها بناء قوة تكاملية مع الإمارات ومصر وتشكيل تحالف عربى قوى ، وأيضا لعلاقاتها التحالفية والإستراتيجية بالولايات المتحده ،وغيرها من الدول كروسيا والباكستان والهند والصين. وتحكم العلاقات بينهما غياب الثقة ، والتشكيك في النوايا.

إيران تتبنى هذه النظرية فهى تسعى للإطاحة وإجهاض أي تنامى لقوة السعودية إدراكا منها بقوة السعودية الاقتصادية والنفطية والإسلامية ، وتسعى لإبعاد التواجد ألأمريكى وهو ما يفسر لنا العلاقات المتوتره والتي تتدحرج نحو التصعيد العسكرى، إيران تعتبر المنطقة منطقة أمن فارسيه، ومنطقة نفوذ مغلقة لها، وهذا ما يفسر لنا التمدد الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان .وهذا السلوك يلغة المصالح القومية لدول المنطقة يحولها لدول تابعة وهو ما ترفضه السعوديه ودول المنطقة.

هذا هو الفارق بين ما نظرية المهيمن الصديق والمخلص الذى تتبناها دولا كالسعودية وألإمارت التي لم تقم أو تبادر بالإعتداء، وبين نظرية المهيمن المسيطر التي تتبناها إيران وتقف وراء كل الهجمات التي تستهدف السعودية وغيرها من دول المنطقة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار