"معركة العجول"...مؤشر سياسي!

تابعنا على:   09:30 2019-10-14

أمد/ كتب حسن عصفور/ عندما قررت الحكومة الفلسطينية في رام الله وقف استيراد العجول من إسرائيل، ضمن خطوات "فك الارتباط" التدريجي مع الكيان وسلطاته الاحتلالية، ثارت حالة جدل ونقاش داخلي، عن أبعاد ذلك القرار، وهل هو حقا لخدمة الانفكاك أم لخدمة أصحاب مصالح ونفوذ داخل السلطة وحكومتها، ما يشير الى رائحة "فساد" وراء ذلك القرار، خاصة انه جاء معزولا عن خطوات ربما أكثر أهمية، وأكثر قدرة على الإيذاء لاقتصاد الكيان.

وفي قطاع غزة، رفضت حماس الخطوة فورا ولم تنتظر طويلا، فأعلنت في بيان لمكتب الزراعة التابع لها، انها لن تلتزم بذلك القرار، تحت ذريعة لا يوجد بديل، لكن البيان الحمساوي يرتبط بجوهر مسارها "الانفكاكي" عن العلاقة مع السلطة وحكومتها، وتعزيز لسلطتها الخاصة في قطاع غزة.

إقرار وقف استيراد العجول، فتح "جبهة غضب" لأصحاب مزارع المواشي في إسرائيل، ولأول مرة يخرجون في مظاهرة احتجاج لما سيكون من خسائر اقتصادية، لم تكن ضمن حساباتهم، ما دفع منسق سلطات جيش الاحتلال بإعلان أن إسرائيل ستتوقف عن استيراد المنتجات الزراعية من السوق الفلسطيني، تهديد جسد المخاوف الفعلية لأثر القرار الفلسطيني.

الغضب الإسرائيلي لن يكون عابرا، وسيفرض ذاته على المشهد الفلسطيني، بين قوة الردع الوطني، ام قوة الغضب الإسرائيلي، وهل يمكن أن تستمر الحكومة في رام الله في معركة التحدي التي فرضت عليها، أم انها ستتراجع امام "أصحاب مصالح" آخرين في قطاع آخر، وتبدأ رحلة التبريرات كما حدث في معركة خاطئة عرفت بـ "أموال المقاصة"، التي تركت نقطة سوداء في مسار المواجهة، ليس لأن التراجع عن الخطيئة خطأ، بل لأن التراجع كان ذليلا.

معركة العجول، لن تقف حدودها عند البعد الاقتصادي – المالي، بل ستترك أثرا سياسيا على جوهر العلاقة مع الكيان، بل وعلى العلاقة بين الضفة والقطاع، ما سيكون لاحقا، فمواصلة المعركة ضمن رؤية وطنية عامة، وتأسيس "جبهة موحدة" لقيادتها من أصحاب الشأن الاقتصادي، ووضع السبل الكفيلة لكيفية التعامل مع الخطوة الإسرائيلية المتوقعة للرد في القطاع الزراعي، بحيث لا تكون هناك "ثغرات" تتسلل منها حكومة العدو الوطني، وهذا يتطلب وبشكل سريع من رئيس الحكومة "الاقتصادي" د. محمد أشتية" تشكيل خلية عمل حقيقية تكون لها قدرة على تحديد ابعاد القرار وسبل التعامل معه، خلية فعل وليس لجنة وعود.

معركة العجول، ستترك أثرا يفوق كثيرا بعده المالي، بكونه ملمح لمعركة سياسية ستفرض مسار الفكاك التدريجي، الى جانب أنها رسالة الى سلطة حماس، بأن قرارها إما أنه يمثل طعنة للموقف الوطني، او لتأكيد خطوتها الانفكاكية عن حكومة رام الله.

عمليا، ستبرز قوى من صفوف أهل فلسطين، وتحت ثوب "العقلانية" التي لا تظهر سوى في مراحل الصدام – المواجهة مع دولة الكيان، تطالب بدراسة الأمر بعيدا عن "العاطفة السياسية"، أصوات تعمل لكسر شوكة أي قرار متصادم مع المحتلين، وأن لا قدرة الآن لتلك الخطوة، وستجدهم يذهبون فجأة الى التطرف السياسي الأعلى بأن يطالبوا بوقف كل علاقة مع إسرائيل، كلمة حق سياسي يراد بها "أس الباطل السياسي".
نعم، كان يجب خوض المعركة الكبرى بإعلان دولة فلسطين ووقف الاعتراف المتبادل بين المنظمة والكيان، وانهاء المرحلة الانتقالية بكل ملامحها، بما فيها وقف التنسيق الأمني بكل مظاهره، لكن عدم الذهاب الى المعركة الكبرى لا يمنع أبدا خوض "معارك صغرى" متتالية.

معركة العجول فيصل سياسي قبل أن تكون ملمح اقتصادي، النصر خطوة هامة والتراجع اعلان بأن الارتباط بالعدو أصبح هو الخيار...فأي خيار سيكون، ولا خيار بينهما!

ملاحظة: شعب تونس اختار رئيسا بعيدا عن شبهة فساد ويراه بعيدا عن "الحزبية"، فوز قيس سعيد رسالة بأن التغيير ليس تقليديا، ولو واصل موقفه ضمن ما اقسم بعد الفوز ستندم قوى ظلامية على دعمها له...مبروك تونس!

تنويه خاص: سوريا دوما كانت مقبرة للغزاة، مسار مواجهة العدوان التركي تشير أن تلك الحقيقة لن تتغير، والهزيمة قادمة له ولكل أذناب تحالف "الشر السياسي" من إرهابين و "إخوان"ـهم!

كلمات دلالية

اخر الأخبار