كيف سيخرج نتنياهو من عنق الزجاجة

تابعنا على:   05:38 2014-07-12

د.عبير عبد الرحمن ثابت

أحداث متتالية بدأت وتيرتها من الرواية الاسرائيلية بخطف ثلاث مستوطنين بالخليل ليطلق نتنياهو العنان لجيشه بتدمير البنية التحتية لحركة حماس بالضفة الغربية ، وليعيد اعتقال محررى أسرى صفقة شاليط وليشرع التمدد الاستيطانى فى كافة مدن وقرى الضفة الغربية ، وإسقاط حكومة الوفاق وإعادة حالة الانقسام الفلسطينى إلى الدائرة الأولى ؛ وبالتالى عزل غزة وإفشال أى محاولة لإقامة دولة فلسطينية ، ولكن الضفة الغربية التى تحدث الكثيرين عن جاهزيتها لانتفاضة ثالثة سحبت البساط من تحت أقدام نتنياهو ، وشاهدنا مواجهات مع الشبان الفلسطينين فى كافة مدنها لتنتقل الشرارة إلى المثلث والناصرة والنقب وراهط وسخنين ، وتعقبها غزة بتوجيه وابل من الصواريخ لتطال كافة مدن إسرائيل تقريباً ، ولتدخل معظم ساكنيها الملاجئ ولتشل الحياة في الكثير من المناطق حسب الاعلام الاسرائيلى ، وبالرغم من ضعف إمكانيات المقاومة الفلسطينية في غزة مقارنة بالترسانه العسكرية الاسرائيلية إلا أنها للمرة الاولى انتزعت عنصر المفاجأة من اسرائيل بعمليات نوعية مثل عملية وقدرتها على ضرب مدن اسرائيلية لم تكن فى الحسبان ، وذلك كله يُحرج حكومة نتنياهو أمام حلفائه ومعارضية وسكان اسرائيل كافة ، وهى التى تواجه أزمة حقيقة في كيفية التعامل مع هذه الصواريخ خاصة أن اسرائيل حاولت وقفها قبل ذلك بحربين ولم تتمكن من وقفها بالطريقة العسكرية وفى كل مرة كانت تلجأ لهدنة مع فصائل المقاومة بغزة .

حركة حماس التى تواجه اليوم الحرب الثالثة لم يُترك لديها ما تخسره بالحسابات السياسية ، فهى تعيش حصار منذ سبع سنوات وأزمة رواتب لعناصرها لم تسعفها حكومة الوفاق في حلها وفقدت حليف الجوار فى جمهورية مصر العربية وكذلك فى سوريا وايران ولم يتبقى أمامها الا طريق المقاومة ، وقد نجحت بتوحيد الشعب بكافة مكوناته حول المقاومة ومواجهة العدوان الاسرائيلى ، بينما حكومة نتنياهو اليمينة المتطرفة التى لم تحافظ على أصدقاء اسرائيل ، والتى أفشلت كافة المحاولات الأمريكية لإتمام اتفاق سلام ، واكتسبت سخط دولى وأوروبى على ممارسات المستوطنين الهمجية فى الضفة ، وزرعت الحقد والكراهية فى نفوس مستوطينها لكل ما هو غير يهودى بتبنيها فكرة يهودية الدولة التى لا تتسع لغير اليهود والذى ترجمه مستوطينها بقتل الشهيد محمد أبو خضير بوحشية نازية ، وتعانى الآن من إفلاس استخباراتى بقصفها البيوت والأطفال والآمنين وتظن بذلك أنها ستخضع المقاومة لشروطها ؛ وهى واهمة لأن المقاومة لا شئ لديها لتخاف على خسارته ، وهذا معلوم لدى اسرائيل التى إن فكرت بعملية برية على غزة ستورط نفسها فى مجازر وقتلى مدنيين بالمئات لن تتحمل عواقبها خاصة بعد تلويح السلطة بالذهاب للمحاكم الدولية وبالتالى إسقاط حكومة نتنياهو التى بدأت بالتصدع .

نتنياهو الذى حاول الهروب من أزماته الداخلية بعملية الخليل وجد نفسه اليوم فى وحل المقاومة فى غزة وصواريخها التى تدك كافة المدن الاسرائيلية وأجبرت خمسة مليون من ساكنيها على الهروب إلى الملاجئ وكما هو معروف أنهم لن يستطيعوا تحمل حياة الملاجئ طويلاً .

الآن ما يحاول نتنياهو صنعه كيف الخروج من عنق الزجاجة بأقل الخسائر السياسية وبالمحافظة على قوة ردع الجيش الاسرائيلى وجنى ثمن سياسى يتباهى به أمام خصومه ويحافظ على حكومته ، فهل سيتم هذا بعملية برية محدودة تحقق من خلاله بعض الأهداف لعل أهمها القضاء على أسلحة المقاومة ووقف إطلاق الصواريح ؟ أم هل ستتم وساطة للتوصل لهدنة تمنع من خلالها إطلاق الصواريخ على البلدات الاسرائيلية ؟ فحسب الأنباء أن أوباما هاتف نتنياهو بشأن وساطة مع حركة حماس لوقف الحرب وهذا ما يؤكد الأزمة التى تعيشها إسرئيل نتيجة حماقاته السياسية ، وفى ظل غياب الغطاء الدولى لجرائمها وبداية انهيار تحالفه الحكومى وبعد فشل توقعاته بأن حركة حماس لن تجد لها نصير فى المواجهة ، وإن لم نسمع إلى الآن إلا أصوات خافتة تندد العدوان إلا أن زيادة التصعيد وارتكاب الجرائم سيأخذ نتنياهو وقادة جيشه إلى المحاكم الدولية .

أيا سيكون السيناريو القادم لغزة ... إلا أنه سينتج عنه ترتيب جديد لغزة وللعملية السملية ، وما يحتاجه الشعب الفلسطينى فى هذه الظروف العصيبة الوحدة والصمود فى مواجهة الهجمة الاسرائيلية الشرسة لأنها تطال الجميع ولا تفرق بين أحد ، وتحاول إضعاف السلطة الفلسطينية والمقاومة فى آن واحد

[email protected]

اخر الأخبار