ترحيب فلسطيني وانتقادات إسرائيلية للافراج عن الأسرى القدامى

تابعنا على:   12:57 2013-10-31

أمد/ رام الله - كتبالواثق طه : اليوم التالي للإفراج عن الأسرى القدماء. حياة عادية لم تخلو من أحاديث جانبية بعضها يعبر عن الفرح لخروج الأسرى، وأخرى تنتقد الكيفية وتقلل من أهمية الحدث في ظل امتلاء السجون بألوف الأسرى المنتظرين لحظة الحرية، وعلى الجانب الآخر وقف الإعلام الإسرائيلي ضد حكومته ساخرا ومنتقدا إخراج محكومين يصفهم بالقتلة.

في وسيلة النقل العمومية برتقالية اللون، تحدثت إذاعة محلية عبر المذياع لأحد الأسرى المحررين الذي عبر عن فرحته بالإفراج، ورغبته بلحاق رفاق دربه في السجون إلى طريق الحرية، ليقاطعه راكب أكل الدهر من عمره وخط الشيب علاماته على شعره الخفيف، مطالبا بتخفيض الصوت قائلا بمرارة وتأثر: "بيدخلوا شباب وبيطلعوا ختياريه .. شو ضل بأعمارهم، شو رح يعمل بعد هالسن!" ليرد عليه شاب متفائل: " رح يعيش".

لقضية الإفراج عن الأسرى العديد من الزوايا التي ينظر إليها المواطن الفلسطيني، وفي متابعة لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في رصد الآراء المختلفة حول عملية الإفراج التي تمت للدفعة الثانية من الأسرى القدماء بين المواطنين والتغطيات الإعلامية المحلية، إضافة لرصد الموقف الإسرائيلي إزاء الصفقة وبعض ردود الأفعال حولها.

موقف الشارع الفلسطيني

يجمع غالبية المواطنين أن خروج الأسرى مكسب أن لم يكن لكل المواطنين، أو للعملية السياسية، فهو إنجاز للأسرى أنفسهم الذين قدموا ضريبة من أعمارهم نظير نضالهم ضد الاحتلال.

وفي الاعتصام الأسبوعي أمام الصليب الأحمر في مدينة البيرة عبر المشاركون عن القبول والفرحة بتحرير أسرى ما قبل أوسلو، ودعت الفعالية المواطنين للمشاركة في احتفاليات المدن بالأسرى المحررين، وفي سياق الوقفة قال رئيس الجنة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين "أمين شومان": "يجب رفض المعايير الإسرائيلية وتحرير أسرى القدس والأراضي المحتلة عام 48 وعلى رأسهم كريم يونس الذي ينتظر حريته منذ 31 عاما"

ومن المواقف والآراء في الشارع الفلسطيني برز موقف رافض لأن يكون الإفراج عن الأسرى مقابل غض الطرف من قبل القيادة الفلسطينية عن استمرار الاستيطان أثناء المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية وهو ما نفاه الرئيس عباس في كلمته التي رحب بها بالأسرى في "المقاطعة" دون أن يقلل أصحاب هذا الموقف من أهمية خروج الأسرى وتحريرهم.

وفي ذات السياق، ما يثير مخاوف وقلق وانتقادات الأوساط الشعبية الفلسطينية استمرار الاستيطان ومصادرة الأراضي في المناطق والأراضي التي يفترض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية محور المفاوضات الجارية، في ظل استمرار تأكيد الأوساط الإسرائيلية عن اتفاق بين وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري" ورئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو حول استمرار البناء في المستوطنات نظير الإفراج عن الـأسرى القدماء على أربعة دفعات، دون أن يكون للقيادة الفلسطينية موقف أكثر حزما تجاه السلوك الإسرائيلي.

ومن ردود الأفعال في الشارع الفلسطيني حول الإفراج عن الأسرى موقف ينتقد اعتبار تحرير الأسرى القدماء منجزا للمفاوضات الجارية وأن هذا ضرب من الخديعة التي لا يجب أن تنطلي على أحد باعتبار أن الإفراج عن الأسرى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو استحقاق سابق تعين على الإسرائيليين تنفيذه، وأن الأسرى عددهم أكبر بكثير ما يستوجب مزيدا من الضغط لأجلهم وفي هذا السياق كتب أحد النشطاء على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “لازم تشوف نص السجن المليان!!!”

 الإعلام الفلسطيني

وقد أفرد الإعلام الفلسطيني مساحات كبيرة في اليوم التالي من عملية الإفراج للحديث عن صفقة الإسرى التي احتلت العناوين الرئيسة للصحف اليومية الثلاث.

جريدة الحياة الجديدة عنونت الخبر الرئيس في صفحتها الأولى بـ"فجر الحرية يبزغ على 26 أسيرا ويضيء سماء فلسطين"، واقتبست في عنوان فرعي كلمة الرئيس عباس التي قال فيها: خسيء بعض غير الوطنيين الذين يقولون إننا عقدنا هذه الصفقة مقابل الاستيطان، في إشارة اعتبرها العديد من نشطاء موقع التواصل الاجتماعي موجهة للقيادي السابق في حركة فتح "محمد دحلان" الذي صرح قبيل عملية الإفراج عن الدفعة الثانية من الأسرى القدماء بأنها صفقة جاءت مقابل استمرار الاستيطان.

وأفردت الصحيفة وصفا لعملية الإفراج عن الأسرى وردود الأفعال الإسرائيلية على المستوى السياسي حول الدفعة التي شملت محكومين بأحكام أعلى من الدفعة التي سبقتها.

جريدة الأيام الفلسطينية عنونت الخبر الرئيس في صفحتها  الأولى بـ "الدفعة الثانية من الأسرى الـ 26 تعانق الحرية"، وركزت على وصف تفاعل المواطنين في استقبال الأسرى المحررين في المقاطعةوالكلمة التي ألقاها الرئيس عباس على مسامع الحضور.

جريدة القدس عنونت الخبر الرئيس في صفحتها الأولى بـ "الدفعة الثانية من الأسرى تعانق الحرية" واختارت عنوانا فرعيا لخبرها الرئيس "الفرحة العارمة تعم أرجاء الوطن رسميا وشعبيا"، ولم تختلف معالجتها للخبر عن سابقتيها، سوى بإفراد مزيد من التغطية من قطاع غزة ووصول الأسرى الخمسة إلى ارض القطاع.

أما الإذاعات المحلية الفلسطينية فاتبعت النهج التقليدي المتبع في مناسبات الإفراج عن الأسرى بإفراد مساحات واسعة عبر أثيرها لإجراء مقابلات مع أسرى محررين، أو أقاربهم، واستضافة ممثلي الموقف الرسمي والفصائل الفلسطينية للحديث عن الصفقة، وفتح المجال للمواطنين والمتفاعلين مع البرامج المختلفة للتعبير عن موقفهم وآرائهم حول الصفقة، وكانت في أغلبها تعتبر خروج الأسرى مكسبا وطنيا.

موقف الإسرائيلي

في حين تباينت ردود الأفعال الإسرائيلية حول الدفعة الثانية من الأسرى قبل اتفاقية أوسلو، فبينما خرج رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ليقول : " قرار الإفراج عن الأسرى ضرورة واقعية" مضيفا أن الإسرائيليين يتعين عليهم الإبحار في وسط دولي معقد بالغ التحديات وفق تعبيره، كانت للأحزاب اليمينة الأكثر تشددا مواقف أخرى عبرت عنها مظاهرات المستوطنين وتجمعاتهم لاسيما تلك التي كانت أمام معتقل عوفر العسكري قرب رام الله الذي خرج منه الأسرى المفرج عنهم بعد تجميعهم فيه من مختلف السجون الإسرائيلية، وحمل المستوطنون في تلك التظاهرة شعارات منددة بالفلسطينيين وصفت الأسرى المحررين بالقتلة، وارتدى بعضهم الكوفية الفلسطينية ولطخ يديه بالدماء في إشارة إلى أن الفلسطينيين قتلة، والمفرج عنهم تلوثت أياديهم بالدماء الإسرائيلية وفق ما استمرت التصريح به الحكومات الإسرائيلية السابقة في معرض تعبيرها عن رفض الإفراج عن أي أسير أُدين في المحاكم الإسرائيلية بقتل إسرائيليين.

واتجه بعض المستوطنين إلى مقبرة "هار هرتسل" للجنود الإسرائيليين وخطوا على القبور عبارات مثل "عذرا نسينا"، في حين رُصد في المناطق العربية كتابة شعارات معادية للعرب كأن كُتب على جدار إحدى المدارس العربية "الموت للعرب" ما استدعى الشرطة الإسرائيلية لفتح تحقيق في الحادثة.

وحول عملية الإفراج عن الأسرى خرج حزب البيت اليهودي ببيان أعلن رفضه للإفراج عن الأسرى واصفا إياهم بالإرهابيين، وأن عملية الإفراج عنهم مقابل حق مثير للريبة لتسيفي ليفني كبيرة المفاوضين الإسرائيلية – وفق تعبير الحزب-بلقاء صائب عريقات أمر خطير للغاية. وردت ليفني بقولها: “تعمل الحكومة وبخلاف أحد الأحزاب المشاركة – مشيرة للبيت اليهودي – من أجل المصلحة الوطنية وتدفع باتجاه السلام".

وعلى صعيد آخر، خرج بعض أقارب من قتلوا في عمليات نفذها الأسرى المفرج عنهم ليؤيدوا موقف الحكومة الإسرائيلية من صفقة الإفراج عن الأسرى.

فيقول نائب وزير المالية الإسرائيلية ميكي ليفي: “الفلسطيني الذي قتل شقيقي أفرج عنه قبل 6 سنوات، هذا هو ثمن منح الفرصة للسلام" معربا في ذات السياق عن إدراكه لمدى الحزن الذي تشعر به العائلات الثكلى – وفق تعبيره.

أما جيورا فومرنتس" الذي قُتل شقيقه عام 1990، فنشرت له صحيفة "يديعوت أحرنوت" مقالا دعا فيه إلى الاستمرار في الإفراج عن المعتقلين، في إطار الدفعات المتبقية خلال المفاوضات، وأنه لا يريد أن يشارك أحفاده في الحرب.

ولعل الإعلام الإسرائيلي الداعم للحكومة حاول الضغط على المعارضة الإسرائيلية المتطرفة، عبر إبراز وجه إنساني يخلو من التطرف من قبل عائلات القتلى الإسرائيليين، وأن يوجه رسالة للعالم أن الإسرائيليين قدموا تنازلا مؤلما بالإفراج عن الأسرى الذين يصفهم بالقتلة، وذهبت وسائل إعلامية أخرى لمزيد من الانتقاد للحكومة الإسرائيلية وعبرت عن ذلك إحدى القنوات الإسرائيلية بقول المذيع في معرض انتقاده الشديد للحكومة في تل أبيب: أبو مازن شغل عللي الكوفية في رام الله، ونتنياهو بيغني "آني خيتسي بني آدم" – أنا نصف إنسان.

 

 

اخر الأخبار