طالعات.. حراك نسوي لوقف كافة أنواع التّعنيف الذي تعيشه النساء الفلسطينيّات

تابعنا على:   12:01 2019-10-03

أمد/ غزة - ترنيم خاطر: رفضاً للعنف ضد المرأة، واستنكاراً لجرائم القتل بحقهن،  انطلق حراك موحد أطلق عليه "طالعات"، بدأ من حيفا، مروراً بالقدس ورام الله ورفح، حتى وصل إلى برلين وبيروت، تحت شعار "لا وجودَ لوطنٍ حُرٍّ، إلا بنساءٍ حرّة"، وما أن انطلقت الفكرة حتى بدأ الحراك بالتوسع وسارعت التجمعات النسوية في الوطن العربي وأوروبا، إلى احتضانها.

الناشطة شذى الشيخ يوسف، المتحدثة باسم حراك طالعات من حيفا، تؤكد لـ "أمد للإعلام" لقد بدأ التحضير لهذا الحراك منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بعد حادثة مقتل الفتاة يارا أيوب من قرية الجش في الداخل الفلسطيني المحتل.

وتضيف :"وبعد ذلك اتسعت الفكرة،  فأريد للحراك ألا يقتصر على الوقوف ضد تعنيف النساء في منطقة بعينها، بل أن يشمل جميع النساء الفلسطينيات أينما كن".

وتبين الشيخ يوسف، أن كل النساء الفلسطينيات هن بنات مجتمع واحد شرذمته وفرقته النكبة، موجودات في مجتمع يواجه عنف المنظومة الإسرائيلية بشكلٍ يومي، مؤكدةً أن النساء هن جزء من هذا المجتمع، سواء في الضفة أو في قطاع غزة أو الداخل الفلسطيني أو في الشتات ودول اللجوء.

وتشدد على أن هذا الحراك لا يناضل ضد القتل فقط، بل لوقف كل أنواع التّعنيف والترويع الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي والسياسي، التي تعيشها النساء الفلسطينيّات بشكل يومي في العمل وداخل بيوتهن.

وتضيف: "كما أن هذا الحراك جاء لِنُعلِنَ نحنُ النساء الفلسطينيات، بأنّنا نرفض أن نكون قضيةً مؤجلة، بل هي أولوية وطنية، وليست نتاج أحداث فردية جنائية، تخصّ فقط الضحايا والقتلة المباشرين، بل نتاج منظومات من العنف والفساد البنيوي المتجذر، وشأن يتعدى الحيز الخاص، ويجب أن يشغل كل فلسطينية وفلسطيني".

وحيت آلاف النساء الفلسطينيّات اللواتي خرجن في 12 بلدة ومدينة يوم الخميس 26 أيلول، على امتداد فلسطين وخارجها، للتظاهر ضدّ قتلِ النساء وكافة أنواع الترويع الذي نعيشه كنساء فلسطينيات بشكل يومي، مؤكدة وقوفهم مع من لم يستطعن أن يكن معنا بسبب واقع الاستعمار الإسرائيلي، أو ما يعشنه من تخويف وتعنيف.

وتوضح الشيخ يوسف، لقد جُبنا الشّوارع تحت شعار "لا وجود لوطن حر، إلا بنساء حرة"، لنعيد تعريف مفهوم التحرر في وطننا، ولنؤكد بأن لا أفق للتحرر الوطني دون العدالة والكرامة والحرية لكل واحدة فينا.

بدورها تقول ناهد أبو طعيمة الباحثة المتخصصة في قضايا المرأة، لـ "أمد للإعلام"، :"إن النساء الفلسطينيات يواجهن العنف بكافة أشكاله، حتى أنتهى المطاف في البعض منهن إلى دفع حياتهن ثمناً للعنف، وذلك بسبب غياب منظومة القوانين والسياسات والإجراءات المعمول بها حالياً، التي تسمح لمرتكبي العنف الإفلات من العقاب".

 وتوضح أبو طعيمة من (رام الله)، أن الكثيرات من النساء الفلسطينيات يتعرضن للعنف في ظروف غامضة وهي جرائم قتل بادعاء الشرف، وإعدام تعسفي خارج نطاق القانون، مشيرةً إلى أن أكثر من 70 امرأة قتلت في الأراضي الفلسطينية تحت ما يُسمى جرائم الشرف بين عامي 2010 و2015.

وتتساءل "لماذا لم يأخذ أصحاب القرار السياسي والتشريعي مطالب النساء على محمل الجد بعد 20 عاماً من المطالبة والاستجداء؟ في حين أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحكومة حركة حماس في قطاع غزة، استطاعتا إقرار 200 قانون وأكثر، لكنهما لم تكترثا لقوانين تحمي الأسرة الفلسطينية".

وتطالب بضرورة اتخاذ خطوات حاسمة لوقف العنف والحد من وتيرته، من خلال إقرار قانون حماية الأسرة من العنف، ليصبح هناك قانون وإجراءات تدعم عمل الجهات والأجهزة المختصة في القضاء على هذا العنف.

من جهتها تقول حلا مرشود النّاشطة في حراك طالعات، لـ "أمد للإعلام" :"  إن حراك طالعات هو صرخة انطلقت في عدّة أماكن في البلاد وخارجها من نساء فلسطينيات للمطالبة بوقف كافّة أشكال العنف ضدّ النّساء، وبوقف تأجيل قضيّة العنف ضدّ المرأة لما بعد التحرر".

وتردف مرشود قائلةً إن "صرختنا جاءت لتقول إنّ قضيّة المرأة وتحررها هي في صلب الخطاب التحرري الفلسطيني، وجاءت لتؤكد على كونها صرخة عابرة للتشرذم الفلسطيني، فانطلقت في مناطق عديدة في فلسطين والشّتات".

وتثمن قوّة النساء اللواتي صنعن بمظاهرات رتبت بمبادرات محليّة في اثنى عشر موقعاً، انطلقت في بلدة رفح جنوب القطاع، واستمرت في كلّ من رام الله، والجش، والقدس، وحيفا، والطيبة، والطيرة، ويافا، والناصرة، وعرابة، وبيروت (لبنان)، وبرلين (ألمانيا)، مبديةً إعجابها بمستوى المشاركة الشعبية في انطلاقة الحراك الخميس الماضي.

وتؤكد مرشود بأن حراك طالعات، هو حراك مستقل وغير مؤسساتي ومفتوح لمبادرات النساء الفلسطينيات في كافة أماكن تواجدهن، مشيرةً إلى أن يوم الخميس 26 أيلول، كان البداية وهو فاتحة جهد وطريق شاق من النضال نحو حرية، نصنعها نحن، لوطننا ونسائنا.

فيما عبرت الناشطة نجاح عياش مديرة مركز البرامج النسائية في رفح ، عن رضاها عن المشاركة الواسعة للنساء والفتيات في كل المناطق التي انطلق فيها حراك طالعات، مؤكدةً إنهن نجحن في إسماع أصواتهن لكل من ينبغي أن يصله هذا الصوت في فلسطين وخارجها.

وتبين أن  قطاع غزة كان جزءاً من حراك طالعات، حيث خرجت العشرات من النساء، لإعلاء أصواتهن بعد صمت طويل، للمطالبة بإنصافهن ونبذ العنف والقتل.

وتؤكد أن المشاركة والخروج إلى الشارع كان لا بد منه، خاصة بعد أن كثرت حالات قتل النساء، فهناك الكثير من النساء اللواتي يتعرضن للعنف، ويرفضن الحديث من منطلق مجتمعي وفكري.

وحول الأصوات المنتقدة للحراك تؤكد عياش، حراكنا ليس ضد الدين، فبدلاً من أن تمد اليد لضرب المرأة وتعنيفها، فالأولى أن يتم احتضانها وحمايتها من كافة أشكال العنف، التي تتعرض له النساء، خاصة وأن بعضهن يتم استغلالهن وإسقاطهن، مؤكدة على استمرار الحراك في مختلف المناطق مع المزيد من الفعالية لرفض العنف ضد المرأة.

يذكر أن  28 امرأة في فلسطين، قُتلن منذ بداية العام 2019، في حين حصدت أرواح 35 امرأة خلال العام 2018 ، وفقاً للإحصاءات التي نشرها حراك طالعات.

اخر الأخبار