نتنياهو الأسوأ.. ولكن!

تابعنا على:   15:29 2019-10-01

علي جرادات

أمد/ الضم والتوسع والاستيطان والتهويد ورفض الدولة الفلسطينية، نقطة برنامجية لجميع الأحزاب «الإسرائيلية» اليهودية، بما فيها حزب الجنرال «بيني جانتس».

أملاً في تحقيق هدفهم، المتمثل في إحلال «السلام» بين الاحتلال والشعب الفلسطيني، وتحقيق «المساواة» ل«فلسطينيي 48»، وفَّر أعضاء «الكنيست» من الفلسطينيين، عام 1992، مظلة لحكومة «حزب العمل» وحركة ميرتس، برئاسة إسحق رابين، التي أبرمت «اتفاق أوسلو»، لكن الأمل، هنا، تبدد، فلا مساواة تمت، ولا سلاماً تحقق. وأملاً بتحقيق هدف «السلام والمساواة» ذاته رجّح الصوت الانتخابي ل«فلسطينيي 48»، عام 1999، كفة حزب العمل في تأليف حكومة الاحتلال، برئاسة إيهود باراك، آنذاك، لكن تلك الحكومة أفشلت، عام 2000، مفاوضات «كامب ديفيد» المفصلية حول «قضايا المرحلة النهائية لأوسلو»، (قضايا اللاجئين والقدس والمستوطنات والدولة والحدود والمياه)، بل، وارتكبت مجزرة أودت بحياة 12 مواطناً من «فلسطينيي 48» في الشهر الثاني ل«انتفاضة الأقصى» التي شكل فشل «مفاوضات كامب ديفيد» الأساس السياسي لاندلاعها في 28 سبتمبر/أيلول 2000 إثر سماح حكومة باراك لشارون بزيارة المسجد الأقصى، وتدنيس باحاته.

والآن، وانطلاقاً من أن «نتنياهو هو الأسوأ»، أوصى، الأسبوع الماضي، 10 من أصل 13 عضواً فلسطينياً في «الكنيست» الجديد، بتكليف رئيس حزب «أزرق- أبيض»، (حزب الجنرالات)، بيني جانتس، تأليف حكومة الاحتلال القادمة، أملاً باستئناف المفاوضات مع «السلطة الفلسطينية»، وتحقيق المساواة ل«فلسطينيي 48». لكن «جانتس» هذا رد، سريعاً، بالقول: «توصية النواب العرب أضرت بنا.. ولم نناقش مع أصحابها أياً من مطالبهم»، أما زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، ليبرمان، فرد بالقول: «الأحزاب «الإسرائيلية» اليهودية الدينية الداعمة لنتنياهو خصوم، أما الأحزاب العربية فأعداء، وطابور خامس لتقويض أسس دولة «إسرائيل» اليهودية الديمقراطية، ومكان تصويتهم ينبغي أن يكون هناك في رام الله». دع عنك التحريض العنصري المتكرر الذي دأب نتنياهو على إطلاقه ضد «فلسطينيي 48» وأحزابهم، قبل هذه التوصية وبعدها، وبسبب وبلا سبب.

هنا، آخذين بالحسبان خصوصية أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، ومع الإقرار بأن «نتنياهو هو الأسوأ»، ومع الاحترام لرأي الأخوة الذين أوصوا، بعد التشاور، ربما، مع قيادة «السلطة الفلسطينية»، بتكليف الجنرال «جانتس» تأليف حكومة الاحتلال المرتقبة، وكي لا تتكرر نفس الرهانات الفاشلة والمدمرة على التبدلات الحزبية لحكومات الاحتلال، نشير، باقتضاب وتكثيف، إلى الحقائق الثلاث التالية:

* أولاً، خلال 26 عاماً ويزيد من مفاوضات «مدريد أوسلو»، لم يمارس رعاة التفاوض، هنا، ضغطاً فعلياً لإجبار حكومات الاحتلال على القبول بتسوية سياسية «متوازنة»، (ولا نقول عادلة)، للصراع، عمادها تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تكفل الحد الأدنى من الحقوق الوطنية والتاريخية الفلسطينية. هنا، ولأن ضغطاً كهذا لم يحصل، لا إبان رعاية الولايات المتحدة وروسيا، ولا إبان رعاية «الرباعية الدولية»، ولأن الطرف الفلسطيني لم ينهِ التعاقد السياسي ل«أوسلو» عندما انتهى عمره الزمني في مايو/أيار 1999 إلى فشل ذريع، فيما كان التخلص منه والتحلل من التزاماته، آنذاك، أقل تعقيداً وكلفة، فقد كان من الطبيعي أن تتخذ حكومات الاحتلال المتعاقبة، على اختلاف ألوانها الحزبية، مفاوضات «مدريد أوسلو» غطاء لتعظيم وقائع مخططاتها لتكريس «إسرائيل» اليهودية على كامل مساحة فلسطين بين البحر والنهر، أو عبر العمل، في السر والعلن، لإقناع ما يمكن من دول العالم بتوطين اللاجئين وإسقاط حقهم في العودة إلى ديارهم التي شُرِّدوا منها، أو عبر الاستباحة الشاملة لكل ما هو فلسطيني، وارتكاب المذابح والمجازر، وممارسات التطهير العرقي المخطط، وحروب الإبادة الجماعية والتدمير الشامل.

* ثانياً، إن الدول الأوروبية الأساسية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المتمسكة بما يُسمى «حل الدولتين»، لم تعترف بالدولة الفلسطينية، بذريعة اعتبار ذلك خطوة أحادية، علماً أن مصادرة الأرض واستيطانها وتهويدها وتفريغها وتقطيع أوصالها هي خطوات أحادية تلغي كل إمكانية لإقامة دولة فلسطينية عبر المفاوضات.

* ثالثاً، كانت تلك هي مصائر الرهانات على التبدلات الحزبية لحكومات الاحتلال قبل ظهور «خطة ترامب» لتصفية القضية الفلسطينية، فما بالك كيف سيكون عليه الأمر بعد ظهورها، وبعدما أعلن منها بشأن القدس، والجولان، ووكالة «الأونروا»، وحق عودة اللاجئين، وبعدما سُرِّبَ منها حول (حق «إسرائيل» في ضم أجزاء من الضفة الغربية)، ناهيك عن تضافر مفاعيلها مع مفاعيل قانون أساس القومية ل«إسرائيل» اليهودية، الذي تؤيده، كنقطة برنامجية، جميع الأحزاب «الإسرائيلية» اليهودية، بما فيها حزب الجنرال «بيني جانتس» هذا.

عنالخليج الإمارتية

كلمات دلالية

اخر الأخبار