خطاب عباس نحو "ديمومة الاحتلال"!

تابعنا على:   09:30 2019-09-28

أمد/ كتب حسن عصفور/ جاء خطاب "الرئيس" محمود عباس في الجمعية العام للأم المتحدة يوم 26 سبتمبر2019، محبا للنحو اللغوي، فاقدا للنحو السياسي، تحدث عن المشهد العام وصفا ووعيدا، دون ان يتقدم بخطوة عملية واحدة يمكن لها ان تكون "أداة فعل" في مواجهة دولة الكيان، مشروعا وسياسة، وهرب من الموقف الملموس الى الأفق الغيبي الذي سار عليه منذ ان تم تنصيبه "رئيسا" 2005، بعد مؤامرة اغتيال الشهيد الخالد أبو عمار.

جوهر الخطاب، كان محاولة شجاعة جدا، للهروب من كل القرارات الرسمية الفلسطينية التي أكدت على ضرورة البحث العملي – التنفيذي لـ "فك الارتباط" مع دولة الكيان، بل أن اللجنة التنفيذية التي يتحكم بتفكيرها وليس بقرارها فقط، خرجت قبل فترة ببيان "ناري" انها بدأت في العمل لتنفيذ قرارات نهاية المرحلة السابقة، والتطلع لمرحلة جديدة، وشاركتها في تشكيل لجان البحث "حكومة رام الله"، فيما جاء الخطاب ليقدم رؤية سياسية نقيضة تماما من فك الارتباط الى إعادة تأهيل الارتباط بطريق التفافي جديد.

عباس، ركز في "خطابه" على الاستعداد فورا الذهاب الى المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، بل انه ظهر كـ "متسول تفاوضي"، وهو يشير الى رفض نتنياهو اللقاء به بما فيها في روسيا، مشهد كان عاريا من "الكرامة الوطنية"، يشير الى أن الجوهري له هو كيفية الارتباط أكثر.

خطاب عباس في الأمم المتحدة 26 سبتمبر، نعي علني لكل القرارات الرسمية المتخذة من قبل المجالس المركزية و"الوطني" ومعها "التنفيذية"، التي لم تعد تملك من أمرها سوى امتيازات اللقب الخاصة بالأعضاء، والضجيج الإعلامي لدعم أي موقف لمن يهين "كرامة المؤسسة الوطنية الرسمية والشعبية".

من المستغرب جدا، ان تخرج قوى وشخصيات تبارك خطاب "ديمومة الاحتلال" الى أجل غير معلوم، وتجنب كليا أي خطوة عملية رفضا لمشروع التهويد الذي بات "واقعا سياسيا وقانونيا"، بحيث ان غالبية المستوطنات الكبرى باتت جزءا من دولة الكيان، مع ما يحدث في القدس والبراق، وذهب الى لغة "التهديد الوهمية" التي تتجاهل واقع المشهد العملي في الضفة والقدس.

أن تصبح "المفاوضات" هدفا مركزيا، مع تعديل شروط "الراعي"، دو ان يتم تغيير الواقع السياسي ليس سوى موافقة مطلقة على استمرار المرحلة الانتقالية بكل مكوناتها، مع "تحسين شروط العلاقة الخاصة"، بين سلطة فلسطينية محدودة ودولة الكيان وسلطتها الأمنية القوية في الضفة والقدس.

منطق "ديمومة الاحتلال" جسدته الفكرة الأكثر خطورة في الخطاب، عندما أعلن بأنه سيعلن عن انتخابات عامة (تشريعية فقط) عند عودته الى رام الله، دعوة اعتبرها مقدمة لإنهاء الانقسام، وهي في جوهرها تذهب الى تكريس الانقسام الوطني الأخطر، بالانحياز الى خيار استمرار الارتباط بدولة الكيان وسلطاتها الاحتلالية على حساب فك الارتباط بها، عبر تنفيذ قرارات الأمم المتحدة نحو سحب الاعتراف المتبادل وإعلان دولة فلسطين بديلا للسلطة القائمة.

أي انتخابات للوضع القائم هي رغبة احتلالية – أمريكية، وتعمل على تكريس المشهد الانتقالي وتمنع الخروج الكلي من "كوابح الاتفاقات المهدرة"، دعوة انتخابية تمثل استجابة عملية لمنع أي مواجهة سياسية كبرى مع دولة الكيان، وتسير وفقا لما تريده الأجهزة الأنية الإسرائيلية، وتمهد الطريق "القانوني" الى استكمال تنفيذ "صفقة ترامب"،

سقطت قوى فلسطينية وشخصيات عامة في الفخ العباسي، عندما سارعت بالترحيب بتلك الدعوة المشبوهة سياسيا، والتي تمثل "طوق نجاة" لفك ارتباط عباس بقرارات الرسمية الفلسطينية، والذهاب نحو التواصل السياسي القائمة.

أي انتخابات، ليس لدولة فلسطين، هي خدمة مجانية لدولة الكيان واحتلالها...وعقاب "شرعي" للشعب الفلسطيني ومؤامرة لكبح مشروعه الوطني. وخدمة للمشروع الأمريكي.

لم يكن صدفة أن يغيب الحصار على قطاع غزة من خطابه، فهو لا يستطيع أن يتهم دولة الكيان بذلك، كونه "شريك عملي" به عبر مراسلات رسمية تمتلك سلطات الاحتلال كثيرا منها.

خطاب يستحق "الرجم الوطني" وليس غيره وكل تعامل "ودي" معه خدمة مجانية للمحتلين وعقابا لـ "شعب الجبارين"!

ملاحظة: سواد يوم 28 سبتمبر برحيل الخالد جمال عبد الناصر وشرارة شارون لبدء تنفيذ مؤامرة أنهاء مرحلة "الكرامة الوطنية" المعاصرة عبر اغتيال الخالد أبو عمار...يوم ينتظر تبيضه من ظلام طال "امده!

تنويه خاص: مهم جدا مراقبة "التكامل" في تغطية المشهد المصري بين "البي بي سي" اللندنية وإعلام إسرائيل والقناة الصفراء (الجزيرة) وذيلها الاعلام الإخواني دون غيرهم من الاعلام العالمي...أهي صدفة أم شي تاني!

كلمات دلالية

اخر الأخبار