عن مستشفى "أمريكا الغزي"...الضرورة والأخطار!

تابعنا على:   09:16 2019-09-25

أمد/ كتب حسن عصفور/ رغم حرارة الأحداث العربية والدولية يوم 24 سبتمبر، خاصة افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتطورات المشهد المصري، فرض خبر "المستشفى الأمريكي" في منطقة بيت حانون قرب المعبر مع إسرائيل، كحدث سياسي هام، وربما هي المرة الأولى التي يتحل بناء مشفى بمثل تلك التغطية السياسية والشعبية، بل ان يكون خبرا بتلك الأهمية.

بالتأكيد، طبيعة الموضوع، والجهات المنفذة والمشاركة فيه، هي التي جلبت له تلك "الأهمية"، وما يمكن أن يكون من "أهداف" لها بعد سياسي بشكل أو بآخر.

فهي المرة الأولى التي تقدم أمريكا، عبر جهات غير حكومية، بإقامة مستشفى ميداني خاص في قطاع غزة، كان يستخدم لخدمة "الإرهابيين والمعارضين السوريين"، وتلك اول دلالة غير مريحة، حيث يرتبط العمل "الإنساني" ببعد انفصالي.

من حيث المبدأ، قطاع غزة من أكثر المناطق التي تحتاج الى توفير الخدمات الصحية، خاصة لأمراض مستعصية وفي ظل حصار مركب الأبعاد، ومن الصعب للإنسان الغزي أن يرفض توفير خدمات ضرورية جدا، فيما هو يموت يوميا بأشكال متعددة، بينها عدم القدرة على توفير العلاج، وذلك يمثل قوة دفع كي لا يفكر "المواطن" تحت الموت كما يفكر السياسي، الذي قد لا يعيش ذات الظروف، من حيث قدرة غالبية الساسة على نيل الخدمة الطبية بطرق مختلفة، وتكسر جدر الحصار لهم.

لذا لا يجب أن يلام المواطن الغزي، لو أغمض عينيه جزئيا او كليا، عما تخفيه حقيقة "الإنسانية" الأمريكية – الإسرائيلية لإقامة هذا المشفى، بدعم وتريب وتسهيل ودفع قطري، أي أن الهدف الجوهري له تعزيز "البعد الانفصالي" بين جناحي "بقايا الوطن"، عبر بوابة "إنسانية".

تلك هي البوابة الرئيسية لتمرير "صفقة ترامب" التي كشفها عنها غاريد كوشنير في مؤتمر المنامة، في يونيو 2019، حيث اعتبر أن "الأبعاد الاقتصادية – الإنسانية" هي القاطرة الضرورية لتنفيذ البعد السياسي للصفقة، والتي نفذ بعضها، والآخر عبر تلك القاطرة الجديدة.

نعم، الطريقة التي ينفذ به المشروع الأمريكي تحت الحماية الإسرائيلية، والخدمة القطرية، هو جزء عملي من الصفقة الأمريكية، بكل أبعادها، سواء أدركت قيادة حماس ذلك، ام انها لم تعلم، وها هي باتت تعلم، بل أنها وافقت أن يكون هناك دور أمني إسرائيلي داخل أراضي قطاع غزة، ما يمثل "تطورا في مفهوم التنسيق الأمني"، حيث لن يبقى عبر آخرين، بل سيفتح الباب المباشر.

كان من الممكن إزاحة "البعد السياسي" من وراء "الخدعة الأمريكية – الإسرائيلية والقطرية"، وقطع الطريق على الهدف الخبيث من استغلال الحاجة الإنسانية لأهل قطاع غزة، لو ان حركة حماس قفزت عن "الذاتية السلطوية"، وأصرت على أن يكون ذلك عبر موقف فلسطيني موحد، وبالتنسيق مع وزارة الصحة في رام الله وكذلك عبر شفافية كاملة مع القوى السياسية، الى جانب أن يكون ضمن رعاية مصرية، بل وكذلك دور خاص للأمم المتحدة بما لها من مسؤولية في القضية الفلسطينية.

قد يرى البعض، ان سلطة رام الله هي جزء من حصار مرضى قطاع غزة، وهناك من الشواهد ما يرسل كل العاملين في هذه المؤسسة الى جهنم السياسي، لكن "الضرورة الوطنية" تفرض ما هو فوق "الإنساني"، ممرا إجباريا، يمكن بحث بدائله لو ان "الرسمية الفلسطينية" تخلت عما لها في هذا القرار.

وكان وجود مصر يمثل "حماية سياسية"، بل كان لها ان تكون عامل مساعد في تطوير ذلك بتقديم "دعم طبي" كادرا فنيا أو دوائيا.

المسألة ليس طبية صحية فحسب، رغم الحق الإنساني، لكن البعد السياسي بها خطر وخطر كبير...فهل تتدارك قيادة حماس ذلك، ام أنها ستقول "دع القافلة تسير...." و"مشفى لو كان شو ما كان..."!

القرار لدى حماس وليس غيرها!

ملاحظة: تطورات "الحكاية" المصرية في الأحداث الأخيرة تفرض مسارعة فلسطينية لمعاجلة أي آثار ستتركها، بعيدا عن أي مبررات ستقال، لن يحتمل مزيدا من توتر...واضح أو بدها شرح يا...!

تنويه خاص: الفتاة الطفلة السويدية غريتا تونبرغ (16 عاما) قدمت مرافعة عالمية لقادة العالم...مرافعة لخصت ملامح الموت الناتج عن الدمار البيئي...غريتا اختصرت كل أوصاف هؤلاء بقولها "أنتم شياطين"!  

كلمات دلالية

اخر الأخبار