رسالة إلى سماحة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف: "النجدة"

تابعنا على:   14:16 2019-09-11

شريف النيرب 

في 15 من مارس 1958 أنشأ أول  معهد أزهري في فلسطين بقرار من الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر ، بحضور الرئيس المصري الأسبق أنور السادات بصفته نائب للزعيم عبد الناصر ومعه د. عبد الخالق حسونة ، الأمين العام لجامعة الدول العربية .

وبعد وصول السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 م إلى أرض الوطن صدر قرار من الرئيس الراحل أبو عمار، وبتأييد من الإمام الأكبر شيخ الأزهر بفتح عدة فروع  في قطاع غزة والضفة الغربية .

فعملت المعاهد الأزهرية مع قدوم السلطة الوطنية على نشر تعاليم الدين الإسلامي الوسطي الحنيف وخرجت آلاف الطلبة الذين إلتحقوا بمدارس الأزهر ومعاهده التي أنشأت في محافظتي خانيونس وغزة .

وقد إعتمدت وزارة الاوقاف الفلسطينية على كثير منهم في الإنتساب إلى فروع الوزارة من المساجد والمؤسسات التعليمية وغيرها .

وشكل الأزهر حاضنة دينية وسطية حنيفة لآلاف الطلبة الذين كانوا عرضة للخطف والسيطرة من الأفكار المتشددة حديثة النشأة ، متأثرين بالحركات العالمية التي شوهت تعاليم ديننا الحنيف .

مع انتفاضة الأقصى التي  اندلعت 28 سبتمبر 2000  إنشغل الفلسطينيون في متابعة أحداث العدوان الإسرائيلي على مدن الضفة الغربية وقطاع غزة وممارسة القتل المتعمد للأبرياء المدنيين والاطفال والنساء ، ما شكل في ذلك الوقت حالة عامة تستوجب مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والصمود في مواجهة آلة البطش الإسرائيلية .

وإذ وجد مجبرين على مواجهة التحديات التي تفرضها قوات الاحتلال على الأرض ، تشكلت أرضية خصبة لاقتحام بعض الأفكار المتشددة ساحة المعركة ، متسترة بالعمل الثوري ومقاومة الاحتلال .

لم يكن ذلك في حينها محل مناقشة لضراوة المشهد في الساحة الفلسطينية .

في عام 2005 انسحب الاحتلال الإسرائيلي من غزة تاركاً خلفه إرثاً كبيراً من التدمير الاجتماعي

الذي ساهم بشكل كبير في احداث الانقسام بين مكونات الشعب الفلسطيني وأحزابه الوطنية ، وهي نقطة خصبة لترعرع  المكونات الصغيرة المتشددة التي رفعت شعار الدين في مواجهة الوسطية الحنيفة .

13 عشر سنة من الانقسام كانوا  كفيلات إلى احتضان هذه الأفكار والعمل على تلقينها وتعزيزها لدى شريحة من شباب القطاع ، اصطدم طموحها ومستقبلها بالحالة العامة التي يعيشها القطاع من حصار وانسداد في الأفق ، فكان الفقر دافعاً أولياً وعدم المقدرة على معالجة هذه الأفكار ومواجهتها ، وغياب لغة الحوار المقنع مع هذه الشريحة التي وقعت ضحية مستغلين للحالة الفلسطينية لأغراض غير مفهومة .

13 عشر سنة غُيب الأزهر الشريف في غزة عن دوره ومكانته بقصد أو دون ذلك ، ففتح المجال أمام المراهقين من الشباب لاحتلال الواجهة .

وإذ نتحدث عن المراهقة في الخطاب الديني لابد وأن نبحث وندعم كل التوجهات الرافضة لتلك الأفكار البعيدة عن البعد عن عاداتنا وتقاليدنا لديننا الحنيف المبني في أساسه على المسامحة والمحبة .

ولوقف هذا النزيف في أفكار شبابنا في  هذا الاتجاه نتيجة الإحباط  الذي أدى إلى التشدد ، لابد وان يعود الأزهر إلى مكانته الطبيعية ، وذلك من خلال تفعيل مؤسساته الدينية في غزة  واستقدام علماء الأزهر إلى القطاع .

وإقامة الندوات والدروس والدعوة في مسارها الحقيقي ، مجردة من أي أفكار تخالف ما شرعة الله ورسوله في ديننا الحنيف .

كما يتطلب من سماحة الأزهر الشريف، فتح الباب مرة أخرى للتعليم في المعاهد الأزهرية في جمهورية مصر العربية وتخصيص منح لطلبة القطاع ، والتبادل في الزيارات خاصة في المناسبات الدينية ،  تداركاً ومنعاً لاستغلالهم من الأفكار المستوردة من قيم تخالف قيم القطاع وأهله الرافضين لهذا الشكل المتنطع في الدين .

وإذ ترفض كل مكونات شعبنا على مختلف توجهاته هذه الأفكار وأجنداتها ، لابد وأن يستدرك أهل العلم في فلسطين مساعي المشبوهين في تمرير مخططاتهم من خلال استخدام الدين لأغراض غير مفهومة ، يستوجب الآن العمل على فتح قنوات حوار حقيقي وممارسة المعالجات ومنع أشكال التشدد كافة على المنابر أو الحلقات الدينية ، واعتبارها أسلوباً منبوذاً في مجتمعنا الفلسطيني .

سماحة الإمام الأكبر شيخنا الجليل  د. أحمد الطيب إن المطروح ليس حالة مريبة وليس ظاهرة عامة إنما هو شكل صغير لا يمثل غزة ولا اهلها وأفضل ما يمكن وصفه بانها نتوءة فكرية صغيرة ، لابد من العمل لتصويب أمرها وإعادتها إلى الصواب الصحيح ، طريق الأزهر الشريف الذي ينتمى له الغالبية العظمى من سكان القطاع .

اخر الأخبار