تعقيدات الوضع السوري وخياراته

تابعنا على:   10:09 2019-09-05

حمادة فراعنة

لم أكن أتوقع حجم المرارة في نفوس شخصيات سورية معارضة، نحو حزب الله اللبناني، وكمية العتب نحو مقالي «الانحدار السياسي» وهؤلاء من الذوات السورية المحترمة الذين لم يتورطوا بعمل عسكري إرهابي، ولم يكونوا مؤيدين للفعل القتالي ضد النظام أو ضد الجيش السوري، ولم يكن هؤلاء ممن ارتبطوا بالسياسات الدولية أو الإقليمية التي عملت على إسقاط النظام لصالح عدوهم الوطني والقومي، العدو الإسرائيلي، فالعدو الإسرائيلي بالنسبة لهم يحتل أرض بلادهم وقتل أبناء شعبهم في المعارك المتلاحقة ولازال يتورط في احتلال الجولان السوري، ويقصف الأرض السورية ويسقط ضحايا سوريين بسبب هذا القصف، ويحتل أرض شعب عربي شقيق بالنسبة لهم، أرض الشعب الفلسطيني، ويرون أن التدخلات الدولية والإقليمية أحبطت تطلعاتهم كسوريين يريدون لشعبهم وبلدهم أن يتطور ديمقراطياً نحو نظام تعددي يحتكم إلى صناديق الاقتراع وتداول السلطة، لا أن يكون محكوماً من فرد أو عائلة أو طائفة أو قومية أو حزب منفرد، وأن يكونوا مثل كل الشعوب المتحضرة، وتمنوا لو بقي نضالهم شعبياً سلمياً ديمقراطياً يحظى بعطف ودعم شعوب العالم المتحضر بعيداً عن المؤامرات والتدخلات التي أحبطت مساعيهم ونضالهم ودمر سوريا الوطن والشعب وتحول نضالهم وعنوانهم وقياداته إلى صالح أحزاب وتسلط تنظيمات التيار الإسلامي بأجنحته : الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة وافرازاتهم، ويكون شعبهم حقاً قد هرب من تحت الدلف الفردي الأحادي التسلطي إلى مزراب الرجعية والتخلف وأدوات التدخل الممول من أطراف دولية وإقليمية هدفها تمزيق سوريا وجعلها تابعة بلا قيمة ومهانة لعدوهم الوطني والقومي الذي لايزال يحتل أرض سوريا في الجولان.

معادلتهم صعبة، ولكنها محقة، ولهذا لم يكونوا لا مع ستي وحلفائها بخير ولا مع سيدي وأدواته التدميرية كذلك، وهم مثل كل الاتجاهات الوطنية والقومية واليسارية والليبرالية في الوطن العربي الذين يدفعون ثمن ولائهم لوطنهم بدون حسابات ذاتية ضيقة وبدون رغبة لتدخلات أجنبية، وهي تدخلات ليس فقط دمرت سوريا وشردت شعبها، بل هي فعلت في العراق وليبيا واليمن كما فعلت في سوريا، ولذلك إذا كانت معادلة هذه الفعاليات السورية صعبة، فموقفنا نحن أصعب لأننا نكون أمام خيارين كلاهما أصعب من الآخر في ظل هذه المرارة التي فرضت عليهم بسبب خسارة رهانهم على أن تبقى نضالات الشعب السوري نحو التعددية والديمقراطية وتداول السلطة قد أصابها الإحباط، وأن تبقى أدوات نضالهم نظيفة من التورط بعمل إرهابي أو تصادمي غير متكافئ، أو أن تنتهي نهاياتها لتكون عنوان المعارضة وقيادتها لصالح الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة.

مرارة الحدث السوري والوقائع القاسية والخسائر الفادحة التي دفع ثمنها الشعب السوري بالضحايا والدمار وتشرد الملايين تدفع كل صاحب ضمير أن يكون متزناً عاقلاً حريصاً بمفرداته وانحيازاته بما لا يمس هذه المعاناة وهذا التطلع النقي لشعب كان ولايزال يقف في خنادق العداء للاستعمار وللصهيونية وللرجعية مثلما هو ضد التسلط والتفرد والأحادية، ويتوسل أن تكون سوريا حقاً ديمقراطية وتعددية تحتكم لنتائج صناديق الاقتراع وتداول السلطة، فالتدخلات لصالح طرفي الصراع، هي تدخلات للمصالح وليس محبة واحتراماً للشعب السوري وخياراته الوطنية النظيفة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار