درس "نصر الله" السياسي للبعض الفلسطيني!

تابعنا على:   09:08 2019-09-04

كتب حسن عصفور/ بداية من الغرابة ان يخرج البعض ليرفض قيام حزب الله في لبنان بقصف سيارة عسكرية إسرائيلية، ويعتبره خروجا عن السيادة اللبنانية، رغم أن غالبية المنتقدين كانوا يسخرون من مواصلة جيش الاحتلال الاعتداء المتلاحق ضد عناصر الحزب في سوريا وقتل شخصيات قيادية، دون ان يقوم الحزب بالرد و "الانتقام"، كما انهم تجاهلوا كلية ان يد إسرائيل الطولى وصلت الى مقر الحزب المركزي في ضاحية بيروت الجنوبية.

المستغرب ليس في قيام حزب الله بقصف سيارة عسكرية لجيش الاحتلال، فذلك بعض من حق، حتى لو ظهر أنه تجاوز بحق "السيادة"، لكن أن يقتصر الرد على حجم العدوان بعملية لا تصل الى البعد التهديدي في خطابي أمين عام الحزب حسن نصر الله، حيث الوعد ألا ينام الإسرائيليون بعد العدوان، وأن يد الحزب طويلة، لكن الخطاب الثاني بعد العملية جاء لينهي كل شيء ويعيد "اليد" الى الجيب، ودخل في مرحلة "تهديد – وعيد" لاحق.

ما يهمنا ليس تنفيذ حزب الله "وعده" أم لم ينفذ، لكن الأهم هي الرسائل السياسية التي يجب التوقف أمامها في خطاب نصر الله الثاني بعد عملية السيارة العسكرية، ودون التوقف عند "اللغة فوق الثورية"، وكمية التهديد التي وردت بها، فالبعد السياسي كان غاية في الوضوح، حيث أعلن نهاية الرد العسكري على عدوان مركب في سوريا ولبنان، مكتفيا بما كان.

نصر الله، بذلك أكد أنه لن يخرج عن "الإطار العام" للدولة اللبنانية، بعد أن تولى رئيس الوزراء الحريري حركة اتصالات لمنع أي تصعيد عدواني جديد من إسرائيل، وذلك ما كان له أن يكون دون التزام من حسن نصر الله بوقف أي عمل عسكري جديد، كما أن روسيا لعبت دورا مركزيا لوضع حد لأي مواجهة غير محسوبة، خاصة وأن حزب الله يدرك أنه لا يستطيع كسر المعادلة السياسية دون توافق مع روسيا، التي تلعب دورا مركزيا في المسألة السورية.

اعلان نصر الله، أكد بوضوح نهائي انه حزب لبناني يدرك حدود "الممكن" في ظل الظروف الراهنة، لذلك اكتفى بما قام به، مع حركة ترويج إعلامية واسعة لأهمية تلك "العملية"، رغم انها عسكريا أقل أهمية من عملية "صيد" دبابة عسكرية على السياج الفاصل مع قطاع غزة.

نصر الله، برسالته تلك، قطع الطريق على قوى لبنانية لان تفتح "سجالا شعبيا" حول سلاح حزب الله، ودوره ومهامه، ما قد يثير عديدا من الإشكاليات له، بعيدا عن "شعبية" طائفية في لبنان، او بعض متحالفين، لكن إعادة النقاش حول "سلاح الحزب" عود لأزمة غابت طويلا من "النقاش المجتمعي اللبناني"، ولذا جاء قرار نصر الله وحزبه بوقف أي تصعيد والاكتفاء بما حدث، مع محاولة "قطف ثمار العملية" إعلاميا بالقدر المستطاع، واستبدال الرد الأوسع عسكريا برد أوسع إعلاميا.

ولأن "اللبننة" كانت هي محور التفكير والرد في خطاب نصر الله الثاني، فقد تجاهل كليا أي حملات "تضامنية" مع العملية العسكرية، خاصة أهل فلسطين وفصائل سارعت بأنها جاهزة لفتح "جبهة عسكرية" ثانية، فكان خطابه كمن اسال على رؤوسهم مياه مثلجة، رسالة واضحة، ان فلسطين كقضية لم تعد مركزية لأي عربي أو إقليمي مهما حاول الذهاب في لحظات ما الاستفادة منها، وكل يبحث "خلاصه" الخاص، وتبقى العاطفة في مخزن لم يعد له أثر.

رسائل سياسية يجب التدقيق بها من فصائل العمل الوطني الفلسطيني في كيفية التعامل مع "أزمات" تبدو شائكة لكنها تصل الى حلها بسبل أقصر كثيرا مما يفكرون.

المثل الشعبي لا زال حيا، "ما حك جلدك غير ظفرك"!

ملاحظة: بعد هبة الغضب الفتحاوية في غزة، سارعت بعض "أوساط رام الله" لمحاولة "امتصاصه" بالحديث عن تشكيل لجنة خاصة لمراجعة ما كان...هم قبل الكل يعلمون أنهم غير صادقين لأن "المعلم" لن يتراجع!

تنويه خاص: مطالبة قيادات حمساوية وإسلاموية بمحاصرة "التطرف والفكر المنحرف" في غزة، لكنها لم تحدد سبل كيفية "الحصار"...الحكي للهروب من الحقيقة سهل جدا...مطلوب رؤية جادة مش "دروشة جديدة"!

كلمات دلالية

اخر الأخبار