امريكا تستجدي لأجل اسرائيل

تابعنا على:   14:18 2019-09-01

خالد صادق

عرضت الولايات المتحدة الأمريكية على حزب الله اللبناني مقايضة الرد على الاحتلال الصهيوني في مقابل عدم اتخاذ واشنطن عقوبات ضد مؤسسات لبنانية، وهو الأمر الذي رفضه حزب الله حسب مصادر إعلامية لبنانية, الاستجداء الأمريكي جاء بطلب من نتنياهو وحكومته, اللذين أصابهما الذعر بعد ان توعد حزب الله على لسان أمينة العام بالرد على جريمة تفجير الضاحية, واستشهاد عنصرين من حزب الله في تفجير بسوريا, الإدارة الأمريكية بكل جبروتها تستجدي من اجل «إسرائيل», وتقايض من اجل سلامتها, بعد ان تحول شمال فلسطين المحتلة إلى منطقة خالية من السكان, وقد فر الجنود الصهاينة إلى داخل التحصينات خلف المنطقة الحدودية مع لبنان, بعيدا عن أعين المقاومة اللبنانية, وتوقفت الطائرات المسيرة التي كانت تجتاح سماء لبنان, ورأينا كيف استطاع مراسل قناة الميادين الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة, واجتياز الحدود ليؤكد للجميع ان المنطقة الحدودية الشمالية لا يوجد بها قوات للجيش الصهيوني, وان الجنود فروا منها, والدوريات السيارة توقفت تماما عن التجوال خوفا من استهدافها من المقاومين اللبنانيين الذين توعدوا الإسرائيليين بالرد.

«إسرائيل» لم تجد أمامها إلا الإدارة الأمريكية لتحتمي بها, فلجأت لترامب كي يقدم إغراءات لحزب الله حتى يعيد حساباته مجددا, ولا ينفذ تهديداته تجاه «إسرائيل», وهذا الأمر له دلالاته التي نؤكد عليها دائما, وهى ان «إسرائيل» اجبن من ان تواجه المقاومة اللبنانية التي تملك أسلحة تطال أي مكان داخل فلسطين المحتلة, وان «إسرائيل» تعتمد بشكل أساسي في مواجهاتها العسكرية مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية على الإدارة الأمريكية, ولا تقدم على أي عمل عسكري إلا بموافقتها, وتقديم ضمانات لها أنها ستقف إلى جانبها وتنفذ مطالبها, وتدافع عنها إذا لزم الأمر, والإدارة الأمريكية ترى في وجود «إسرائيل» وقوتها في المنطقة, خدمة لها في تنفيذ مشاريعها وأطماعها ومخططاتها, وعندما تلتقي المصالح بين قوى الشر وتتشابك الأيدي بينها وتتحد المواقف, فان الوسيلة للوصول للهدف تصبح سهلة ومقبولة ومتاحة بالنسبة لهما, فما الذي يمنع أمريكا من التحاور مع حزب الله نيابة عن «إسرائيل» وتقديم إغراءات له تضمن عدم توجيه ضربة لإسرائيل خاصة عندما تدرك جدية التهديد, وقدرة الطرف الأخر على الإيفاء بتعهداته وإيلام «إسرائيل» بضربة موجعة.

«إسرائيل» دائما ما تحتمي بالوسطاء, وتستخدمهم وقت الحاجة لدرء الأخطار عنها, وهى تبحث دائما عن الوسيط الذي ينتمي إليها ويدافع عن سياستها, ويتدخل في الوقت المناسب الذي تطلبه «إسرائيل» والادارة الأمريكية بقوتها وجبروتها وسطوتها على الجميع, دائما متاحة أمام الاحتلال, ولديها وسائلها في إجبار الآخرين على القبول بالحلول التي تطرحها, حتى وان كانت حلولا جائرة, لكن دائما فصائل المقاومة متمردة على هذا الواقع, وترفض ان يتحكم بها احد, حتى لو كان هذا الأحد في قوة ومكانة الإدارة الأمريكية, فمنطق المقاومة مختلف, ومتمرد بطبعه على كل الضعف الذي يحيط به من كل جانب, وقابل للثبات والصمود في وجه التحديات, لذلك سيفشل استجداء الإدارة الأمريكية لحزب الله, وستبقى «إسرائيل» في حالة ترقب وانتظار لما سيحدث, وستعيش حالة قلق وخوف, ولن تنفعها الإدارة الأمريكية, فأمريكا ربما تملك وصاية على قرارات الرسميين العرب ومواقفهم السياسية, لكنها لا تستطيع فرض وصاية على الفصائل المقاومة, التي لها موقف مختلف في التعامل مع الاحتلال الصهيوني باللغة التي يفهمها, والتي تجبره على التراجع والانكسار امامها.

اخر الأخبار