هل نستطيع المواصلة

تابعنا على:   13:18 2019-08-21

حمادة فراعنة

يتباهى الرئيس الأميركي ترامب أن سياساته حققت مكسبين للولايات المتحدة :
أولهما زيادة العطاءات والمكارم وبيع السلاح والخدمات الأمنية ولو بالابتزاز والضغط وقلة الحياء لبلدان مختلفة وخاصة تلك الثرية، أو غير الديمقراطية التي لا تملك شعوبها حق مساءلة حكامها وتفتقد للمكاشفة والاحتكام لصناديق الاقتراع وتداول السلطة، وهذه السياسة جلبت مئات المليارات للاقتصاد الأميركي .
وثاني المكاسب التي حققها للخزينة والاقتصاد الأميركيين تقليص المساعدات أو المنح أو المصروفات الخارجية، سواء كانت دوافعها مساعدة الأصدقاء أو الحلفاء، أو الحفاظ على الأمن الدولي لصالح النفوذ والسيطرة والهيمنة الأميركية، وهذه السياسة وفرت عشرات المليارات لصالح الخزينة الأميركية .
وآخر تباهي الرئيس في تعامله مع الباكستان، أنه قلص مساعدات واشنطن ودعمها إلى إسلام أباد بدون الإخلال بالتحالف والتعاون أو المس بالمصالح الأميركية الباكستانية المشتركة، بل يُغالي في فهم وقراءة مسار التعاون بين واشنطن وإسلام أباد على أنه ازداد ولم يتراجع .
في زيارة كوشنير مستشار الرئيس، ومعه المبعوث جريبنلات الأخيرة إلى عمان، اللذين يحضران لاستكمال خطوات صفقة العصر خدمة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، بعد سلسلة الخطوات التي بدأت يوم 6/12/2017، بإعلان الرئيس ترامب واعترافه بالقدس الموحدة عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية، ونقل سفارة بلاده إليها من تل أبيب، ووقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية لإضعافها وابتزازها، وتجميد الدعم للأونروا في محاولة شطب قضية اللاجئين وحق عودتهم إلى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948، واستعادة ممتلكاتهم فيها وعليها، وإعلان الشق الأول من وثيقة الصفقة يوم 25/6/ 2019، والمنتظر إعلان الشق الثاني السياسي لها بعد انتخابات برلمان المستعمرة الإسرائيلية يوم 17/9/2019 .
كوشنير في زيارته أبلغ عمان والقاهرة أن واشنطن لن تواصل دعمها الاقتصادي والمالي لسياسة تتعارض مع سياسات واشنطن بل وتعمل على إحباطها وإفشالها كما تفعل العاصمتان في دعم الموقف الفلسطيني الرافض لمجمل سياسات وإجراءات ومقدمات صفقة العصر الأميركية وتداعياتها .
الأردن شكل رأس حربة سياسية في دعم الموقف الفلسطيني منذ إعلان ترامب يوم 6/12/2017 بخصوص القدس، وهو الذي بادر إلى دعوة اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم 10/12/2017، وإلى القمة الإسلامية الطارئة في إسطنبول يوم 13/12/2017، ولقاء الاتحاد البرلماني العربي يوم 18/12/2017، وتوجت باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 23/12/2017، وجميعها دعمت الموقف الفلسطيني الرافض لمقدمات صفقة العصر وتداعياتها .
سنكون في ورطة مستقبلية إذا رضخنا للضغوط الأميركية سنخسر قضيتي اللاجئين والقدس، وإذا رفضنا سنخسر قيمة المساعدة الأميركية البالغة مليارا ونصف المليار دولار سنوياً أو بعض منها أو تقليصها في وقت نحن نواجه حصاراً مالياً واقتصادياً متعمداً من قبل البعض لأسباب ودوافع سياسية لا تتفق ومصالحنا الوطنية العليا، وها هي صفقة العصر الأميركية ستسبب لنا حصاراً إضافياً، لا نملك لمواجهته سوى تمتين جبهتنا الداخلية، وتماسك شعبنا، وتعزيز الأمن الوطني، وترشيد المعارضة لتكون قاعدة بناء صلبة في مكون السياسة الأردنية وصمودها .
نحن في وضع لا نُحسد عليه، وهذا يحتاج لمزيد من اليقظة والتناغم الداخلي وتوزيع الأدوار من أجل أن يبقى الأردن حقاً وطنياً قومياً تعددياً متماسكاً، ومن أجل مواصلة إسناد شعب فلسطين وحقه في العودة والاستقلال، وهذا كله له ثمن علينا أن ندفعه بوعي ورضى، فهل نستطيع؟؟

كلمات دلالية

اخر الأخبار