حتى إشعار آخر

تابعنا على:   16:12 2019-08-16

مصطفى النبيه

مركز عبد الله الحوراني لا يستحق اهمالكم .. فلا تغلقوا بيتاً من بيوت منظمة التحرير ..

سؤال .. هل لدينا رغبة في بناء الإنسان ؟!!

هل يدرك المسؤول قيمة الثقافة والفنون وبأن سلاحنا وقوتنا كشعب فلسطيني هو الإنسان؟!!

لماذا ننتظر أن تتفشى بأجسادنا الأمراض حتى تدمر مناعتنا وتحرمنا من الرؤية والصمود ، وفي لحظة الاحتضار نبحث عن العلاج خجلاً ؟!! من طفأ ثورتنا وقتل فينا نفس المقاتل ؟ !!.. يراودني دوماً نفس السؤال.. ما الحكمة وراء المماطلة و الكسل وذرف دموع التماسيح على الإنسان بعد قتله ... ماذا أقول غير ، حسبي الله ونعم الوكيل.

لن تستقيم الحياة ما دمنا عبيد مشاريع تجهيليه صممت خصيصاً لتخريج نخب تتقن دور الانحناء ،الخنوع ،التسحيج ،البكاء على الأطلال والبحث عن قميص عثمان ، لتداري عورتها حين تقوم قوات الاحتلال بشكل مدروس لمسح مراكزنا الثقافية عن الأرض ويقف أولي الأمر أمام الكاميرات ليخطبوا بنا خطب عصماء لأجل الاستهلاك الإعلامي ..

فالقادم يبشر بالخراب .. فبعد قصف مركز عبد الله الحوراني وقبلها مركز المسحال .. سمعت أصوات أولي الأمر عبر شاشات التلفزة وهي تثرثر وتثرثر وتتحدث عن الصمود .. تخيلت أني أعيش خارج واقعنا المزرى وستكون هناك مفاجأة غير متوقعة تصدم الجميع ، حاولت أن أقنع نفسي رغم أننا شبعنا أوهام وأكاذيب ، قلت خلال أيام سيعود المركز لنشاطه ،على الأقل تقديراً واحتراماً لشخصية المناضل الوحدوي بحياته وموته المرحوم "عبد الله الحوراني " كما أن هذا البيت الذي تدمر هو بيت من بيوت منظمة التحرير الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وهناك الغيورين عليها .. وهو بيت حرص على الوحدة والمعرفة في زمن الانقسام الأغبر.

بصراحة انتظرت أن يعلن الأستاذ ناهض زقوت مدير عام المركز عبر صفحته عن نشاط سينمائي أو ثقافي بعد أن تعافى المركز و عاد للحياة ليقهر الاحتلال وقد اتصلت به للتخفيف عنه بعد دمار المركز وكان رغم الكارثة متفائلا ً بالقادم لكن للأسف ما حدث من اهمال هو صورتنا القبيحة دون تزييف والتفاؤل اللحظي الذي شعرنا به كان مجرد أضغاث أحلام
أقولها بصراحة حين يغمض المسؤولين أبصارهم عن بناء الإنسان تكون هنا وصمة العار التي تخبرنا تلقائياً بأنهم يتساوقون مع الاحتلال وينفذون أجندة بقصد أو عن جهل، لعدم إدراكهم ما قيمة المعرفة في بناء الإنسان.

يحكي "باولو كويلو " الروائي والقاص البرازيلي عن قصة صبي كان يزعج والده ويضايقه ويقطع اندماجه كلما حاول أن يقرأ الصحيفة فقرر الأب أن يلهيه بشيء ما .. فقص من الصحيفة خارطة العالم وتم تقطيعها إلى جزيئيات صغيرة وطلب الأب من الابن أن يجمعها معتقداً بذلك أنه انتصر على طفله لكن الطفل صدم والده بعد دقائق عاد ببناء خارطة العالم .. اندهش الأب مما حدث وبدأ يتساءل مذهولا: هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا ؟ ابتسم الطفل وقال لا يا أبي لكني وجدت صورة لإنسان خلف خارطة العالم وعندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم.

يقول " مهاتير محمد " رئيس وزراء ماليزيا أن سر النهضة التي وصلت إليها بلده تكمن ، بعدما خصصت 25 % من ميزانية الدولة إلى قطاع التعليم فمن جامعة واحدة أصبح اليوم لديهم 60 جامعة .. فماذا صنعنا نحن ؟ فلنخجل من وقاحتنا وغباءنا المعهود وعلينا أن نتعلم كيف نساهم في بناء الإنسان فشكر لكل من ناضل وسيناضل من أجل الثقافة والفنون وخاصة السينما والمسرح ويساهم في بناء الإنسان ..

وأخيراً أقول لكل من يملك سلطة.. ما مصير مركز عبد الله الحوراني؟ فهو لا يستحق منكم هذا الاهمال المتعمد .. افتحوا أبواب المعرفة لا قيمة للأوطان إن سقط الإنسان.. فالجهل يصنع من المخلوقات الطيبة وحوش متطرفة تهدد أمن الكون .. فاحذروا القادم ، كي لا تكونوا عبيداً حتى إشعار آخر .

كلمات دلالية

اخر الأخبار